المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التبرك ....!!


عبدالله الفضلي
05-01-2005, 12:04
التــَـــــــــــــبَـرُّك
تقول : تبرك يتبرك تبركاً. مأخوذ من البركة.
قال أبو منصور في « تهذيب اللغة » (10/231) :
« وأصل البركة : الزيادة والنماء » .
فالبركة : زيادة ونماء في شيءٍ يريده المتـبرك في تـبركه بـما تـبرك به .

وهذه الزيادة والنماء قد تكون في أمكنةٍ وقد تكون في ذوات وقد تكون في صفاتٍ، هذا على مقتضى ورودها اللغوي، وأما الشرعي فيأتي تفصيل الكلام فيه إن شاء الله .

ومن الأول قولــه تعــالى : {وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها }، وقـولــه : {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}. وقوله : {لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض}، وقوله : {وقل رب أنزلني منزلاً مباركاً}.

ومن الثاني قوله تعالى : {وباركنا عليه وعلى إسحاق، ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين}، وقوله تعالى في قصة نوح : {اهبط بسلامٍ منا وبركاتٍ عليك وعلى أمم ممن معك}.

ومن الثالث قوله تعالى : {فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} وقوله : {وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون}.


وإذا تدبرت كتاب الله العزيز وجدت أنه يدل على أن البركة من الله، وتُطلب منه سبحانه وتعالى وحده، وهو يضعها فيمن شاء من خلقه، وفي ما شاء من بريته.
قال تعالى : {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}، وقال : {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}، وقال : {تبارك الذي جعل في السـماء بروجاً} وقال : {فتبارك الله أحسن الخالقـين} وقال : {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام} والآيات الواردة بلفظ «تبارك» كثرة.

ولفظ «تبارك» لم يرد في كتاب الله إلا مسنداً إلى الله، وهي صيغة مفيدة أعظم أنواع معنى البركة، وأكثرها نفعاً، وأعمقها متعلقاً وأثراً.

فالبركة لله، والله سبحانه وتعالى أخبر أنه أعطى بركة لأصنافٍ من خلقه :
فمن ذلك :

1 ـ الأنبياء والــرسـل، كما قال تعــالى : {وبــاركنا عليه وعلى إسحاق} وقال في إبراهيم وأهل بيته : {رحمة الله وبركاته عليكـم أهل البيت} .

وقال في نوح {اهبط بسلامٍ منا وبركاتٍ عليك}. وقال عيسى عليـــه السلام : {وجعلني مباركاً أينما كنت}.

2 ـ ون ذلك وضعه البركة في أماكن العبادة كالمسجد الأقصى والمسجد الحرام قال تعالى :
{سبحــان الـذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله}، وقال تعالى : {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً}.

3 ـ ومن ذلك إخباره عن ما أنزله من الذكر أنه مبارك قال تعالى : {وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون} وهذا الذكر هو القرآن العظيم كما قال تعالى {وهذا كتاب أنزلناه مبارك}، وقوله : {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}.

فالقرآن الحكيم ذكر مبارك، وتدبر آياته عمل مبارك، ومن هذا التدبر علوم القرآن، والسنة مبينة لمجمل القرآن، وهي مباركة، واتباع القرآن والسنة مبارك، وعلومهما الناشئة عن تدبر آيات الكتاب وفقه السنة علوم مباركة.

هـذه أنـواع ثــلاثة فيهــا بركــة خــاصة، دل عليهـا الــذكر الحــكـــيم .

وهــنــاك بركـــة عـــامـة، لهـــا أنــواع أيضـــاً :
فمن ذلك :

1ـ أن المطر مبـارك لما يحصــل به من زيادة في معيش الناس وزروعهم، ونماء في ذلك قال تعالى : {ونزلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جناتٍ وحب الحصيد}.

2ـ ومن ذلـك مبــارك مبـاركتـه تعالى ما يأتي من السـماء وما يخرج من الأرض، كـما قال : {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السـماء والأرض}.

فهذه وأشباهها، مباركة عامة يحصل بها النفع والخير، والنماء والزيادة.

ولعله يظهر أن الـبركة الخاصة اللازمة لذاتٍ ـ دون المكان والصفة ـ تكون متعدية يحصل التـبرك بأعيانها لما فيها من الـبركة اللازمة الدائمة بالذات.

وأما البركة الخاصة بمكان العبادة كالمسجد الحرام والمسجد النبوي فإن الــبركة لا تكــون متعدية بأجزاء المسجد، فلا يُتمسح بأعمدة المساجد ولا جدرانها بإجماع المسلمين، والمساجد مباركة، فعلم أن بركتهـا مهنـاها زيادة ونماء في ما يحصله العابد من الخير، فالمسجد الحرام صلاة فيه بمئة ألف صلاةٍ فيما سواه، والمسجد النبوي بألف صلاة.

وهذا نحو بركة الرسل صلوات الله عليهم، فإنها في أحدِ قسميها بركـة اتبـاع وعمـل، فالمتبع لسنتهم المهتدي بهديهم يحصل له نماء وزيادة في ثواب عمله بسبب اتباعهم فهذا معنى البركة الخاصة بقسميها.

بخلاف المباركة العامة فإنها قد تحصل في وقتٍ دون وقت، أو في نوع دون نوع. فمـما هو بين أنه ما جاء من السـماء وخرج من الأرض يكــون مباركاً دائـماً، بل إعطاؤه الـبركة من الله متعلق بأمورٍ أخــرى، إن وُجدت ُأعطي الـبركة، وإن انتفت زالت الـبركة، فهي بركة عامة من حيث ظرفها، خاصة من حيث وقتُها، غـير لازمة للشيء.

إذا تقرر هذا، فالـبركة في مواردها من الكتاب والسنة قسـمان :

الأول : بركـة ذات، وأثـرهـا أن يكون ما اتصل بتلك الذات مباركاً، وهذا النوع للأنبياء والمُرسلـين لا يشركهم فيه غيـرُهم، حتى أكــابـر أصحـاب النبي كأبي بكــر وعمـر وعثـمان وعـلي لا يشركونهم في هذه الـبركة.

ولا يتعدى أثر بركة الأنبياء إلا لمن كان على ما دعى به سائرين، وبعمله مقتــدين، وبأمره ملتزمـين وعن نهيه منتـهـين. ولذا فصحابة لم تتعد إليهم بركته في معركة أحد حين خالفوا أمره وعصوه.

وهذا النوع من تعدي الـبركة قد انقطع بعد موت النبي ، إلا ما كان من أجزاء ذاته باقياً بيقـين بعد موته عند أحد، وقد ذهب ذلك المتيقن مع انقراض قرن الصحابة رضي الله عنهم .

الثاني : بركة عمل واتباع : وهي عامة لكل من وافق عمله سنة النبي فكل مسلم فيه بركة عمل مقدرة بقدر اتباعه وموافقته لأمر الله ونهيه، بالائتـمار بالأمر، والانتهاء عن النهي .

ولــذا جاء الحـديث الـذي أخـرجه البخاري في *صحيحه* (9/569) في النخلة : « وإن من الشجر لما بركته كـبركة المسلم» .

فـلكل مسلم بركة بقدره .

وليست هي بركة ذات معلوم هذا باليقـين وما ادعاه مدع، وإنـما هي بركة عمل .

وفي الصالحـين من عباد الله المتبعـين بركة عمل واتباع بقدر ما فيهم من مقتضيات تلك الــبركة، فالعالم بالسنة له بركة علـم، والحافظ لكتاب الله الواقف عند حدوده فيه بركة ٌ من أثر ذلك، وهكذا.

وإن أعلى الصالحين بركة أشدهم اتباعاً لدين الإسلام، ومحافظة على واجباته، ومباعدة عن محرماته.

ومن المحـرمــات أفعـال القلوب، فكـم من مبتعـد عن محرمات الجوارح، خائض في محرمات القلوب، ولا يبالي .

وبهذا تجتمع النصوص، فما كان من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فهو مما اجتمع فيه نوعي البركة.

وما كان من غيرهم فهم ممـا بورك فيهم بركة عمل وعلم واتباع .
ولذا تجد أثر هذه الـبركة لا يتعدى إلا بالأعـمال لا بالذات ولا بأجزائها .

واذا قال ُأسَيْد بن حُضَـيْر في سبب مشروعية التيمم : «لقد بارك الله للناس فيكم ياآل أبي بكر» أخرجه البخاري في « التفسير» من صحيحه .

واللفظ المروي عند الشيخين البخاري ومسلم : «ما هي بأول بركتكم ياآل أبي بكر» ومعنى اللفظين واحد. ومعلوم أنه ما كان أسيد ولا غـيره يبتغي من أبي بكر أو آله بركة ذاتٍ كـما كانوا يفعلونه مع النبي ، من التـبرك بشعره ونحوه .
وإنـما هي بركة عمل هو الإيـمان والتصديق والنصرة والاتباع .

ومن ذلك ما قالته عائشة رضي الله عنها لما تزوج النبي جويرية بنت الحـارث قالت : «فـما رأيت امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها» أخرجه أحمد في «المسند» (6/277)، وأبو داوود في «السنن» بإسنادٍ جيد.

فهذه بركة عمل لتزوج النبي بها، فكان أن سبب ذلك عتقَ كثـير من قومها .




منقول من كتاب؟؟
هذه مفاهيمنـا . . .

لـلعلامة /
صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ،،

عبدالله الفضلي
05-01-2005, 12:06
التبرك بالنبي محمدٍ ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏‏:

إن النبي محمدًا ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ مبارك الذات، مبارك الصفات، مبارك الأفعال، وهذه البركة فيه ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ متحققة في ذاته وصفاته وأفعاله‏.‏

فقد ثبت عن بعض صحابة رسول الله ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ أنهم كانوا يتبركون بأشياء منفصلة عن بدنه كالشعر، والوضوء، والعرق وغير ذلك، مما جاءت به الأحاديث الصحيحة، في الصحيحين وغيرهما‏.‏

فله ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ من أنواع البركة أعلى ما يهبه الله بشرًا من رسله، وأجزاؤه ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ تتعدى بركتها، ويجوز التبرك بها، كما فعلت جماعة من الصحابة‏.‏

وأما آثاره المكانية كمكانٍ سار فيه، أو بقعةٍ صلى فيها، أو أرض نزل بها فلم يعرف دليل شرعي يومئ أو يشير إلى أن بركة بدن الرسول ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ قد تعدت إلى هذا المكان، فيكون مباركًا يشرع التبرك به، ولذا لم يكن يفعل هذا صحابته في حياته ولا بعد مماته‏.‏

فما سار فيه رسول الله أو نزل فيه فلا يجوز التبرك به؛ لأن هذا وسيلة إلى تعظيم البقاع التي لم يشرع لنا تعظيمها، ووسيلة من وسائل الشرك، وما تتبع قوم آثار أنبيائهم إلا ضلوا وهلكوا‏.‏

قال المعرور بن سويد الأسدي: خرجت مع أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب من مكة إلى المدينة، فلما أصبحنا صلى بنا الغداة، ثم رأى الناس يذهبون مذهبًا، فقال‏:‏ أين يذهب هؤلاء‏؟‏
قيل‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ مسجد صلى فيه رسول الله ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ هم يأتون يصلون فيه.
فقال‏:‏ إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، يتبعون آثار أنبيائهم، فيتخذونها كنائس وبيعًا، من أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصل، ومن لا فليمض، ولا يتعمّدها‏.‏ أخرجه سعيد بن منصور في ‏"‏سننه‏"‏، وابن أبي شيبة في ‏"‏المصنف‏"‏ ‏(‏2/376‏)‏، ومحدث الأندلس محمد بن وضاح القرطبي في ‏"‏البدع والنهي عنها‏"‏‏(‏ص41‏)‏، بإسناد صحيح‏.‏

فهذا قول الخليفة الراشد، الذي قال رسول الله ‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏‏:‏ «إن الله ـ عز وجل ـ جعل الحق على قلب عمر ولسانه» أخرجه أحمد ‏(‏2/95‏)‏ عن ابن عمر بإسناد صحيح، ورواه من طريق أخرى عن ابن عمر‏ (‏2/53‏)‏، ورواه أحمد ‏(‏5/145‏)‏، وأبو داود ‏(‏رقم2962‏)‏ عن أبي ذر، ورواه أحمد ‏(‏2/401‏)‏ عن أبي هريرة ورواه جمع عن هؤلاء وغيرهم من الصحابة‏.‏

ولا شك أن قول عمر السالف في النهي عن تتبع الآثار من الحق الذي جعله الله على لسان عمر رضي الله عنه‏.‏ قال ابن وضاح رحمه الله ‏(‏ص43‏)‏‏:‏
‏(‏وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد، وتلك الآثار للنبي ‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما عدا قباء وأحدًا‏)‏ ‏[‏وفي نقل الاعتصام عنه‏:‏ما عدا قباء وحده‏]‏‏.‏

قال ابن وضاح‏:‏ ‏(‏فعليكم بالاتباع لأئمة الهدى المعروفين، فقد قال بعض من مضى‏:‏ كم من أمرٍ هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكرًا عند من مضى، ومتحبب إليه بما يبغضه عليه، ومتقربٍ إليه بما يبعده منه، وكل بدعة عليها زينة وبهجة‏)‏ اهـ‏.‏

فانظر إلى كلامه المتين‏:‏ وكانت وفاة ابن وضاح سنة 286 هـ‏.‏

المقصود من هذا أن السلف سلف الأئمة كانوا ينكرون التبرك بالآثار المكانية، وينكرون تحريها والتعلق بها رجاء بركتها، ولم يخالف في ذلك إلا ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فقد كان يتتبع الأماكن التي صلى فيها رسول الله ‏ ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ فيصلي حيث صلى، ونحو ذلك‏.‏
وما نقل نقل مصدق عن غير ابن عمر من الصحابة أنه كان يفعل مثل ما فعل ابن عمر في الآثار المكانية‏.‏


وابن عمر ما كان يطلب بركة المكان،ولكنه يطلب تمام الاقتداء
بكل ما فعله رسول الله ‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ في جميع أحواله،
حتى إنه أراد الصلاة في كل مكانٍ صلى فيه رسول الله ‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وكان يتتبع ذلك ويعلمه،وما كان فعله ـ فيما يظهر ـ قصدًا للتبرك بالبقعة كما يفهمه المتأخرون، وإنما قصد تمام الاقتداء، ولم يفعله غيره من صحابة المصطفى ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ــ‏ ولم يوافقوه، بل إن أباه نهى الناس عن تتبع الآثار المكانية، وقوله مقدم على رأي ابنه عند الخلاف باتفاق، وهو خلاف لا يقوم في مقابلة اتفاق عمل الصحابة على ترك ما فعله ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ ولا شك أن الصواب، والحق مع عمر ـ رضي الله عنه ـ وبقية الصحابة، وهو الحري بالاتباع، الفاصل عند النزاع، والله أعلم‏.

عبدالله الفضلي
05-01-2005, 12:08
التــــــبرك بـــذوات الصــــــــالحـــين ‏
قد تقدم أن بركة الذوات لا تكون إلا لمن نص الله على إعطائه البركة كالأنبياء والمرسلين .
وأما غيرهم من عباد الله الصالحين فبركتهم بركة عملٍ، أي‏:‏ ناشئة عن علمهم وعملهم واتباعهم لا عن ذواتهم، ومن بركات الصالحين‏:‏ دعاؤهم الناس إلى الخير ودعاؤهم لهم ونفعهم الخلق بالإحسان إليهم بنيةٍ صالحة ونحو هذا‏.‏
ومن آثار بركات أعمالهم ما يجلب الله من الخير بسببهم ويدفع من النقمة والعذاب العام ببركة إصلاحهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ‏}‏ [‏هود‏:‏ 117‏]‏‏.‏
وأما أن يعتقد أن ذواتهم مباركة، فيتمسح بهم، ويشرب سؤرهم وتقبل أيديهم للبركة دائمًا ونحو ذلك، فهو ممنوع في غير الأنبياء لأوجه‏:‏
الأول‏:‏ عدم مقاربة أحدٍ للنبي ‏‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏ فكيف بالمساواة في البركة والفضل‏.
الثاني‏:‏ أنه لم يرد دليلُ شرعي يدل على أن غير النبي ‏‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ مثلُه في التبرك بأجزاء ذاته، فهو خاص به كغيره من خصائصه‏.‏
الثالث‏:‏ ما قاله الشاطبي ـ رحمه الله ـ حين تعرض لقياس غير النبي عليه بجامع الولاية، قال في كتابه ‏"‏الاعتصام‏"‏ ‏(‏2/6ـ7‏)‏‏:‏ ‏إذ لم يترك النبي – صلى الله عليه وسلم – بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فهو كان خليفته، ولم يفعل به شيء من ذلك .
«‏إلا أنه عارضنـا في ذلك أصل مقطوع به في متنه، مشكل في تنزيله، وهو أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لم يقع من أحدٍ منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خَلـَفه .
ولا عمر رضي الله عنهما، وهو كان أفضل الأمة بعده
ثم كذلك عثمان ثم عليّ ثم سائر الصحابة، الذين لا أحد أفضل
منهم في الأمة، ثم لم يثبت لواحدٍ منهم من طريق صحيح معروف أن متبركًا تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها ‏[‏يعني التبرك بالعرق والشعر والوضوء ونحو ذلك‏]‏ .
بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيها النبي ‏‏‏‏- صلى الله عليه وسلم - .
فهو إذًا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء‏)‏ اهـ ‏.‏
وكذا لم يفعلوا ذلك مع الحسن والحسين - رضي الله عنهما – ولا فاطمة - رضي الله عنهم أجمعين - .
فالبركة الذاتية لا تنتقل بالنطفة، خلافًا لمن زعم غير ذلك من غلاة الرافضة، ومن تبعهم من مقلدة وغيرهم‏.‏
الرابع‏:‏ أن سَدّ الذرائع قاعدة من قواعد الشريعة العظيمة قد دَلّ عليها القرآن العظيم في مواضع، وفي السنة شيء كثير يقارب صحيحه المئة . ولعلّه لهذا لم يسلسل التبرك بذوات الصالحين، إنما اختص به الأنبياء‏.‏
الخامس‏:‏ أن فعل هذا النوع من التبرك مع غيره ‏‏‏‏- صلى الله عليه وسلم - ‏ لا يؤمن أن يفتنه، وتعجبه نفسه فيورثه العجب والكبر والرياء وتزكية نفسه، وكل هذا من محرمات أفعال القلوب‏.‏
العلامة / صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ،،

عبدالله الفضلي
05-01-2005, 12:11
فصــــــــــــــــــــل

قال صاحب المفاهيم ‏ص156‏‏ بعد أن ساق آثارًا وأحاديث فيها تبرك بعض الصحابة بذات النبي ‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ أو بعض أجزاء ذاته، قال‏:‏

‏(‏والحاصل من هذه الآثار والأحاديث هو أن التبرك به -‏‏ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وبآثاره وبكل ما هو منسوب إليه سنة مرفوعة، وطريقة محمودة مشروعة‏)‏ اهـ‏.‏

أقول‏:‏ في هذا الكلام إجمال سببه عدم التحقيق، وترك تدبر
النصوص، فصاحب المفاهيم لم يفرق بين التبرك بذاته‏‏، ‏ أو ما
انفصل منه، وبين الآثار الأرضية من بقاع صلى فيها، أو جلس فيها‏.‏
الأول‏:‏ كما تقدم بيانه قد فعل بحضرة النبي محمدٍ ‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ وأقره فهو سنة ومشروع‏.‏
الثاني‏:‏ وهو التبرك بالآثار الأرضية، فليس بمشروع، ولذا لم يستطع صاحب المفاهيم أن يأتي بدليلٍ يصدق عليه دعواه العريضة في قوله‏:‏ ‏(‏سنة مرفوعة‏)‏، وهذا من عدم التفرقة بين المتفرقات، وترك سبيل المحققين من أهل العلم‏.‏

ومما يدل على أن التبرك بالآثار الأرضية غير مشروع ومحدثٌ أمورٌ‏:‏

الأو ل‏:‏ أن هذا النوع من التبرك لم يكن في عهده ‏‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ولم ينقل فيه شيء نقلًا مصدقًا، لا بإسنادٍ صحيح ولا حسن ولا ضعيف، فلم ينقل أن أحدًا تبرك في زمانه بأثر له أرضي، وإذا لم ينقل مع توافر الدواعي على نقله، ووجود الهمم على نقل ما هو دونه بكثير‏:‏ علم أنه لم يكن في زمانه ‏‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وما كان كذلك فإحداثه بدعة، وكل بدعة ضلالة، والبدع يجب النهي عنها ومضادتها‏.‏
وهذا ما أرشد الخليفة الراشد إلى النهي عنه، وعن تتبع الآثار الأرضية، كما مَرّ في ما رواه المعرور بن سويد الأسدي‏.‏
الثاني ‏:‏ أن بركة ذوات الأنبياء والمرسلين لا تتعدى إلى الأمكنة الأرضية، وإلا لزم أن يكون كل أرضٍ وطئها، أو جلس عليها، أو طريق مر بها، تطلب بركتها، ويتبرك بها‏.‏ وهذا لازم باطل قطعًا، فانتفى الملزوم، وهذا جلي لمن تأمل اتساعه وتسلسله‏.‏
الثالث ‏:‏ أن طلب التبرك بالأمكنة الأرضية خلاف سنة الأنبياء جميعًا قبل نبينا محمد ‏‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ فلم يتحروا الآثار الأرضية للأنبياء قبلهم، ولا أمروا بتحريها، وكل ما كان خلاف ذلك فهو مما أحدثه الخلوف ـ الذين يفعلون ما لا يؤمرون ـ بعد أنبيائهم حين صعبت عليهم التكاليف الشرعية، فرغبوا في التعلق لغفران الذنوب وزيادة الحسنات بالتبرك المبتدع بالآثار المكانية؛ ولذا قال عمر‏:‏ ‏(‏إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا، يتبعون آثار أنبيائهم‏)‏، وقد سبق تخريجه‏.‏
الرابع ‏:‏ أن الأمكنة الأرضية لا تكون مباركة إلا بدوم الطاعة فيها، وهي سبب إعطاء الله البركة، فالمساجد مباركة لذلك، وبركتها لا تكون مع زوال الطاعات عنها‏.‏
فمما يمثل به على هذا‏:‏ أن المساجد التي غلب عليها الحربيون وصيروها كنائس زالت عنها بركة المسجد التي كانت حين كان يطاع الله فيه، وبعد أن أحدث فيها الشرك وتعبد فيها بغير شريعة الإسلام، فالبركة تنتزع، وهذا مما لا منازع فيه ولا مجادل‏.‏
الخامس ‏:‏ أن التبرك بالآثار المكانية وسيلة إلى ما هو أعظم‏:‏ من تقديسها والاعتقاد فيها، ولا غرو، فقد قال الإخباريون عن أولاد إسماعيل ‏(‏‏:‏ أنهم ‏(‏ضاقت عليهم مكة، ووقعت بينهم الحروب والعداوات، وأخرج بعضهم بعضًا فتفسحوا في البلاد والتماس المعاش‏.‏
وكان الذي سلخ بهم إلى عبادة الأوثان والحجارة أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجرًا من حجارة الحرم تعظيمًا للحرم وصبابة بمكة‏)‏ ‏[‏‏"‏الأصنام‏"‏‏(‏ص6‏)‏، ولم أسقه للاستدلال، وإنما لبيان ما قيل في حالهم‏]‏‏.‏
وما كان هذا شأنه فمنعه أوجب، إذ الوسيلة إلى ما ليس بمشروع ليست بمشروعة سدًا للباب، وقطعًا للذريعة‏.‏
إن الســلامة من سلمى وجــارتهــا ** أن لا تحلََّ على حالٍّ بواديهــا
السادس ‏:‏ أن تعظيم الرسول ‏‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ والتماس بركته وتحريها يكون بما بقي اليوم من نوعي البركة وهي بركة الاتباع، والعمل بسنته، وجهاد أعداء سنته، والمخالفين لأوامر شرعه، والمنافقين الذي فتنوا الناس وأضلوهم، وبهذا رغب السلف من التابعين وأئمة الهدى، الذين حققوا محبة رسول الله ‏‏‏ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏ ‏ فنالهم من بركة اتباعه ما أذن الله فيه، وتركوا عدا هذا من التبرك بالآثار الأرضية، فعلم من هذا أن ما تركوه غير معروف عندهم، ولا هو بمشروع‏.‏
وفي هذه الأمور لطالب الهداية والتوفيق مقنع، وللراغب في سداد القول والعمل منجع، وإن الحق لأحق أن يتبع، والحمد لله الموفق
العلامة / صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ،،

منقوووول

الأصيل
05-01-2005, 03:15
يسلمووووووووو اخوي / عبدالله الفضلي على النقل

مشكووووووووووووور

bu_odah
06-01-2005, 11:07
بارك الله لك فى نفسك وأهلك وولدك ومالك وبارك لنا فيك فى هذا المنتدى

عبدالله الفضلي
06-01-2005, 11:15
الأصيل
الله يسلمك

عبدالله الفضلي
06-01-2005, 11:18
أبو عوده
آمين واياك أخي الغالي
وأسأل الله أن يوفقني واياك الى مايحبه ويرضاه ،
ويجعل ماكتبناه حجة لنا لا علينا يوم نلقاه ،
وأن يميتنا ويحيينا على التوحيد والسنه وأن يتجاوز عنا ما نلغو به

راعي العليا
06-01-2005, 02:39
عبدالله الفضلي
جزاك الله خير
جزاك الله
خير

هل الحيزة
07-01-2005, 05:57
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خير اخي الفاضل

وبوركت علي هذا النقل المميز

هل الحيزة

عبدالله الفضلي
08-01-2005, 08:11
راعي العليا
واياك يا الغالي

عبدالله الفضلي
08-01-2005, 08:12
هل الحيزة
واياك يا أختي

أبو عساف
16-01-2005, 02:54
نقل موفق واختيار مسدد

وقد وجدت في شرح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله على زاد المستقنع كتاب الصلاة أن أصل البركة من (البِركة) - بكسر الباء وسكون الراء - وهو مكان اجتماع الماء وهو من النماء والزيادة والقرار

عبدالله الفضلي
18-01-2005, 04:58
أبو عساف حياك الله

أبو عساف
19-01-2005, 11:58
حياك الله اخوي