سلامه العايد
07-10-2007, 10:24
بسم الله الرحمن الرحيم ..˚◦ ๑ ◦˚
كيف نجد في القلب رقة عند تلاوة القرآن..˚◦ ๑ ◦˚
الحمد لله خالق الأكوان ، الرحيم الرحمن ،علم القرآن ، خلق الإنسان
، علمه البيان . وأشهد أن لا إله إلا الله يعلم السر والإعلان ، صاحب الفضل
والإنعام ، عالج قلوب العباد بالقرآن ورفع قارئه في درجات الجنان. وأشهد
أن محمدا سيد ولد عدنان ، من أوتي جوامع الكلم ونطق بأفصح بيان،
صلى الله عليه وعلى آله والصحب الكرام. وبعد فالقرآن الكريم كتاب أنزله
الله هدى للعالمين ، ورحمة للأمم أجمعين وسبيلا لعلاج قلوب الغافلين،
فقوَّم به بعد الاعوجاج ، وهدي من بعد الضلال. ولقد جعل الله لقراءته
منزلة عظيمة ، وبين نبينا صلى الله عليه وسلم فضل ذلك في أحاديثه
الكريمة،
أحاول أن أقطف منها زهرة افتتاحا لمقالتي : فعن أبي موسى
الأشعري رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها
طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ،
ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ،
ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر )
متفق عليه وحسبي أن قارئ هذه الأسطر من النوع الأول قد حقق أصل الإيمان
، وما قصد بقراءته إلا وجه الرحيم الرحمن . ولكن كم من سائل قد سأل :
إني أقرأ القرآن ولا أجد له حلاوة ، ولا زلت أجد في القلب قسوة وبداوة
، ويعلوه ظلمة وتحيطه غشاوة. أقول : أخي -رحمني الله وإياك- هذه شكوى
كثير من الإخوان ، والعلاج يسير بتوفيق المنان ، ومعا نبدأ الخطوة الأولى
نحو العلاج فأقول مستعينا بالله : إن أردت أن تجد في القلب -عند تلاوة القرآن-
رقة فحاول أن تخيم عليه بالحزن والخوف من الله ، ولا يستخفنك حسن الصوت ،
واستحضر معاني الآيات في قلبك وابك عند تلاوتها . فيا من تشكو قسوة :
ابك عند قراءة كلام ربك ، فإن في كلماته رقة وتأثيرا عظيماً ، فكم
من آية تتحدث عن العذاب ، وكم من آية تتوعد العصاة بشديد العقاب. كم
من آية تتحدث عن جلال الله ، كم من آية سبحت بك في ملكوت السماوات والأرض
، وبينت أن ربك وسع كرسيُّه السماوات والأرض. استحضر بقلبك مصيرك ، وتدبر
ما في الآيات من عبرة ؛ لتسيل من عينيك العبرة ، فتحطم صخورا قد علت فوق قلبك ،
فحجبت عنه نور ربك ، ولنا في سلفنا أسوة ، فانظر إليهم بعين الاقتداء :
فعن أبي صالح قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضي الله عنه
فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون . فقال أبو بكر : هكذا كنا حتى قست القلوب.
وهذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه صلى بالناس ذات ليلة
فقرأ سورة (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) (الليل:1) فلما بلغ
(فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى) (الليل:14) خنقته العبرة ،
فلم يستطع أن ينفذها ، فرجع حتى إذا بلغها خنقته العبرة فلم يستطع أن ينفذها
فقرأ سورة غيرها . وكن -يا صاحب الشكوى- مع الآيات متفاعلا ، فمع آيات العذاب خوفا
، ومع آيات الرحمة طلبا ورجاء فعن حذيفة بن اليمان : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا مر بآية رحمة سأل ، وإذا مر بآية فيها عذاب تعوذ )
هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم
وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فكيف بنا نحن . واعلم أن البكاء من شيم الأنبياء
والصالحين ولا سيما عند تلاوة كلام رب العالمين قال تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ
أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً) (الاسراء:107)
وقال تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ
وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ
آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) (مريم:58) ..˚◦ ๑
◦˚ فعلاج قلبك
أن تتدبر الآيات تدبرا حكيما حتى تبكي فيرق قلبك ...˚◦ ๑ ◦˚
ولقائل أن يقول : إنني أقرأ ولا أستطيع بكاءا ، وأجد من ذلك عناءا ، فأقول -رحمني
الله وإياك- : إن كل طريق يحتاج إلى مجاهدة حتى تصل إلى ماتريد ولقد
قال العزيز الحميد: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ
لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
فإن كنت لاتستطيع بكاءا فتباكى ، أي
حاول ولا تيأس ، بصدق نية وحسن توكل
على الله ، ولا تفهم من قولي أن تتصنع
ما ليس فيك فتقع في شر وخيم من رياء
وحب محمدة ، فهذا قطعا غير مقصود ،
وإنما أن تدرب نفسك في خلواتك على
استحضار المعاني والبكاء عليها ،
وأبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (
إنما العلم بالتعلم
وإنما الحلم بالتحلم)
فهذه المحاولات الصادقة
في خشوعك أثناء القراءة
ستؤتي ثمارها ولو بعد حين
. ..˚◦ ๑ ◦˚ أما أدوات المحاولة الصادقة :..˚◦ ๑ ◦˚
أن تُشرك القلب والعقل مع اللسان
عند التلاوة ، بعدها ستجد للقرآن حلاوة.
قال الغزالي في الإحياء: (
وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه العقل
واللسان والقلب . فحظ اللسان : تصحيح الأخطاء
بالترتيل. وحظ العقل : تفسير المعاني .
وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار
، فاللسان يرتل ، والعقل يترجم ،
والقلب يتعظ .)
هذه خطوة على طريق علاج
قلبك بالقرآن ، وإنني أسأل الله الرحيم الرحم
أن يوجد في قلبي وقلوبكم رقة وخشية ،
وأن يجعلنا من أهله وخاصته إنه ولي
ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد وعلى آله
وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين
المصدر:طريق القرآن
كيف نجد في القلب رقة عند تلاوة القرآن..˚◦ ๑ ◦˚
الحمد لله خالق الأكوان ، الرحيم الرحمن ،علم القرآن ، خلق الإنسان
، علمه البيان . وأشهد أن لا إله إلا الله يعلم السر والإعلان ، صاحب الفضل
والإنعام ، عالج قلوب العباد بالقرآن ورفع قارئه في درجات الجنان. وأشهد
أن محمدا سيد ولد عدنان ، من أوتي جوامع الكلم ونطق بأفصح بيان،
صلى الله عليه وعلى آله والصحب الكرام. وبعد فالقرآن الكريم كتاب أنزله
الله هدى للعالمين ، ورحمة للأمم أجمعين وسبيلا لعلاج قلوب الغافلين،
فقوَّم به بعد الاعوجاج ، وهدي من بعد الضلال. ولقد جعل الله لقراءته
منزلة عظيمة ، وبين نبينا صلى الله عليه وسلم فضل ذلك في أحاديثه
الكريمة،
أحاول أن أقطف منها زهرة افتتاحا لمقالتي : فعن أبي موسى
الأشعري رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها
طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ،
ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ،
ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر )
متفق عليه وحسبي أن قارئ هذه الأسطر من النوع الأول قد حقق أصل الإيمان
، وما قصد بقراءته إلا وجه الرحيم الرحمن . ولكن كم من سائل قد سأل :
إني أقرأ القرآن ولا أجد له حلاوة ، ولا زلت أجد في القلب قسوة وبداوة
، ويعلوه ظلمة وتحيطه غشاوة. أقول : أخي -رحمني الله وإياك- هذه شكوى
كثير من الإخوان ، والعلاج يسير بتوفيق المنان ، ومعا نبدأ الخطوة الأولى
نحو العلاج فأقول مستعينا بالله : إن أردت أن تجد في القلب -عند تلاوة القرآن-
رقة فحاول أن تخيم عليه بالحزن والخوف من الله ، ولا يستخفنك حسن الصوت ،
واستحضر معاني الآيات في قلبك وابك عند تلاوتها . فيا من تشكو قسوة :
ابك عند قراءة كلام ربك ، فإن في كلماته رقة وتأثيرا عظيماً ، فكم
من آية تتحدث عن العذاب ، وكم من آية تتوعد العصاة بشديد العقاب. كم
من آية تتحدث عن جلال الله ، كم من آية سبحت بك في ملكوت السماوات والأرض
، وبينت أن ربك وسع كرسيُّه السماوات والأرض. استحضر بقلبك مصيرك ، وتدبر
ما في الآيات من عبرة ؛ لتسيل من عينيك العبرة ، فتحطم صخورا قد علت فوق قلبك ،
فحجبت عنه نور ربك ، ولنا في سلفنا أسوة ، فانظر إليهم بعين الاقتداء :
فعن أبي صالح قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضي الله عنه
فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون . فقال أبو بكر : هكذا كنا حتى قست القلوب.
وهذا أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه صلى بالناس ذات ليلة
فقرأ سورة (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى) (الليل:1) فلما بلغ
(فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى) (الليل:14) خنقته العبرة ،
فلم يستطع أن ينفذها ، فرجع حتى إذا بلغها خنقته العبرة فلم يستطع أن ينفذها
فقرأ سورة غيرها . وكن -يا صاحب الشكوى- مع الآيات متفاعلا ، فمع آيات العذاب خوفا
، ومع آيات الرحمة طلبا ورجاء فعن حذيفة بن اليمان : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا مر بآية رحمة سأل ، وإذا مر بآية فيها عذاب تعوذ )
هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم
وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فكيف بنا نحن . واعلم أن البكاء من شيم الأنبياء
والصالحين ولا سيما عند تلاوة كلام رب العالمين قال تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ
أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً) (الاسراء:107)
وقال تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ
وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ
آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً) (مريم:58) ..˚◦ ๑
◦˚ فعلاج قلبك
أن تتدبر الآيات تدبرا حكيما حتى تبكي فيرق قلبك ...˚◦ ๑ ◦˚
ولقائل أن يقول : إنني أقرأ ولا أستطيع بكاءا ، وأجد من ذلك عناءا ، فأقول -رحمني
الله وإياك- : إن كل طريق يحتاج إلى مجاهدة حتى تصل إلى ماتريد ولقد
قال العزيز الحميد: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ
لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
فإن كنت لاتستطيع بكاءا فتباكى ، أي
حاول ولا تيأس ، بصدق نية وحسن توكل
على الله ، ولا تفهم من قولي أن تتصنع
ما ليس فيك فتقع في شر وخيم من رياء
وحب محمدة ، فهذا قطعا غير مقصود ،
وإنما أن تدرب نفسك في خلواتك على
استحضار المعاني والبكاء عليها ،
وأبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (
إنما العلم بالتعلم
وإنما الحلم بالتحلم)
فهذه المحاولات الصادقة
في خشوعك أثناء القراءة
ستؤتي ثمارها ولو بعد حين
. ..˚◦ ๑ ◦˚ أما أدوات المحاولة الصادقة :..˚◦ ๑ ◦˚
أن تُشرك القلب والعقل مع اللسان
عند التلاوة ، بعدها ستجد للقرآن حلاوة.
قال الغزالي في الإحياء: (
وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه العقل
واللسان والقلب . فحظ اللسان : تصحيح الأخطاء
بالترتيل. وحظ العقل : تفسير المعاني .
وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار
، فاللسان يرتل ، والعقل يترجم ،
والقلب يتعظ .)
هذه خطوة على طريق علاج
قلبك بالقرآن ، وإنني أسأل الله الرحيم الرحم
أن يوجد في قلبي وقلوبكم رقة وخشية ،
وأن يجعلنا من أهله وخاصته إنه ولي
ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد وعلى آله
وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن
الحمد لله رب العالمين
المصدر:طريق القرآن