رشيد الكثيري
22-01-2005, 12:37
صورة العيد واختلاف نظرة الشعراء إليها
رْشَيد الكثيري
إعتاد الشعراء في قديم العصور وحديثها على إظهار مشاعرهم والتعبير عنها بنظم القصائد التي تحكي مافي دواخل نفوسهم من أفراح وأتراح ، ولأن لكل قصيدة مناسبة فإن لكل مناسبة مشاعرٌ خاصة يعبر عن طريقها الشعراء ما أحسوا به في تلك المناسبات التي تختلف وتتفاوت فرحتها من مناسبةٍ لأخرى ، خاصةً إذا كانت أيامها في محل تلهّف وترقّب من الناس كأيام العيدين الفطر والأضحى ، فيوم العيد له نكهةٌ تختلف كثيراً لدى المسلمين عن بقيّة الأيّام الأُخَر ..
فتجد المسلم يلبس أفضل مالديه من اللبس ، ويظهر في أحسن صورةٍ للناس ، وفيه يتجه المسلم لله إبتداءاً من آداء الصلاة حتى الإنتهاء من صلة الأرحام وباقي المسلمين بالسلام عليهم ، وبالرغم من ذلك فإن هناك من يرون بأن العيد ليس إلا للهو والفرح ، وفي هذا يقول الحسن بن أبي الحسن ، وقد نظر إلى الناس يلعبون ويضحكون في يوم العيد :
( إن الله قد جعل شهر رمضان مضمار الخَلْق، يستبقون فيه لطاعته إلى مرضاته، فالعجب من الضاحك واللاعب في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه، ومسيء بإساءته عن تجديد ثوب أو ترجيل شعر ).
ويوافقه قول منصور الفقيه ، حين قال :
أتلهو وقد ذهب الأطـيبـان = _ وأنذرك الشيب قرب الأجل
كأنك لم تـرَ حـياً يمـوت = _ ولم تر ميْتاً على مغتسـل
وأيضاً قول الزاهد أبى اسحق بن قشوم ، حيث يقول :
يروقك يوم العيد حسن ملابـس = _ ونعمة أجـسـام ولـين قـدود
أجل لحظات الفكر منك فلا ترى = _ سوى خرق تبلي وطعـمة دود
وفي مقابل ذلك ، هناك من يستبشر بقدوم العيد وإطلالة هلاله والإعلان عن ابتداء اللهو فرحاً بانجلاء شهر الصوم والعبادة ، كقول مؤيد الدين الطفرائي حين قال :
قوموا إلي لذاتـكـم يا نـيام = _ وأترعوا الكأس بصفو المدام
هذا هلال العيد قد جـاءنـا = _ بمنجل يحصد شهر الصـيام
وكما اعتاد الخلق واتفق البشر على أن يوم العيد لا يطلق إلا على يومي عيد الفطر والأضحى ، فإن هناك من يرون بأن العيد هو لقاء من يحبون رؤيته ، كقول أبي السمط مروان الأصفر في هذا البيت :
فأصبحت ذا بـعـدٍ وداري قـريبة = _ فواعجبا من قرب داري ومن بعدي
فيا ليت أن العيد لـي عـاد يومـه = _ فإني رأيت العيد وجهك لي يبـدي
وأفضل منه قول أبي الحسن محمد بن عبد الله بن محمد (ابن سكرة ) :
أتاك العيد مقتـبـلاً جـديداً = _ وجدك فيه مقتبلُ سـعـيد
يهني الناس بالأعياد فينا = _ وأنت لنا برغم العيد عيدُ
ومن الأمور الغريبة والمحزنة أن يصبح الأمر سيان بين الشعور تجاه يوم العيد وباقي الأيام ، لافرق بينهما لدى البعض أو قد يكون يوم العيد أيضاً لايمثل شيئاً لديهم لبعد الأحباب ومرارة الجفاء ، كقول أبي عبد الله بن الحجاج :
قالوا غدا العيد فاستبشر به فرحـاً = _ فقلت ما لي وما للعيد والفـرح
قد كان داء الهوى لم تمس نـازلة = _ بعقوتي وغراب البين لم يصـح
أيام لم يخترم قربي المنـون ولـم = _ يغد الصباب على شملي ولم يرح
فاليوم بعدك قلبي غير منفـسـح = _ لما يسر وصدري غير منشـرح
رْشَيد الكثيري
إعتاد الشعراء في قديم العصور وحديثها على إظهار مشاعرهم والتعبير عنها بنظم القصائد التي تحكي مافي دواخل نفوسهم من أفراح وأتراح ، ولأن لكل قصيدة مناسبة فإن لكل مناسبة مشاعرٌ خاصة يعبر عن طريقها الشعراء ما أحسوا به في تلك المناسبات التي تختلف وتتفاوت فرحتها من مناسبةٍ لأخرى ، خاصةً إذا كانت أيامها في محل تلهّف وترقّب من الناس كأيام العيدين الفطر والأضحى ، فيوم العيد له نكهةٌ تختلف كثيراً لدى المسلمين عن بقيّة الأيّام الأُخَر ..
فتجد المسلم يلبس أفضل مالديه من اللبس ، ويظهر في أحسن صورةٍ للناس ، وفيه يتجه المسلم لله إبتداءاً من آداء الصلاة حتى الإنتهاء من صلة الأرحام وباقي المسلمين بالسلام عليهم ، وبالرغم من ذلك فإن هناك من يرون بأن العيد ليس إلا للهو والفرح ، وفي هذا يقول الحسن بن أبي الحسن ، وقد نظر إلى الناس يلعبون ويضحكون في يوم العيد :
( إن الله قد جعل شهر رمضان مضمار الخَلْق، يستبقون فيه لطاعته إلى مرضاته، فالعجب من الضاحك واللاعب في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه، ومسيء بإساءته عن تجديد ثوب أو ترجيل شعر ).
ويوافقه قول منصور الفقيه ، حين قال :
أتلهو وقد ذهب الأطـيبـان = _ وأنذرك الشيب قرب الأجل
كأنك لم تـرَ حـياً يمـوت = _ ولم تر ميْتاً على مغتسـل
وأيضاً قول الزاهد أبى اسحق بن قشوم ، حيث يقول :
يروقك يوم العيد حسن ملابـس = _ ونعمة أجـسـام ولـين قـدود
أجل لحظات الفكر منك فلا ترى = _ سوى خرق تبلي وطعـمة دود
وفي مقابل ذلك ، هناك من يستبشر بقدوم العيد وإطلالة هلاله والإعلان عن ابتداء اللهو فرحاً بانجلاء شهر الصوم والعبادة ، كقول مؤيد الدين الطفرائي حين قال :
قوموا إلي لذاتـكـم يا نـيام = _ وأترعوا الكأس بصفو المدام
هذا هلال العيد قد جـاءنـا = _ بمنجل يحصد شهر الصـيام
وكما اعتاد الخلق واتفق البشر على أن يوم العيد لا يطلق إلا على يومي عيد الفطر والأضحى ، فإن هناك من يرون بأن العيد هو لقاء من يحبون رؤيته ، كقول أبي السمط مروان الأصفر في هذا البيت :
فأصبحت ذا بـعـدٍ وداري قـريبة = _ فواعجبا من قرب داري ومن بعدي
فيا ليت أن العيد لـي عـاد يومـه = _ فإني رأيت العيد وجهك لي يبـدي
وأفضل منه قول أبي الحسن محمد بن عبد الله بن محمد (ابن سكرة ) :
أتاك العيد مقتـبـلاً جـديداً = _ وجدك فيه مقتبلُ سـعـيد
يهني الناس بالأعياد فينا = _ وأنت لنا برغم العيد عيدُ
ومن الأمور الغريبة والمحزنة أن يصبح الأمر سيان بين الشعور تجاه يوم العيد وباقي الأيام ، لافرق بينهما لدى البعض أو قد يكون يوم العيد أيضاً لايمثل شيئاً لديهم لبعد الأحباب ومرارة الجفاء ، كقول أبي عبد الله بن الحجاج :
قالوا غدا العيد فاستبشر به فرحـاً = _ فقلت ما لي وما للعيد والفـرح
قد كان داء الهوى لم تمس نـازلة = _ بعقوتي وغراب البين لم يصـح
أيام لم يخترم قربي المنـون ولـم = _ يغد الصباب على شملي ولم يرح
فاليوم بعدك قلبي غير منفـسـح = _ لما يسر وصدري غير منشـرح