المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : = : (( بين لاميتي العرب والعجم )) : =


باحث
25-01-2008, 11:04
بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني الكرام / أعضاء ومتصفحي منتديات قبيلة الفضول الرسمية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : لما للتلازم بين الاسمين لامية العرب للشنفرى الأزدي أحد صعاليك العرب الكثر في الجاهلية مثل تابط شرا والسليك بن سلكه وغيرهم ولامية العجم للطغرائي المتوفي ( 514هـ - وقيل 515هـ ) وهو العميد مؤيّد الدين ، أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبدالصمد الأصبهاني فاليكموها أولا لامية العرب ثم لامية العجم :

أقيمـوا بنـي أمِّـي ، صُـدُورَ مَطِيِّكـم
= فإنـي ، إلـى قـومٍ سِواكـم لأمـيـلُ !

فقـد حُمَّـتِ الحاجـاتُ ، والليـلُ مقمـرٌ
= وشُـدَّت ، لِطيـاتٍ ، مطايـا وأرحُــلُ؛

وفي الأرض مَنْأىً ، للكريم ، عـن الأذى
= وفيهـا ، لمـن خـاف القِلـى ، مُتعـزَّلُ

لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضيقٌ علـى أمـرئٍ
= سَرَى راغبـاً أو راهبـاً ، وهـو يعقـلُ

ولي ، دونكم ، أهلـونَ : سِيْـدٌ عَمَلَّـسٌ
= وأرقـطُ زُهْـلُـولٍ وَعَـرفـاءُ أجْـيـلُ

هم الأهـلُ . لا مستـودعُ السـرِّ ذائـعٌ
= لديهم ، ولا الجانـي بمـا جَـرَّ ، يُخْـذَلُ

وكـلٌّ أبـيٌّ ، باسـلٌ . غـيـر أنـنـي
= إذا عرضـت أولـى الطـرائـدِ أبـسـلُ

وإن مُدَّتْ الأيدي إلـى الـزاد لـم أكـن
= بأعجلهـم ، إذ أجْشَـعُ القـومِ أعـجـلُ

ومـاذاك إلا بَسْـطَـةٌ عــن تفـضـلٍ
= عَلَيهِـم ، وكنـتُ الأفضـلَ المتفـضِّـلُ

وإنـي كفانـي فَقْـدُ مـن ليـس جازيـاً
= بِحُسنـى ، ولا فــي قـربـه مُتَعَـلَّـلُ

ثلاثـةُ أصـحـابٍ : فــؤادٌ مشـيـعٌ ،
= وأبيـضُ إصليـتٌ ، وصفـراءُ عيطـلُ

هَتوفٌ ، من المُلْـسِ المُتُـونِ ، يزينهـا
= رصائـعُ قـد نيطـت إليهـا ، ومِحْمَـلُ

إذا زلّ عنهـا السهـمُ ، حَنَّـتْ كأنـهـا
= مُـرَزَّأةٌ ، ثكـلـى ، تــرِنُ وتُـعْـوِلُ

ولسـتُ بمهيـافِ ، يُعَـشِّـى سَـوامـهُ
= مُجَدَعَـةً سُقبانـهـا ، وهــي بُـهَّـلُ

ولا جـبـأ أكـهـى مُــرِبِّ بعـرسِـهِ
= يُطالعهـا فـي شأنـه كـيـف يفـعـلُ

ولا خَــرِقٍ هَـيْـقٍ ، كــأن فُــؤَادهُ
= يَظَـلُّ بـه الكَّـاءُ يعـلـو ويَسْـفُـلُ ،

ولا خـالـفِ داريَّـــةٍ ، مُـتـغَـزِّلٍ ،
= يـروحُ ويـغـدو ، داهـنـاً ، يتكـحـلُ

ولـسـتُ بِـعَـلٍّ شَــرُّهُ دُونَ خَـيـرهِ
= ألفَّ ، إذا مـا رُعَتـه اهتـاجَ ، أعـزلُ

ولسـتُ بمحيـار الظَّـلامِ ، إذا انتحـت
= هدى الهوجلِ العسيـفِ يهمـاءُ هوجَـلُ

إذا الأمعـزُ الصَّـوَّان لاقـى مناسـمـي
= تطـايـر مـنـه قـــادحٌ ومُـفَـلَّـلُ

أُدِيـمُ مِطـالَ الجـوعِ حتـى أُمِيـتـهُ
= وأضربُ عنـه الذِّكـرَ صفحـاً ، فأذهَـلُ

وأستفُّ تُرب الأرضِ كـي لا يـرى لـهُ
=عَلـيَّ ، مـن الطَّـوْلِ ، امـرُؤ مُتطـوِّلُ

ولولا اجتناب الذأم ، لـم يُلْـفَ مَشـربٌ
= يُعـاش بــه ، إلا لــديِّ ، ومـأكـلُ

ولكـنَّ نفسـاً مُــرةً لا تقـيـمُ بــي
= علـى الضيـم ، إلا ريثـمـا أتـحـولُ

وأطوِي على الخُمص الحوايا ، كما انطوتْ
= خُيُـوطَـةُ مــاريّ تُـغـارُ وتـفـتـلُ

وأغدو على القـوتِ الزهيـدِ كمـا غـدا
= أزلُّ تـهـاداه التَّـنـائِـفُ ، أطـحــلُ

غدا طَاويـاً ، يعـارضُ الرِّيـحَ ، هافيـاً
= يخُـوتُ بأذنـاب الشِّعَـاب ، ويعْـسِـلُ

فلمَّـا لـواهُ القُـوتُ مـن حيـث أمَّـهُ
= دعــا ؛ فأجابـتـه نظـائـرُ نُـحَّــلُ

مُهَلْهَلَـةٌ ، شِيـبُ الـوجـوهِ ، كأنـهـا
= قِــداحٌ بكـفـيَّ يـاسِـرٍ ، تتَقَـلْـقَـلُ

أوالخَشْـرَمُ المبعـوثُ حثحَـثَ دَبْــرَهُ
= مَحَابيـضُ أرداهُـنَّ سَــامٍ مُعَـسِّـلُ ؛

مُهَرَّتَـةٌ ، فُــوهٌ ، كــأن شُدُوقـهـا
= شُقُـوقُ العِصِـيِّ ، كالـحـاتٌ وَبُـسَّـلُ

فَضَـجَّ ، وضَجَّـتْ ، بِالبَـرَاحِ ، كـأنَّـه
= وإيـاهُ ، نـوْحٌ فـوقَ عليـاء ، ثُكَّـلُ ؛

وأغضى وأغضتْ ، واتسى واتَّسـتْ بـهِ
= مَرَاميـلُ عَزَّاهـا ، وعَـزَّتـهُ مُـرْمِـلُ

شَكا وشكَتْ ، ثم ارعوى بعـدُ وارعـوت
= ولَلصَّبرُ ، إن لم ينفـع الشكـوُ أجمـلُ!

وَفَـاءَ وفـاءتْ بــادِراتٍ ، وكُلُّـهـا
= علـى نَكَـظٍ مِـمَّـا يُكـاتِـمُ ، مُجْـمِـلُ

وتشربُ أسآرِي القطـا الكُـدْرُ ؛ بعدمـا
= سـرت قربـاً ، أحنـاؤهـا تتصلـصـلُ

هَمَمْتُ وَهَمَّـتْ ، وابتدرنـا ، وأسْدَلَـتْ
= وَشَـمَّـرَ مِـنـي فَــارِطٌ مُتَـمَـهِّـلُ

فَوَلَّيْـتُ عنهـا ، وهـي تكبـو لِعَـقْـرهِ
= يُباشـرُهُ منـهـا ذُقــونٌ وحَـوْصَـلُ

كـأن وغـاهـا ، حجرتـيـهِ وحـولـهُأ
= ضاميـمُ مـن سَفْـرِ القبائـلِ ، نُـزَّلُ ،

توافيـنَ مِـن شَتَّـى إليـهِ ، فضَمَّـهـا
= كمـا ضَـمَّ أذواد الأصـاريـم مَنْـهَـل

فَعَبَّـتْ غشاشـاً ، ثُـمَّ مَـرَّتْ كأنهـا
= مع الصُّبْحِ ، ركبٌ ، من أُحَاظـة مُجْفِـلُ

وآلـف وجـه الأرض عنـد افتراشهـا
= بـأهْـدَأ تُنبـيـه سَنـاسِـنُ قُـحَّـلُ ؛

وأعـدلُ مَنحوضـاً كــأن فصُـوصَـهُ
= كِعَـابٌ دحاهـا لاعـبٌ ، فهـي مُـثَّـلُ

فـإن تبتئـس بالشنـفـرى أم قسـطـلِ
= لما اغتبطتْ بالشنفـرى قبـلُ ، أطـولُ !

طَرِيـدُ جِنايـاتٍ تيـاسـرنَ لَحْـمَـهُ ،
= عَقِيـرَتُـهُ فــي أيِّـهـا حُــمَّ أولُ ،

تنـامُ إذا مـا نـام ، يقظـى عُيُونُهـا
= حِثـاثـاً إلــى مكـروهـهِ تَتَغَـلْـغَـلُ

وإلـفُ همـومٍ مــا تــزال تَـعُـودهُ
= عِياداً ، كحمـى الرَّبـعِ ، أوهـي أثقـلُ

إذا وردتْ أصدرتُـهـا ، ثُــمَّ إنـهــا
= تثوبُ ، فتأتي مِـن تُحَيْـتُ ومـن عَـلُ

فإمـا ترينـي كابنـة الرَّمْـلِ ، ضاحيـاً
= علـى رقــةٍ ، أحـفـى ، ولا أتنـعـلُ

فأنـي لمولـى الصبـر ، أجتـابُ بَـزَّه
= على مِثل قلب السَّمْـع ، والحـزم أنعـلُ

وأُعـدمُ أحْيانـاً ، وأُغـنـى ، وإنـمـا
= ينـالُ الغِـنـى ذو البُـعْـدَةِ المتـبَـذِّلُ

فـلا جَـزَعٌ مــن خِـلـةٍ مُتكـشِّـفٌ
= ولا مَــرِحٌ تـحـت الغِـنـى أتخـيـلُ

ولا تزدهـي الأجهـال حِلمـي ، ولا أُرى
= سـؤولاً بأعـقـاب الأقـاويـلِ أُنـمِـلُ

وليلةِ نحـسٍ ، يصطلـي القـوس ربهـا
= وأقطـعـهُ الـلاتـي بـهـا يتـنـبـلُ

دعستُ على غطْشٍ وبغـشٍ ، وصحبتـي
= سُعـارٌ ، وإرزيـزٌ ، وَوَجْـرٌ ، وأفـكُـلُ

فأيَّمـتُ نِسـوانـاً ، وأيتـمـتُ وِلْــدَةً
= وعُـدْتُ كمـا أبْـدَأتُ ، والليـل ألـيَـلُ

وأصبح ، عنـي ، بالغُميصـاءِ ، جالسـاً
= فريقـان : مسـؤولٌ ، وآخـرُ يـسـألُ

فقالـوا : لقـد هَـرَّتْ بِلـيـلٍ كِلابُـنـا
= فقلنا : أذِئـبٌ عـسَّ ؟ أم عـسَّ فُرعُـلُ

فلـمْ تَـكُ إلا نـبـأةٌ ، ثــم هـوَّمَـتْ
= فقلنـا قطـاةٌ رِيـعَ ، أم ريـعَ أجْــدَلُ

فـإن يَـكُ مـن جـنٍّ ، لأبـرحَ طَارقـاً
= وإن يَكُ إنسـاً ، مَاكهـا الإنـسُ تَفعَـلُ

ويومٍ مـن الشِّعـرى ، يـذوبُ لُعابـهُ
= أفاعيـه ، فـي رمضـائـهِ ، تتملْـمَـلُ

نَصَبْـتُ لـه وجهـي ، ولاكـنَّ دُونَــهُ
= ولا سـتـر إلا الأتحـمـيُّ المُرَعْـبَـلُ

وضافٍ ، إذا هبتْ لـه الريـحُ ، طيَّـرتْ
= لبائـدَ عـن أعطـافـهِ مــا تـرجَّـلُ

بعيـدٍ بمـسِّ الدِّهـنِ والفَلْـى عُـهْـدُهُ
= له عَبَسٌ ، عـافٍ مـن الغسْـل مُحْـوَلُ

وخَرقٍ كظهـر التـرسِ ، قَفْـرٍ قطعتـهُ
= بِعَامِلتيـن ، ظـهـرهُ لـيـس يعـمـلُ

وألحـقـتُ أولاهُ بـأخـراه ، مُـوفـيـاً
= علـى قُنَّـةٍ ، أُقعـي مِــراراً وأمـثُـلُ

تَرُودُ الأراوي الصحـمُ حولـي ، كأنَّهـا
= عَـذارى عليـهـنَّ الـمـلاءُ المُـذَيَّـلُ

ويركُـدْنَ بالآصـالٍ حولـي ، كأنـنـي
= مِن العُصْمِ ، أدفى ينتحـي الكيـحَ أعقـلُ

انتهت لامية العرب للشنفرى الازدي وهذه لامية العجم للطغرائي :

أصــــــــــــــــــــــالةُ الرأي صانتني عن الخطلِ
= وحليةُ الفضـــــــــــــــــــلِ زانتني لدى العَطَلِ

مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَـــــــــــــــــــــــرعٌ
= والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ

فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَـــــــــــــــــــــــــكنِي
= بها ولا ناقــــــــــــــــــــــــــتي فيها ولا جملي

ناءٍ عن الأهلِ صِـــــــــــفر الكف مُنفـــــــــــردٌ
= كالســــــــــــــــــــــيفِ عُرِّي مَتناه عن الخلل

فلا صـــــــــــــــــــــــديقَ إليه مشتكى حَزَني
= ولا أنيسَ إليه مُنتهى جــــــــــــــــــــــــــذلي

طـــــــــــــــــــال اغترابي حتى حَنَّ راحلتي
= وَرَحْلُها وَقَرَا العَسَّـــــــــــــــــــــــــــــالةَ الذُّبُلِ

وضج من لغبٍ نضـــــــــــــــــــــــوى وعج لما
= ألقى ركابي ، ولج الركــــــــــــب في عَذلي

أريدُ بســـــــــطـــــــــةَ كفٍ أســـــــــتعين بها
= على قــــضــــاء حـــقـــوقٍ للعـلى قِــبَــلــي

والدهــــــــر يعكــــــــــــــــس آمالي ويُقنعني
= من الغــــــنيمة بعد الكـــــــــــــدِّ بالقــــفــــلِ

وذي شِطاطٍ كصـــــــــــــــــــــدر الرمحِ معتقل
= بمثله غيرُ هـــــــــــــــــــــــــــــــــيَّابٍ ولا وكلِ

حلو الفُـــكـــــاهـــــةِ مرُّ الجـــــدِّ قد مــزجــت
= بشــــــــــــــــــــــــــــدةِ البأسِ منه رقَّةُ الغَزَلِ

طردتُ ســـــــــــــــــــرح الكرى عن ورد مقلته
= والليل أغرى ســــــــــــــــــــوام النوم بالمقلِ

والركب ميل على الأكـــــــــــــــــوار من طربٍ
= صــــــــــــاح ، وآخـــــــــر من خمر الكرى ثملِ

فقلتُ : أدعــــــــــــــــــــــوك للجلَّى لتنصرني
= وأنت تخذلني في الحــــــــــــــــــــادث الجللِ

تنامُ عيني وعين النجم ســــــــــــــــــــاهرةٌ
= وتســـــــــــــــــــــــتحيل وصبغ الليل لم يحُلِ

فــــهــــل تـــعــــيــنُ على غـيٍ هــمــتُ بــه
= والغي يزجـــــــــــــــــــــــر أحياناً عن الفشلِ

إني أريدُ طـــــــــــــــــروقَ الحي من إضــــــمٍ
= وقد حــــمــــاهُ رمـــــــــاةٌ من بني ثُــعــــــــلِ

يحـــمون بالبيــض والســــــــمـــــر الِّلدان به
= ســــــــــــــــــــودُ الغدائرِ حمرُ الحلي والحللِ

فســـــــــر بنا في ذِمام الليل معتسِـــــــــفـاً
= فنفحةُ الطيبِ تهـــــــــــــــــــــدينا إلى الحللِ

فالحبُّ حيث العدا والأســــــــــدُ رابضــــــــــةٌ
= حول الكِناس لها غـــــابٌ من الأســـــــــــــــلِ

تؤم ناشــــــــــــــــــــــــــئة بالجزم قد سُقيت
= نِصــــــــــــــــالها بمياه الغُــنــْـج والكَـــحَـــــلِ

قد زاد طــــــــيبُ أحاديثِ الكــــــــــــــــرام بها
= ما بالكــــــــــرائم من جــــــــــــــــبن ومن بخلِ

تبيتُ نار الهـــــــــــــــــــــــوى منهن في كبدِ
= حــــــــــرَّى ونار القـــــــرى منهم على القُللِ

يَقْتُلْنَ أنضـــــــــــــــــــــــاءَ حُبِّ لا حِراك بهم
= وينحـــــــــــــــــرون كِـــــــــــرام الخيل والإبلِ

يُشفى لديغُ العـــــــــــــــــــوالي في بيُوتِهمُ
= بِنَهلةٍ من غـــــدير الخــمــــر والعـــســــــــــلِ

لعـــل إلــمــــامـــةً بالجــــــــــزع ثــانــيــــــــةٌ
= يدِبُّ منها نســـــــــــــــــــيمُ البُرْءِ في عللي

لا أكـــــــــــــــــــرهُ الطعنة النجلاء قد شفِعت
= برشــــــــــــــــــــــــقةٍ من نبال الأعين النُّجلِ

ولا أهــــــاب الصـــــفــــاح البيض تُســــعدني
= باللمح من خلل الأســــــــــــــــــــــتار والكللِ

حبُّ الســـــــــــــــــــــلامةِ يثني هم صاحبهِ
= عن المعالي ويغري المرء بالكســـــــــــــــــلِ

فإن جــــنــــحــــتَ إليه فـــاتـــخـــذ نــفــقـــاً
= في الأرض أو ســــلماً في الجـــــــــوِّ فاعتزلِ

ودع غمار العُــــــلا للمقــــــــــــــــدمين عـلى
= ركــــــــــوبــــهــا واقـــتــنــعْ مــنــهـــن بالبللِ

يرضى الذليلُ بخفض العيشِ مســـــــــــــكنهُ
= والعِـــــــــــــــزُّ عند رســــــــــيم الأينق الذّلُلِ

فادرأ بها في نحــــــــور البيد جــــــــــــــــافِلةً
= معارضــــــــــــــــــــــات مثاني اللُّجم بالجدلِ

إن العـــــــــلا حـــــدثتني وهي صــــــــــادقةٌ
= فيما تُحـــــــــــــــــــــــــدثُ أن العز في النقلِ

لو أن في شـــــــــــــــــرف المأوى بلوغَ منىً
= لم تبرح الشـــمـــسُ يومــــاً دارة الحــمــــــلِ

أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مســـــــــــــــــــــــتمعاً
= والحظُ عني بالجــــهــــالِ في شُـــــــــــــــغلِ

لعله إن بدا فضـــــــــلي ونَقْصــــــــــــــــــــهمُ
= لِعــــيــــنـــه نـــــام عـــــنــــهـــــم أو تنبه لي

أعــــــللُ النــفــس بالآمــــال أرقــــــــــــــبــها
= ما أضــــــــيق العــيــش لولا فُســـحــة الأمل

لم أرتضِ العـــيـــشَ والأيــــام مــقــبــلـــــــــةٌ
= فكيف أرضــــــــــــــــــى وقد ولت على عجلِ

غالى بنفســـــــــــــــــــــــي عِرْفاني بقيمتها
= فصــــــــــــــــــــــنتها عن رخيص القدْرِ مبتذَلِ

وعادة الســــــــــــــــــــيف أن يزهى بجوهرهِ
= وليس يعــــمــــلُ إلا فــــي يديْ بـــطــــــــــلِ

ما كــــــــنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمـــــــــــــــــني
= حتى أرى دولة الأوغاد والســــــــــــــــــــــفلِ

تــقــدمـــتـــنــي أناسٌ كان شــــــــــــــوطُهمُ
= وراءَ خطوي لو أمشــــــــــــــــــــي على مهلِ

هذاء جــــــــــــــــزاء امرىءٍ أقرانهُ درجـــــــــوا
= من قبلهِ فتمنى فســـــــــــــــــحةَ الأجَــــــلِ

فإن عــــــــــــــــــــــلاني من دوني فلا عَجبٌ
= لي أســــــوةٌ بانحطــــاط الشمسِ عن زُحلِ

فاصـــــــــــــــــــــــبر لها غير محتالٍ ولا ضَجِرِ
= في حــــــــادث الدهـــر ما يُغني عن الحِـيلِ

أعـــــــــدى عدوك ادنى من وثِقـــــــــــــتْ به
= فحاذر الناس واصـــــــحـــــــــبهم على دخلِ

فإنما رُجــــــــــــــــل الدنيا وواحــــــــــــــدها
= من لايعـــــــــــولُ في الدنيا على رجــــــــلِ

وحُســـــــــــــــــــــــــــن ظنك بالأيام معجزَةٌ
= فَظنَّ شـــــــــــــــــــــراً وكن منها على وجَلِ

غاض الوفـــــــــاءُ وفاض الغـــــــــدر وانفرجت
= مســــــــــــــــــافة الخُلفِ بين القوْل والعملِ

وشـــــــــــــــــــان صدقكَ عند الناس كذبهم
= وهلْ يُطـــــــــابق مِعْــــــــــــــــــــوجٌ بمعتدلِ

إن كان ينجـــــــــــــــع شــــــيءٌ في ثباتهمُ
= على العهود فســــبق الســـــــــــيف للعذلِ

يا وراداً سُـــــــــــــــــــــــــــؤر عيش كلُّه كدرٌ
= أنفـــقــــت صــــفـــوك في أيامـــــــــك الأول

فيم اقتحــــامك لجَّ البحـــــــــــــــــــــر تركبهُ
= وأنت تكـــــفــــيك مــــنـــهُ مــــصـة الوشـلِ

مُلكُ القـــنـــاعــــةِ لا يُخــــشــــى عليه ولا
= يُحتاجُ فيه إلى الأنصــــــــــــــــــــــار والخَولِ

ترجـــــــــــــــــــــــــــو البقـاء بدارٍ لاثبات بها
= فهل ســــــمعـــت بـــظـــلٍ غـــير منتـقــــلِ

ويا خبيراً على الإســــــــــــــــــــــرار مطلعاً
= اصـــــمـتْ ففي الصــمــت منجاةٌ من الزلل

قد رشــــحـــــوك لأمـــــــرٍ إن فطـٍــــــنتَ له
= فاربأ بنفســــــــــــــــك أن ترعى مع الهملِ

لامية العرب للشنفرى المتوفي نحو 70 قبل الهجرة وهو / ثابت بن أوس الأزدي الملقب بالشنفرى ، نشأ بين بني سلامان من بني فهم الذين أسروه وهو صغير ، فلما عرف بالقصة حلف أن يقتل منهم مائة رجل ، وقد تمكن من قتل تسعة وتسعين منهم ، وأما المائة فقيل إنه رفس جمجمة الشنفرى بعد موته فكانت سبباً في موته . وهو - أي الشنفرى - من أشهر عدَّائي الصعاليك كتأبط شراً وعمرو بن براقة ، ومن أشهرهم جرأة وقد عاش في البراري والجبال . ومنها :

أقيموا بني أمي ، صــــــــــــــــــــدورَ مَطِيكم
= فإني ، إلى قومٍ سِــــــــــــــــــواكم لأميلُ !

فقد حــــــمت الحـــــاجـــــاتُ ، والليلُ مقمرٌ
= وشُـــــــــــــــــدت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛

وفي الأرض مَنْأىً ، للكـــــــــريم ، عن الأذى
= وفيها ، لمن خــــــــــــــاف القِلى ، مُتعزَّلُ

لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضـــــــــــيقٌ على أمرئٍ
= سَـــــــــــــــرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ

ولامية العجم / للطغرائي المتوفي ( 514هـ - وقيل 515هـ ) وهو العميد مؤيّد الدين ، أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبدالصمد الأصبهاني . ومنها :

أصــــــــــــــــــــــالةُ الرأي صانتني عن الخطلِ
= وحليةُ الفضــــــــــــــــــلِ زانتني لدى العَطَلِ

مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَـــــــــــــــــــــــرعٌ
=والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ

فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَــــــــــــــــــــــــكنِي
= بها ولا ناقـــــــــــــــــــــتي فيها ولا جملي

ناءٍ عن الأهلِ صِــــــــفر الكف مُنفـــــــــــــردٌ
= كالســـــــــــــــــيفِ عُرِّي مَتناه عن الخلل

كتب هذه الدراسة الدكتور / محمد إبراهيم نصر وهي في كتابه من عيون الشعر ( اللاميات ) وانا بدوري انقلها لكم . بين القصيدتين صلات مشتركة تدفع إلى إلقاء هذه الظلال بعيداً عن الغلو والإفراط كما ظهر ذلك في بعض الدراسات حتى فقدت طابع اليسر والسماحة .

البعد عن الأهل والإحساس بالغربة : كلا الشاعرين بعيد عن أهله ، ناءٍ عن أصدقائه ، ولكن كلاً منهما يستقبل النأي والغربة استقبالاً مختلفاً تماماً . فالشنفرى صلب الإرادة ، قوي النفس ، ماضي العزم ، يتخذ أهلاً له جدداً من الوحوش المفترسة ، فأصدقاؤه : الذئاب والنمور والضباع والحيات ، اقرأ له يقول :

لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضــــــــــــيقٌ على أمرئٍ
= سَــــــــــــــــرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ

ولي ، دونكم ، أهــــــــــلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ
= وأرقطُ زُهــــلــــول وَعَــــــرفــاءُ جـــــــــــيألُ

أما الطغرائي ؛ فرقيق الحاشية ، واهي العزم ، فما إقامته ببغداد وليس له فيها صديق يشكو إليه حزنه ويزف إليه فرحه ، إلى دليل على ذلك ، ولذلك يقول :

فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَـــــــــــــــــــــــــكنِي
= بها ولا ناقــــــــــــــــــــــتي فيها ولا جملي

ناءٍ عن الأهلِ صِـــــــــفر الكف مُنفـــــــــــــردٌ
= كالســــــــــــــــــيفِ عُرِّي مَتناه عن الخلل

فلا صـــــــــــــــــــــــديقَ إليه مشتكى حَزَني
= ولا أنيسَ إليه مُنتهى جــــــــــــــــــــــذلي

فتجد في حديثه رنة الأسى ، ونبرة الحزن ، وضعف النفس متمثلاً في قوله ناءٍ عن الأهل ، صفر الكف ، منفرد ، فلا صديق أبثه حزني ، ولا أنيس أخلو إليه من وحدتي ، فالرجل لايقوى على مثل هذه المواقف كما يقوى عليها الشنفرى الذي يقرر حقائق وَطَّن نفسه عليها .

وفي الأرض مَنْأىً ، للكـــــــــــريم ، عن الأذى
= وفيها ، لمن خــــــــــــــــاف القِلى ، مُتعزَّلُ

ثم يقسم على ذلك ويجد البديل عن الأهل في هذه الوحوش التي أنس إليها وأنست إليه . والشنفرى : يستعيض عن فقد من لم يجد فيهم خيراً وليس في صحبتهم نفع بثلاثة أصحاب ، هم قلبه الشجاع الجسور ، وسيفه الصقيل ، وقوسه الصفراء المتينة :

وإني كفــــــــاني فَقْدُ من ليس جـــــــــــــازياً
= بِحُســــــــــــــــــــنى ، ولا في قـربه مُتَعَلَّلُ

ثلاثةُ أصــــــــــــــــحـــــابٍ : فؤادٌ مشـــــــيعٌ ،
= وأبيضُ إصــــــليتٌ ، وصــــــــــــــفراءُ عيطلُ

أما الطغرائي : فإنه يقصد من يعوضه عن الأهل والأصدقاء لأن له هدفاً هو بسطة الكف ، وسعة العيش ، يستعين به على ما يريده من الوصول إلى العلا والرفعة ، ولكن الدهر يعاكسه ، ويقف في طريقه ، فيرضى من الغنيمة بالإياب :

أريدُ بســـــــــطـــــــــةَ كفٍ أســـــــــتعين بها
= على قـضــــاء حـــقوقٍ للعـــلى قِــبَــلــي

والدهــــــــر يعكــــــــــــــــس آمالي ويُقنعني
= من الغــــــنيمة بعد الكـــــــــــدِّ بالقــــفــلِ

والشكوى ، والتودد ، ومحاولة الاستمالة للحصول على مطلوبه ، كل ذلك واضح في قوله :

فقلتُ : أدعــــــــــــــــــــــوك للجلَّى لتنصرني
= وأنت تخذلني في الحــــــــــــــــادث الجللِ

وكل منهما يذكر المرأة في لاميته غير أن منهج كل واحد منهما مختلف عن الآخر ، فالشنفرى ليس رجلاً جباناً قعيد منزله ، لاجئاً عند زوجته يشاورها في كل الأمور بل هو شجاع تعلو نفسه عن الركون إلى المرأة ، ولايقصد إليها . فهو ليس رجلاً قليل الخير ، لايفارق داره ، يصبح ويمسي جالساً إلى النساء لمحادثتهن يدهن ويتكحل كأنه منهن :

ولســـــــــــــــــــتُ بمهيافِ ، يُعَشِّى سَوامهُ
= مُــــجَـــــــــدَعَةً سُــــــــقبانها ، وهي بُهَّلُ

ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسـِــــــــــــــــــــــــــــهِ
= يُطـــــــــــــالعها في شـــــــأنه كيف يفعـلُ

ولا خــــــــــــــــــــــــــــــــالفِ داريَّةٍ ، مُتغَزِّلٍ ،
= يــــروحُ ويـــغــــــدو ، داهـــــــــــناً ، يتكحلُ

أما الطغرائي : فإن نفح الطيب المنبعث من المرأة يهديه في طريقه ، ويجذبه إليه فيدعو صاحبه أن يحث السير إليها ، وحب النساء يصمي قلبه ، وعيونهن النجلاوات ينفذن إلى شغاف نفسه ، فيقع أسيراً لهن:

فســـــــــر بنا في ذِمام الليل معتسِـــــــــفـاً
= فنفخةُ الطيبِ تهـــــــــــــــــدينا إلى الحللِ

تبيتُ نار الهـــــــــــــــــــــــوى منهن في كبدِ
= حــــــــــرَّى ونار القـــرى منهم على القُللِ

يَقْتُلْنَ أنضــــــــــــــــــــــــاءَ حُبِّ لا حِراك بهم
= وينحـــــــــــــــرون كِـــــــــــرام الخيل والإبلِ

لا أكـــــــــــــــــــرهُ الطعنة النجلاء قد شفِعت
= برشـــــــــــــــــــقةٍ من نبال الأعين النُّجلِ

وكل منهما يدعو إلى المعالي ويتمرد على الذل ، فالشنفرى يرتكب الصعب من الأمور ، فيقاوم الجوع حتى ينساه ، ويذهل عنه ، ولو أدى به الحال إلى أن يستف التراب حتى لا يرى لأحدِ فضلاً عليه فنفسه مرة لا تقيم على الضيم ، ولا ترضى به مهما كانت الأمور :

أُدِيمُ مِطالَ الجــــــــــــــــــــــــوعِ حتى أُمِيتهُ ،
= وأضربُ عنه الذِّكرَ صــــــــــــــــفحاً ، فأذهَلُ

وأســــــــــــــــــتفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ
= عَليَّ ، من الطَّــــــــــــــــــوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ

ولكنَّ نفســـــــــــــــــــــــــــــاً مُرةً لا تقيمُ بي
= على الضـــــــــــــــــــــــيم ، إلا ريثما أتحولُ

أما الطغرائي : فيرى أن حب السلامة يثني همم الضعفاء فيغريهم بالكسل والخمول ، ويدفعهم إلى تجنب المغامرات ، والبعد عن الأهوال ، والإنزواء عن الناس . وأما المعالي فإنها تدعو صاحبها إلى المغامرة وركوب الأخطار :

حبُّ الســـــــــــــــــــــــلامةِ يثني هم صاحبهِ
= عن المعالي ويغري المرء بالكســــــــــــــلِ

فإن جــــنــــحــــتَ إليه فـــاتـــخـــذ نــفــقـــاً
= في الأرض أو ســــلماً في الجــــــوِّ فاعتزلِ

ودع غمار العُــــــلا للمقــــــــــــــــدمين عـلى
= ركـــــــوبــــهــا واقـــتــنــعْ مــنــهـــن بالبللِ

يرضى الذليلُ بخفض العيشِ مســـــــــــــكنهُ
= والعِــــــــــــــزُّ عند رســــــــيم الأينق الذّلُلِ

وكل منهما لا يرضى بالإقامة ولكن مطلب كلٍ منهما مختلف ، فالشنفرى طريد جنايات ارتكبها ، يتوقع أن تنقض عليه ، فهو هارب من وجه الساعين إلى دمه ، ينام بعيون يقظى ، فلا يضع جنبه على وجه الأرض حتى تعاوده الهموم من كل جانب ، وقد اعتاد هذه الهموم وألفها ، ولذلك يقول :

وآلف وجه الأرض عند افتراشـــــــــــــــــــــها
= بأهـْـــــــدَأ تُنبيه سَــــناسِـــــنُ قُــحَّـــــــلُ

طَــــــرِيدُ جِــــناياتٍ تياســــــــــرنَ لَــحْــمَــهُ ،
= عَــــــقِــــــيـــرَتـُهُ فـــــي أيِّـــهــا حُـــــمَّ أولُ

تـــنــــامُ إذا مــا نـــام ، يــقــظــى عُــيــُونُـها ،
= حِــــثــــاثــــاً إلى مــكـــروهــــهِ تَتَغَــلْغَــــلُ

وإلفُ هــــــــمــــومٍ مــــا تــــزال تَــــعُـــــــودهُ
= عِــــيــاداً ، كـــحــمــى الرَّبعِ ، أوهي أثقلُ

أما الطغرائي : فإنه لايرضى بالإقامة ، لأن نفسه تحدثه أن العز الذي يريده لا يتحقق بإقامته وإنما يتحقق بالتنقل والرحلة :

إن العـــــــــلا حــــــدثتني وهي صــــــــــادقةٌ
= فيما تُحــــــــــــــــــــــدثُ أن العز في النقلِ

كما أنه يهدف إلى تحقيق آماله ، التي يتوقع حصولها يوماً بعد يوم :

أعــــــللُ النــفــس بالآمــــال أرقــــــــــــــبــها
= ما أضـــــيق العــيــش لولا فُســـحــة الأمل

وكل منهما له في الحديث عن الصبر حِكمٌ تسير مع الزمن ، فالشنفرى مولى الصبر يلبس ملابسه على قلبِ مثل السِّمع ، والسِّمع هو الذئب الشجاع ، وينتعل الحزم :

فأني لمــــولى الصــــــبر ، أجـــــــــــــتابُ بَزَّه
= على مِثل قلب السَّـــــــــمْع ، والحزم أنعلُ

وهو لا يجزع من الفقر ولا يفرح للغنى :

وأُعـــــــدمُ أحْـــــــــياناً ، وأُغــــــــــنى ، وإنما
= يـــنـــالُ الغِـــنى ذو البُــعْـــدَةِ المـــتــبَــذِّلُ

فلا جَــــــــــــــــــــــــــــــزَعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ
= ولا مَـــــــــرِحٌ تحــــــــــت الغِـــــــنى أتخيلُ

لكن الطغرائي : يتبرم من إدبار الدنيا عنه ، وإقبالها على غيره ، ويشكو لأن أناساً أقل منه قد سبقوه ، وكان حظهم أعظم من حظه :

ماكــــــــنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمـــــــــــــــني
= حتى أرى دولة الأوغاد والســــــــــــــــفلِ

تــقــدمـــتـــنــي أناسٌ كان شـــــــــــوطُهمُ
= وراءَ خطوي لو أمشـــــــــــــي على مهلِ

وقد شاعت الحكمة وانتشرت في كلا القصيدتين ، حتى تغنى الناس بحكم كل منهما ومن حكم الطغرائي التي يرددها الناس على مرِّ الزمان قوله :

وإن عـــــــــــــــــــــلاني مَنْ دوني فلا عَجبٌ
= لي أســـوةٌ بانحطــاط الشمسِ عن زُحلِ

وقوله :

أعـــــــدى عــــــدوك ادنى من وثِقــــــــتْ به
= فحاذر الناس واصـــحــــــــبهم على دخلِ

فإنما رُجـــــــــــــــل الدنيا وواحـــــــــــــــدها
= من لايعــــــولُ في الدنيا على رجــــــــلِ

وقوله :

وحُســـــــــــــــــــــــــــــن ظنك بالأيام معجزَةٌ
= فَظنَّ شــــــــــــــــــــــراً وكن منها على وجَلِ

غاض الوفــــــــــاءُ وفاض الغـــــــــدر وانفرجت
= مســــــــــــــــــــافة الخُلفِ بين القوْل والعملِ

وشـــــــــــــــــــــان صدقكَ عند الناس كذبهم
= وهلْ يُطـــــــــابق مِعْــــــــــــــــــــــوجٌ بمعتدلِ

فيم اقتحــــامك لجَّ البحـــــــــــــــــــــــر تركبهُ
= وأنت تكـــــفــــــيك مــــنـــهُ مــــصـة الوشـلِ

مُلكُ القـــنـــاعــــةِ لا يُخــــشـــــــى عليه ولا
= يُحتاجُ فيه إلى الأنصــــــــــــــــــــــــار والخَولِ

خلاصة : الواقع أن الحكم المنتشرة في لامية الشنفرى منتظمة ضمن ذلك العقد الذي ينتظم قصيدته ، وضمن تجربته في الحياة ، إنها فرائد منها مرتبطة بها ارتباطاً وثيقاً قوياً محكماً . أما فرائد الطغرائي ، فمتناثرة في قصيدته ، والرابط بينها ليس من الإحكام والقوة التي ظهرت في لامية الشنفرى فقد جاءت مرتبطة حيناً بتجاربه في الحياة ، ومرارة العيش التي يشكو منها ، وأحياناً يضعف ذلك الخيط الذي يربطها فيبدو واهياً ضعيفاً ، وتبدو متراصة بعضها بجوار بعض في معزل عن تلك التجارب . شرح لامية العرب التي أخبر عنها الفاروق أبو حفص / عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أنها تعلم مكارم الاخلاق . تحقيق د . / محمد نبيل طريفي .

1- اقيموا بني امي صدور مطيكم
= فاني الى قوم سواكم لأميل

الشرح :

المطي : جمع مطيه وهي ما يمتطى من الدواب واراد هنا الابل . وقوله : اقيموا صدور مطيكم اي : انتبهوا من غفلتكم واسلكوا الطريق الصحيحه وهذا على المجاز . والاصل فيه الراكب يغفل عن مطيته فتنحرف به عن القصد فيقال له : اقم صدر مطيتك . واميل : افعل بمعنى فاعل وليس المراد اني اكثر ميلا . وسبب ميله الى غير قومه انه جنى جنايه واخبرهم بها فاذاعوها . يطلب الشاعر من قومه الاستعداد للرحيل عنه لأنه يطلب صحبة غيرهم .

2- فقد حمت الحاجات والليل مقمر
= وشدت لطيات مطايا وأرحل

الشرح :

حمت : قدرت . الطيات : جمع طيه وهي الحاجه . قيل : الجهه التي يقصد اليها المسافر . يقال : مضى لطيته اي لنيته التي نواها . والارحل : جمع الرحل وهو ما يوضع على ظهر البعير . وشدت : قويت واوثقت اراد الشاعر : انتبهوا من رقدتكم فهذا وقت الحاجه ولا عذر لكم فان الليل كالنهار في الضوء والأله حاضره عتيده .

3- وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
= وفيها لمن خاف القلى متعزل

الشرح :

المنأى : مكان لمن ينأى عن الناس وهو مبتدأ مؤخر . ويريد بالأذى : الذل والهوان .
والقلى : البغض والكراهية . ومعتزل : مكان لمن يعتزل الناس . يقول : الأرض واسعة وفيها بعد للكريم عن الضرر ومتحول لمن خاف البغض .

4- لعمرك ما بالأرض ضيق على امرىء
= سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل

الشرح :

لعمرك : اللام للابتداء وعمرك : قسم . سرى : مشى ليلا . راغب : أي يرغب أو يرهب عاقلا أي فهما لما يرغب فيه أو يخاف منه . وهو يعقل : يريد انه واع لما أراده وقصد إليه . يقول : وحقك ليس بالأرض ضيق على شخص مشى بالليل طامعا في نيل مقصود أو خائفا من عدو إذا كان الشخص حازما بصيرا .

5- ولي دونكم اهلون سيد عملس
= وارقط زهلول وعفراء جيأل

الشرح :

لي دونكم : اي غيركم . السيد : الذئب . العملس : القوي على السير السريع او الخبيث من الذئاب . الارقط : فيه سواد وبياض . زهلول : خفيف . عرفاء : الضبع الطويلة العرف . جيأل : من اسماء الضبع . اراد : انه ألف القفار والفيافي واعتاد قطع الصحاري حتى انست اليه الوحوش وصارت له اهلا .

6- هم الأهل لا مستودع السر ذائع
= لديهم ولا الجاني بما جر يخذل

الشرح :

قوله هم : فيه معاملة الوحوش معاملة العقلاء وهذا جائز مجازا . وهو كثير باللغة العربية . وقوله : الأهل : بتعريف المسند فيه قصر وكأنه قال هم الأهل لا انتم . وقوله بما جر : الباء فيه سببية . وجر : جنى . يريد : هم كالرهط في النصرة لا يفشى عندهم السر ولا يعاقب الجاني .

7- وكل أبي باسل غير إنني
= اذا عرضت أولى الطرائد أبسل

الشرح :

كل : أي كل واحد منهم والحديث عن الوحوش التي مر ذكرها بالبيت الخامس . والأبي : الحمي الأنف الذي لا يقر للضيم . والباسل : الشجاع البطل . والطرائد : جمع طريدة وهي ما يطرد والمراد بها هنا الفرسان . يريد : انه إذا عرض من يطرد منا أو من غيرنا كنت اشد منهم بسالة .

8- وان مدت الايدي الى الزاد لم اكن
= باعجلهم اذا اجشع القوم اعجل

الشرح :

اجشع : احرص . وباعجلهم : الباء زائده للتوكيد غير متعلقه بشىء . يقول : اذا حضر الطعام ومدت الايدي اليه لم اكن مسرعا في مد يدي فان ذلك غاية الحرص .

9- أديم مطال الجوع حتى اميته
= واضرب عنه الذكر صفحا فاذهل

الشرح :

المطال : المطل والتسويف . وقوله : اضرب عنه الذكر اي : أتناساه . يريد : اماطل الجوع واعده بالكذب حتى أميته واترك ذكره حتى أنساه .

10- واستف ترب الأرض كيلا يرى له
= علي من الطول امرؤ متطول

الشرح :

الطول : الفضل . والتقدير : لكيلا يرى امرؤ له علي فضل . اراد : انه يستف تراب الارض كيلا يرى امرؤ له علي فضل فان المنه ثقيلة .

11- ولولا اجتناب الذام لم يلف مشرب
= يعاش به إلا لدي ومأكل

الشرح :

الذام : العيب الذي يذم به . يقول : لولا تجنبي ماأذم به لحصلت على ما اريده من مأكل ومشرب بطرق غير كريمه .

12- ولكن نفسا مرة لا تقيم بي
= على الذام الا ريثما اتحول

الشرح :

لكن : استدراك معناه زياده صفه على الصفات المتقدمه . والذام : العيب . وريثما : منصوب على الظرف اي : قدر ما أتحول . يقول : ولكن نفسا لي قوية لا تقيم على العيب الا قدر تحولي من محله .

13- واطوي على الخمص الحوايا كما انطوت
= خيوطه ماري تغار وتفتل

الشرح :

الخمص :- بالفتح - الجوع - وبالضم - الضمر . والحوايا : جمع حوية وهي الامعاء والخيوطه : السلوك وهي الخيوط . والماري : الفاتل وقيل : اسم رجل اشتهر بصناعة الحبال وفتلها . وتغار : تفتل وتحكم . يقول : اطوي امعائي على الجوع كانطواء سلوك الفاتل المحكمة الفتل .

14- واغدو على القوت الزهيد كما غدا
= ازل تهاداه التنائف اطحل

الشرح :

الزهيد : القليل . والازل : الذئب القليل لحم الوركين . واتنائف : الفلوات واحدتها تنوفه . تهاداه : تناقله اي : انه كلما خرج من تنوفه دخل الى اخرى . والاطحل : الذي لونه بين الغبره والبياض . يقول : واسير غدوة مع كون قوتي قليلا كغدو الذئب الأرسح المغبر المتنقل بين المفاوز .

15- طريد جنايات تياسرن لحمه
= عقيرته لأيها حم اول

الشرح :

الطريد : المبعد يعني : الشنفرى . وهو خبر لمبتدأ محذوف . وتياسرن لحمه / اقتسمن لحمه 0 مأخوذ من يسر القوم الجزور اذا اجتزوها واقتسموها . و عقيرته : نفسه . يريد: انه مطارد بسبب جنايات ارتكبها والذين يطاردونه يقتسمون لحمه كما يقتسم لاعبو الميسر جزور الناقه .

16- والف هموم ما تزال تعوده
= عيادا الحمي الربع او هي اثقل

الشرح :

الحمي : المحموم . والالف : الاليف - وهو معطوف على طريد جنايات . والعياد كالعود : الرجوع . والربع في الحمى : ان تأخذه يوما وتدعه يومين ثم تجىء في اليوم الرابع . والمعنى : ان الهموم تعتادني كما تعتادني حمى الربع . او بمعنى : ان الهموم عنده اعظم شأنا من حمى الربع .

17- اذا وردت اصدرتها ثم انها
= تثوب فتأتي من تحيت ومن عل

الشرح :

اذا وردت : اي الهموم . ووردت : حضرت . والورد خلاف الصدر . وتثوب : تعود . تحيت : تصغير تحت . وعل : ظرف والمعنى تأتي من اسفل واعلى . والمعنى : انها وردت - اي الهموم - رددتها ثم تأتي من كل جهاتي لكثرتها فلا استطيع ردها .

18- فاما تريني كابنة الرمل ضاحيا
= على رقة احفى ولا اتنعل

الشرح :

ابنة الرمل : الحية وقيل انها البقره الوحشيه . ضاحيا : بارزا اي : تريني مشبها ابنة الرمل . رقة : يريد رقة الحال . ولااتنعل : معطوف على احفى . وغرضه به توكيد الحفى في كل حال .

19- فاني لمولى الصبر اجتاب بزه
= على مثل قلب السمع والحزم افعل

الشرح :

مولى الصبر : وليه يريد انه القائم به . وكل من قام بامر احد او وليه فهو وليه . والصبر : حبس النفس عن الجزع . واجتاب : البس . والبز : الثياب . يريد ان وليه ألبس ثوبه . والسمع : - بكسر السين - ولد الذئب من الضبع . والحزم : ضبط الرجل امره واخذه بالثقة . والمعنى : انا القائم بالصبر اتصرف فيه كما اريد واحتذي الحزم فاني ملك هذه الاشياء وقاهر لها . اي : اتولى الصبر مجتابا بزه علي مثل قلب السمع .

20- واعدم احيانا واغني وانما
= ينال الغني ذو البعدة المتبذل

الشرح :

اعدم : اصير ذا عدم . والعدم : الفقر . ذوالبعدة : ذو الرأى والحزم . المتبذل : الذى لا يصون نفسه . والمعنى : لاينال العنى الا الذي يقصر نفسه على غاية الاغتناء .

21- فلا جزع من خلة متكشف
= ولا مرح تحت الغنى اتخيل

الشرح :

الجزع : الخائف او عديم الصبر عند وقوع المكروه . والخلة : الحاجه والفقر . والمتكشف : الذي يظهر فقره وحاجته للناس . والمرح : شدة الفرح والنشاط . والتخيل : التكبر . المعنى : لا اجزع عند حاجتي ولا اتكبر عند الغنى .

22- وليلة نحس يصطلي القوس ربها
= واقطعه اللاتي بها يتنبل

الشرح :

ليلة نحس : مجرور برب مضمره . وليلة النحس : الشديدة البرد . والاصطلاء : ان يقاسي حر النهار وشدته . وربها : صاحبها . والاقطع : جمع قطع وهو نصل قصير عريض السهم . يريد : انه يصطلي القوس والسهام لشدة البرد . ويتنبل : اي : يرمي بها .

23- دعست علي غطش وبغش وصحبتي
= سعار وارزيز ووجر وافكل

الشرح :

الدعس : الوطء والطعن . الغطش : الظلمه . البغش : المطر الخفيف وهو فوق الطش . السعار : - بالضم - حر النار وشدة الجوع . ومراده : حر عظيم يشبه حر النار . والارزيز : البرد وقيل : الجوع . و الوجر : الخوف . والافكل : الرعده .

24- فايمت نسوانا وايتمت والدة
= عدت كما ابدأت والليل اليل

الشرح :

الأيم : من لا زوج له من الرجال والنساء . اي : تركهن بلا ازواج . والدة : ولده . ليل اليل : ثابت الظلمه .

25- واصبح عني بالغميصاء جالسا
= فريقان مسؤول واخر يسأل

الشرح :

اصبح : ناقصه واسمها فريقان . وخبرها جالسا . والغميصاء : موضع بنجد . والجالس : الذي يأتي نجدا .

26- فقالوا لقد هرت بليل كلابنا
= فقلنا أذئب عس ام عس فرعل

الشرح :

هرير الكلب : صوته دون نباحه من قلة الصبر على البرد . والعس : الطواف بالليل . والفرعل : ولد الضبع والانثى فرعله .

27- فان يك من جن لأبرح طارقا
= وان يك انسا مكها الانس يفعل

الشرح :

لأبرح : اي لقد ابرح اي : جاء البرح وهو الشده . والكاف في كها للتشبيه وهي حرف ( وها ) ضمير الفعلة .

الشعراء الصعاليك :

الصعاليك هي جمع لكلمة صعلوك والصعلوك باللغة هو الفقير الذي لامال له ولاسند . اما الشعراء الصعاليك فهم جماعة من العرب عاشوا في القفار ومجاهل الارض يرافقهم الفقر والتشرد والتمرد وكانوا يغيرون على البدو والحضر بقصد النهب والتخريب ثم يمضون في الصحراء حيث مخابئهم ولا يستطيع احد لحاقهم لسرعة عدوهم من جهة ولمعرفتهم في طرق الصحراء من جهة اخرى واتصف الصعاليك عادة بالشدة و الصبر والاحتمال والشجاعة والكرم والقوة وكانوا يقتسمون غنائمهم و يساعدون الضعفاء والمحتاجين . وكان من الصعاليك من اتصف بسواد لونه بسبب اختلاط اصولهم من امهاتهم الحبشيات فاطلق عليهم اغربة العرب ومن اشهرهم الشنفري والسليك بن سلكة وتأبط شرا , ومن الصعاليك من خلعتهم قبائلهم لكثرة ما سببوا للقبيلة من المشاكل . كان الشعراء الصعاليك يمثلون الصوت الحي والشجاع للثورة على الواقع الاجتماعي , ويعبرون عن رفض المضطهدين للاضطهاد وعن ثورة المسحوقين اقتصاديا واجتماعيا وعرقيا على الطبقة الارستقراطية المتحكمة بالرزق والدم وعلى سطوة التقاليد المتهرئة والتحكم الطبقي وقد تمرد هؤلاء الرجال على البنيان الاقتصادي والطبقي وأحياناالعنصري في القبيلة , ورغم ان القبيلة كانت في ذلك العصر هي القانون وهي الحماية الوحيدة للإنسان في الصحراء القاسية المخيفة , فانهم لم يغيروا موقفهم الثائر , وتمردوا على القبيلة وخلعوا منها ومن حمايتها وطردوا من اطارها فانطلقوا الى الصحراء العميقة الموحشة يقومون بالثورة على طريقتهم الفردية . وقد انتشروا على الاغلب في منطقة السراة المحيطة بمكة لوقوعها على الطريق التجاري الواصل بين اليمن والشام مما مكنهم من الغارة على القوافل التجارية , وقد اتاح انتشار الاسواق التجارية في تلك المنطقة الى انتشار تجارة الرقيق التي نقلت الكثير من الملونات المحرومات الى البادية واللاتي كن رافدا مهما في انجاب حركة الصعاليك , وقد اتاح الفارق الطبقي الكبير بين طبقة التجار وطبقة العبيد ان يتحول ابناء تلك الاماء الى ثائرين متمردين على القبيلة الظالمة التي لم تلبث ان خلعتهم وطردتهم من حمايتها فاخذوا يعبرون عن واقعهم الاجتماعي المزري بطريقتهم , وهؤلاء الفقراء لم يكونوا لصوصا بالفطرة همهم السلب والنهب بل كثيرا ما تنقل لنا كتب الادب اقاصيص وروايات عن كرمهم وشجاعتهم وبرهم باقاربهم واهلهم و احساسهم بالترفع والكرامة , كما قال عروة بن الورد :

اني امرؤ عافي انائي شركة
= وانت امرؤ عافي انائك واحد

افرق جسمي في جسوم كثيرة
= واحسو قراح الماء والماء بارد

فهو مستعد لتقسيم طعامه للناس والاكتفاء بالماء البارد وقد كان عروة يجمع الصعاليك ويؤمن حاجاتهم حتى سمي بعروة الصعاليك وقد اتصف بالشجاعة والجود وكرم الاخلاق وكبر النفس وقد نقل عن عبد الملك بن مروان انه قال (من زعم ان حاتما اسمح العرب فقد ظلم عروة بن الورد).
ومن الشعراء الصعاليك المشهورين الشنفري وهو واحد من اشهرعدائي العرب ممن لم تكن الخيل تدركه وكان يعيش على على السلب والنهب والغارات , وللشنفري قصيدته المشهورة بلامية العرب التي يشير في مطلعها الى تركه لقبيلته التي خلعته حيث يقول :

اقيموا بني امي صدور مطيكم
= فاني الى قوم سواكم لأميل

ومن الصعاليك ايضا تابط شرا واتصف شعره بالكثير من العاطفة و السذاجة والاخلاص ويمتاز بقوة الملاحظة والوصف الدقيق للاشياء ويدلنا شعره ان الشر لم يكن طبعا من طباعهم بل كان وسيلة لتحقيق نوع من الكرامة الانسانية فيقول تأبط شراً :

ولا أتمنى الشر والشر تاركي
= ولكن متى أحمل على الشر أركب

ومنهم ايضاً السليك بن سلكة وكان من العدائين الذين لا تدركهم الخيل اذا عدوا وواحد من اعرف العرب بطرق الصحراء واتسم شعره بالعفوية و صدق التعبير وبالخشونة وقد قتلته قبيلة خثعم وقال قاتله :

اني وقتلي سليكا ثم اعقله
= كالثور يضرب لما عافت البقر

وبامكان القارئ من خلال قصائد الصعاليك معرفة الاحداث التي دارت و حياة العرب قديما . وللصعاليك الكثير من الكتب والدواوين التي اهتمت بشعرهم . استمرت الصعلكة على مدار العصر الجاهلي ولكن مجئ الاسلام الذي ساوى بين الناس ولم يفرق بين ابيض واسود وبين عربي واعجمي وحول ولاء الفرد من ولاء للقبيلة الى ولاء لله ورسله وبذلك تقلصت مؤقتاً مظاهر التفرقة الطبقية وعاش الناس لايميز احدهم عن الآخر الا ايمانه الشديد واخلاصه للعقيدة , ولم يكن ثمة مبرر لاستمرار ظاهرة الصعلكة بنفس قوتها في الجاهلية فالاسلام وزع الخيرات بالتساوي بين الناس ونصر المظلوم وساعد المحتاج ووضع همه في نشر تعاليم الدين الجديد , ولم يكن مجتمع الصعاليك بمنأى عن هذه القيم الاخلاقية الكريمة فهم فوارس وشجعان وكرماء ووجدوا في الدين وازعا لهم . ولكن بعض العصور الاسلامية عادت فكرست الفقر والطبقية وانتشرت الملاهي والترف وابتعد الناس عى نقاوة الاسلام الاولى , وعاد الغنى يتركز في ايدي القلة بينما كانت الاكثرية المحرومة لاتجد قوت يومها فنشا جيل من الثائرين على واقعهم الاجتماعي يشبهون كثيرا صعاليك الزمن الغابر , قد أصابهم الفقر ، فتاقوا الى الغنى ، عبر مسالك المغامرة والغزو والفتك ، ولم يكن سلوكهم العدواني هدفا في حد ذاته بل مجرد وسيلة للحفاظ على حياتهم وكرامتهم . ومن هؤلاء ابوالنشناش النهشلي الذي كان يعترض القوافل فيسلبها حمولتها ويوزع مايحصل عليه على المحتاجين وكثيرا ماذم الفقر في شعره ووصف حياة التشرد :

ولم ار مثل الفقر ضاجعه الفتى
= ولاكسواد الليل اخفـــق طالبه

وسائلة اين الرحيل وســـائل
= ومن يسأل الصعلوك اين مذاهبه

اما الاحيمر السعدي فقد كره بني البشر اجمعين وحقد على واقعه الاجتماعي المزري ورفضه الطلب من لئام الناس لأن خيرات الله تملا الدنيا وليس على المرء سوى اخذها بالقوة :

عوى الذئب فاستانست بالذئب اذ عوى
= وصـــوت انسان فكدت اطير

واني لاستحيي مــــن الله ان ارى
= اجـــرر حبلا ليس فيه بعير

وان اسال المــــرء اللئيم بعيره
= وبعــران ربي في الفلاة كثير

فهم أصحاب أنفة واعتداد بالنفس ، فيتحملون الأذى الجسدي ، والجوع ، من أن يستجدى أحدهم غيره . لم يتميز شعر الصعاليك بالقصائد الطوال بل كان شعر مقطوعات صغيرة تعبر عن الغاية باختصار كما تميز شعرهم بوحدة الموضوع فلم يكن يفرع عن موضوع القصيدة مواضيع اخرى الا ماندر ونلاحظ انهم قد تركوا اسلوب الجاهليين في البكاء على الاطلال و تركوا المقدمات الغزلية التي لاتتناسب مع الموضوع الاساس ويتميز شعرهم بالواقعية والشفافية والصدق وحرارة شعورهم بالظلم والفاقة . تميزت الحركة الصعلوكية بانها كانت ثورة على الواقع الاجتماعي و احتجاجا على الفوارق الطبقية ومظهرا من مظاهر الصراع بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة وبما انهم كانوا يعبرون عن حال غالب الناس فقد تعاطف الفقراء معهم الى ابعد حد ولكن ثورتهم لم تكن ثورة منظمة شعبية بل كانت ثورة فردية عشوائية يعبر كل صعلوك فيها عن معاناته وقد يصل الامر ببعضهم الى حد الحقد على البشر جميعا واعتزالهم ونظرا لهذه الفردية غير المنظمة فقد فشلت هذه الحركة في تحقيق العدالة الاجتماعية وما المهربين عنهم ببعيد . قال : الخليفة الراشد فاروق الاسلام والمسلمين أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ( علموا أولادكم لامية العرب ) لأنها تعلمهم مكارم الاخلاق . ولامية العرب هي للشاعر الجاهلي . / ثابت بن أوس الأزدي الملقب بالشنفرى ، نشأ بين بني سلامان من بني فهم الذين أسروه وهو صغير ، فلما عرف بالقصة حلف أن يقتل منهم مائة رجل ، وقد تمكن من قتل تسعة وتسعين منهم ، وأما المائة فقيل إنه رفس جمجمة الشنفرى بعد موته فكانت سبباً في موته . وهو - من أشهر عدَّائي الصعاليك كتأبط شراً وعمرو بن براقة ، ومن أشهرهم جرأة وقد عاش في البراري والجبال . وقد قال : عنه الدكتور شوقي ضيف في كتابه تاريخ الأدب العربي في العصر الجاهلي . الشنفرى هو من شعراء الصعاليك والصعاليك هم فئة من فتيان الجاهلية خلعتهم قبائلهم وتبرأت منهم ، إما لسوء تصرفاتهم أو لسواد وجوههم . فلما رأوا أنفسهم منبوذين وهم من أبناء القبائل نظموا أنفسهم في جماعات ، لكل جماعة قائد وأطلقوا على أنفسهم اسم الصعاليك والصعلوك معناه الفقير ، ولكن معنى الكلمة اتسع وصار له معنى آخر فأصبح يعني نوعا من الفتوة ، لأن الصعاليك جعلوا شعارهم التشرد والغزو وقطع الطريق على الأغنياء ونهب أموالهم وإعطاءها للفقراء . وكان زعيم الصعاليك في بلاد نجد عروة بن الورد التميمي أما في تهامة فكان زعيمهم تأبط شرا . ومن الصفات التي لازمت الصعاليك وتمدحوا بها : قلة النوم وسرعة الجري وتحمل المشاق وقلة الشكوى والشجاعة التي لاتعرف الخوف ومن الصعاليك من زعم أنه تزوج في تشرده غولا وانجب منها أولادا وهم يزعمون أن الغول هي من الجن ويروون قصصا عن مغامراتهم معها في ليالي الشتاء . والشنفرى من عشيرة الإواس بن الحجر الأزدية اليمنية فهو قحطاني النسب ومعنى الشنفرى أي الغليظ الشفاه وأمه حبشية وقد ورث عنها سوادها ولم ينشأ في قبيلة الأزد وغنما في قبيلة فهم ويضطرب الرواة في سبب نزوله مع أمه وأخ له بها وربما أقرب ما يروونه أن قبيلته قتلت أباه فتحولت أمه عنها إلى بني فهم . ويقال أن الذي روضه على الصعلكة وقطع الطرق هو / تأبط شرا وهو خاله ومازال يغير على الأزد وينكل بها حتى قتل تسعة وتسعين انتقاما لأبيه لكنهم رصدوا له كمينا فيقع فيه ويمثلون به تمثيلا فظيعا يقطعون جسده تقطيعا ويقال أن رجلا عثر بجمجمته فعقرته فمات وبذلك يبلغ قتلاه من الأزد المائة . وهو صاحب القصيدة الجاهلية المشهورة ( لامية العرب ) الذي يقول فيها :

أقيموا بني أمي صدور مطيكم
= فإني إلى قوم سواكم لأميل

منقول بتصرف وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

حاتميه
25-01-2008, 11:26
لاميات رااائعه وشعراء فطاحله

يعطيك العافيه باحث وتسلم ايدك

لك اجمل التحايا

باحث
28-01-2008, 12:05
أختي الكريمة / حاتمية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بلاميتي العرب والعجم للشنفرى والطغرائي والله يبارك فيك ويعافيك ويجزاك خيرا هذا وتقبلي فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل احترامي مع أطيب الأمنيات وأنت سالمة والسلام .

سلامه العايد
30-01-2008, 08:54
بارك الله فيك على الشرح

وصح لسانك ولسان شعارها وتسلم

يمناك على النقل الطيب

دمت بود ..

بوثنيان
01-02-2008, 12:55
باحث


بارك الله فيك ,, مـنــــــــــــــــــــور ..بنقلك الطيب..



دمتت بخير,,,

خطاف
01-02-2008, 03:35
بارك الله فيك

باحث
01-02-2008, 08:25
بارك الله فيك على الشرح

وصح لسانك ولسان شعارها وتسلم

يمناك على النقل الطيب

دمت بود ..
أخي الكريم / سلامة العايد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بلاميتي العرب والعجم للشنفرى والطغرائي والله يبارك فيك ويعافيك ويجزاك خيرا هذا وتقبل فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل محبتي واحترامي مع أطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

باحث
04-02-2008, 11:44
باحث


بارك الله فيك ,, مـنــــــــــــــــــــور ..بنقلك الطيب..



دمتت بخير,,,
أخي الكريم / أبو ثنيان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بلاميتي العرب والعجم للشنفرى والطغرائي والله يبارك فيك ويعافيك ويجزاك خيرا والدايم الله هذا وتقبل فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل محبتي واحترامي مع أطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .

ناصر السيف
05-02-2008, 05:01
بارك الله فيك على الشرح

وصح لسانك ولسان شعارها وتسلم

يمناك على النقل الطيب

باحث
16-02-2008, 12:27
بسم الله الرحمن الرحيم

قصيدة عروة بن الورد المسمى عروة الصعاليك ( أقلي علي اللوم )

أقِلّي عَلـيَّ اللَّـومَ يَا بنـتَ مُنْـذِرِ
= وَنَامِي ،وإن لَمْ تَشتَهِي النَّومَ فَاسهَرِي

ذَرِينِي ونَفسِي ،أُمّ حَسَّـان ،إِنَّنِـي
= بِهَا ،قَبلَ أن لاَ أملِكَ البَيعَ ، مُشتَـرِي

أَحَادِيثَ تَبقَى ، والفَتَى غَيـرُ خَالـدٍ
= إِذَا هُوَ أَمسَى هَامـةً فَـوقَ صُيَّـرِ

تُجَاوِبُ أَحجَارَ الكِنَاسِ ، وتَشتَكِـي
= إلى كُلّ مَعـروفٍ رَأتـهُ ، ومُنكَـرِ

ذَرِينِي أُطوّفْ فِي البِـلاد ، لَعَلَّنِـي
= أُخلِّيك ، أَوْ أُغنِيكِ عَن سُوءِ مَحْضرِي

فَإنْ فَازَ سَهـمٌ لِلمَنِيـةِ لَـمْ أَكُـنْ
= جَزُوعاً ، وهَلْ عَن ذَاكَ ، مِن مُتَأَخّرِ ؟

وإِنْ فَازَ سَهمِي كَفَّكُم عَن مَقاعِـدٍ
= لَكُم خَلفَ أَدبَارِ البيـوتِ ، ومنظـرِ

تَقُولُ : لَكَ الوَيلاتُ ، هَلْ أَنتَ تَاركٌ
= ضُبوّاً برَجْـلٍ ، تـارةً ، وبِمنسَـرِ

ومُستثبتٌ فِي مَالِكَ، العَـامَ، أنَّنِـي
= أَرَاكَ عَلَى أَقتَـاد صَرمَـاء ، مُذكِـرِ

فجوعٌ لأهـلِ الصَالِحِيـنَ ، مَزَلّـةٌ
= مَخوفٌ رَدَاهَا أَن تُصِيبكَ ، فَاحـذَرِ

أَبَى الخفضَ من يَغشَاكِ من ذِي قرابـة
= ومن كُلّ سَـوداءِ المعَاصـمِ تَعتَـرِي

ومُستهنِىءٍ زَيـدٌ أَبُـوه ، فَـلا أَرَى
= لَهُ مَدْفَعاً ، فَاقْنَيْ حَيـاءَكِ واصْبـرِي

لَحَى اللهُ صُعلوكاً ، إِذَا جَـنَّ لَيلُـهُ
= مُصَافِي المُشَاشِ ، آلِفاً كُـلّ مَجـزرِ

يَعُدّ الغِنَى من نَفسِـه ، كُـلّ لَيلُـةُ
= أَصَابَ قِرَاهَـا من صَديـقٍ مُيَسَّـرِ

يَنَامُ عِشَـاءً ثُـمَّ يُصبِـحُ نَاعِسـاً
= تَحُثّ الحَصَى عَـن جَنبِـهِ المتَعفِّـرِ

قَلِيـلُ التمـاسِ الـزَّادِ إلاّ لِنَفسِـهِ
= إِذَا هُو أَمسَـى كَالعَرِيـشِ المُجَـوَّرِ

يُعينُ نِسَـاء الحَـيِّ ، مَـا يَستعِنّـه
= ويُمسِي طَليحاً ، كَالبَعِيـر المُحَسَّـرِ

ولكِنَّ صُعلُوكاً ، صفِيحَـةُ وَجهِـهِ
= كَضَـوءِ شِهَـابِ القَابِـسِ المُتَنَـوِّرِ

مُطِـلاَّ عَلَـى أَعدَائِـهِ يَزجـرونَـه
= بِسَاحتِهم ، زَجـرَ المَنيـح المُشَهَّـرِ

إِذَا بَعُـدوا لاَ يَأمَـنـونَ اقتِـرَابَـه
= تشـوُّفَ أَهـل الغَائِـب المُتَنَظَّـرِ

فَـذلك إِن يَلـقَ الـمَنِيَّـة يَلْقَهَـا
= حَمِيداً ، وإِن يَستَغنِ يَوماً ، فَأجـدرِ

أَيَهلِكُ مُعتـمٌّ وزَيـدٌ ، ولَـمْ أقُـمْ
= عَلَى نُدَب يَوماً ، وَلِي نَفسُ مُخطِـرِ

سَتُفزِع ، بَعدَ اليَأس ، مَنْ لاَ يَخافُنَـا
= كَواسِع فِي أُخـرَى السّـوام المُنَفَّـرِ

يُطَاعِـن عَنـهَا أَوّلَ القَـومِ بالقَنَـا
= وبِيضٍ خفافٍ ، ذَات لَـونٍ مُشَهَّـرِ

فَيوماً عَلَى نَجـدٍ وغَـاراتِ أَهلهَـا
= ويَوماً بَأرضٍ ذَاتِ شَـتٍّ وعَرعَـرِ

يناقلن بالشُّمطِ الكِرام ، أُولي القُـوَى
= نقابَ الحِجاز فِي السريـح المُسَيَّـرِ

يُرِيح عَلَيَّ اللَّيـلُ أَضْيـافَ مَاجِـدٍ
= كريمٍ ، ومَالِي ، سَارِحاً ، مَالُ مُقتِـرِ

منقول وأنتم سالمون وغانمون والسلام .

باحث
01-03-2008, 08:32
بارك الله فيك
أخي الكريم / خطاف السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : شكرا جزيلا لك على مرورك الكريم بلاميتي العرب والعجم والله يبارك فيك هذا وتقبل فائق شكري وامتناني مقرونا بجزيل محبتي واحترامي مع أطيب الأمنيات واسلم وسلم والسلام .