المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدافع نحو التعارف مع الغير


حجي آل نصر
22-02-2008, 02:34
بسم الله الرحمن الرحيم

http://www.islamic-council.com/quran/image/49_013.gif


الآية المباركة جعلت الهدف من الكيان الاجتماعي هو التعارف { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا } شعوباً ( مجتمعات ) وقبائل لماذا ؟ لتعارفوا الهدف هو التعارف ؟ ما هو الذي يدفعني إلى للتعارف ؟ ما هو الهدف الذي يدفع الفرد لأن يتعارف مع الآخرين ؟

ما هو الذي يدفع الفرد لكي يتعامل مع أبناء المجتمع ؟ بأي نوع من أنواع التعامل .

هنا نظريتان :
- النظرية الأولى : نظرية الفلاسفة.
- النظرية الثانية : نظرية علماء العرفان.


- النظرية الأولى : نظرية الفلاسفة

أن المحرك الأساس لجميع منطلقات الإنسان ولجميع أفعال الإنسان ومنها تعارفه مع الآخرين هو غريزة حب الذات

أقوى غريزة تهيمن على الإنسان هي غريزة حب الذات ، حب الذات هو الذي يدفع الإنسان للغذاء لأن الغذاء يبقي ذاته فيندفع نحو الغذاء ، حب الذات هو الذي يدفع الإنسان للزواج ، الزواج يشبع ذاته من الناحية الجنسية فهو يندفع نحو الزواج . لماذا ينجب ؟ الذي يدفع الإنسان للإنجاب غريزة حب الذات أيضاً لأن النسل امتداد لوجوده وهو يحب وجوده فيندفع نحو الإنجاب والنسل . أيضاً لماذا يتعرف على الآخرين ؟ انطلاقاً من غريزة حب الذات لأنني أندفع نحو الآخرين ، أتعرف على الآخرين أتعامل مع الآخرين كي يخدموني يوماً من الأيام ، التعرف على الآخرين طريقٌ لخدمتهم لي يوماً من الأيام فأنا انطلاقاً من غريزة حب الذات التعرف على الآخرين ، المنطلق هو غريزة حب الذات . بل ترقى الفلاسفة إلى أن هذا هو المنطلق حتى في العبادة وحتى في الشهادة ، لاحظوا هذا الإنسان الذي يتهجد ويتعبد إلى الله تبارك وتعالى ما الذي يدفعه إلى العبادة ؟ يقولون غريزة حب الذات ، لولا أن هذا الإنسان يدرك أن العبادة لذة لما عبد الله ، ولولا أن هذا المتعبد يدرك أن العبادة طريقٌ إلى اللذة ، اللذة الأخروية لما عبد الله ، حتى العبادة يمارسها الإنسان انطلاقاُ من غريزة حب الذات ، لأنها لذة له أو لأنها طريقٌ إلى لذته . بل حتى الشهادة تصوروا هذا الشهيد الذي يسحق نفسه ، هذا الشهيد الذي يقدم نفسه قرباناً لمبدأ أو لهدف معين يقولون هذا الشهيد ما دفعه للشهادة إلا غريزة حب الذات ، لأن الشهادة لذة له لأن الشهادة إما أن توجب له سمعة حسنة ، أو لأن الشهادة طريق إلى الجنة ، بالنتيجة اندفع للشهادة من أجل ذاته ، من أجل لذة ذاته . فغريزة حب الذات هي المحرك لسائر منطلقات الإنسان ولسائر تصرفات الإنسان ، علاقته مع ربه عن حب الذات ، علاقته مع المجتمع عن حب الذات ، علاقته مع الأشياء الأخرى من حب الذات منطلقه هو حب الذات دائماً . هذه نظرية الفلاسفة.


النظرية الثانية :


علماء العرفان يقولون : نحن لانحصر الدافع في الدافعية الذاتية والدافعية الأنانية وإنما هناك دوافع غيرية تتحكم في مسيرة الإنسان . كيف ؟ نضرب مثال أنت الآن مثلاً تمدح إنسان معين ، تمدحه لماذا ؟ تمدحه لأنه خدمك أو لأن مدحك له سيكون سبباً لخدمته لك ، فيكون المدح منطلقاً من حب الذات . ولكن تارة أنت تسمع عن إنسان عظيم رجل يحدثك عن إنشتاين صاحب النظرية النسبية ، أو أي عالم معروف أنت عندما تسمع عن هذا العظيم تقوم تثني عليه فتقول أن هذا الإنسان عظيم.

يستحق الشكر يستحق أن تعظمه الإنسانية وتجلله الإنسانية ، مدحك هنا بأي دافع ؟ أنت عندما تمدح إنشتاين

أنت عندما تمدح هذا العظيم و تثني عليه بأي دافع ؟ لا يوجد هنا دافع ذاتي أبداً ، لا أنت ترجو من مدح إنشتاين شهرة ولا أجراً ولا مكافأة ولا سمعة ولا أنك إذا تركت مدحه ستصاب بألم فتظطر لإزالة الألم بمدحه لا ، لا يفرض عليك أحد مدحه ولا يلومك أحد على عدم مدحه ولا يطالبك أحد بمدحه ، مدحته أو لم تمدحه أنت لا تكتسب بالمدح أي منفعة لذاتك ، إذاً لماذا تمدحه ؟

هنا يقول العلماء بالدافع الإنبهاري ، مدحته بهرتك عظمته فمدحته الذي دفعك للمدح انبهارك بعظمة هذا العظيم ، عظمة العظيم سيطرة على مشاعرك فمدحته اندفاعاً من باب الانبهار ومن باب التعظيم لا من باب حب الذات ، تعظيم العظيم انبهاراً به ، تعظيم العظيم إعظاماً لمقامه ، لا لأن هذا المدح يعود إليك بالمنفعة الذاتية أبداً . أنت الآن مثلاً عندما يدخل أحد وجهاء المجتمع إلى بلدك ، يدخل أحد وجهاء المجتمع إلى مجلسك إلى المكان الذي أنت فيه ، أنت تقوم ، تقوم بأي دافع ؟
بدافع أن يكافئك أو يمدحك أو يقوم لك كما قمت له قد تكون هذه الدوافع ، لكن أحياناً لا بهرتك عظمته وبهرتك وجاهته فقمت له تعظيما بدافع انبهاري بدافع تعظيمي لا بدافعٍ ذاتي إطلاقاً ، فالتعامل مع الآخرين لا ينطلق من حب الذات وحدها بل قد ينطلق أحياناً من خلال الانبهار واستعظام العظمة .

لذلك عندما يقف المؤمن العابد

عابداً لربه تبارك وتعالى ، هذا المتعبد المتهجد لربه أحياناً يعبد ربه خوفاً من عقابه هذه غريزة حب الذات ، أحياناً يعبد ربه طلباً في ثوابه هذه غريزة حب الذات ، أحياناً يعبد ربه لأنه يلتذ بالعبادة كجو روحي يلتذ به هذه غريزة حب الذات ، أحياناً يعبد ربه لأن عدم العبادة يسبب له ألم فيتخلص من الألم بالعبادة هذا أيضاً غريزة حب الذات ، أحياناً يعبد ربه لأنه أدرك عظمة العظيم تعالى رأى أن عظمة العظيم تعالى تسيطر على جميع أجزائه و تسيطر على جميع جوانحه و تسيطر على جميع ذراته ، يقول هنا علماء العرفان : ( أدرك أن ذاته عين الربط وعين التعلق بالعظيم تبارك تعالى أدرك أن لا إنية له ولا هوية له أدرك أن لا نفسية له بهرته عظمة العظيم واستولت على مشاعره وجوانحه فقام متعبداً بدافع الانبهار والتعظيم لا بدافع الذات وحب الذات ) العبادة لا تنحصر في دافع الغريزة ، غريزة حب الذات بل قد تكون بدافع التعظيم و الانبهار.
إذاً تصور أن جميع الأعمال وجميع الحركات تنطلق عن غريزة حب الذات هذا التصور قاصر هذه النظرية قاصرة ، هناك دوافع انبهارية و تعظيمية أخرى غير دافع غريزة حب الذات.


"اسمحوا لنا كلام أعجبنا فوضعناه لكم لعل فيه الفائدة المرجوة والله أعلم حجي آل نصر يسألكم الدعاء"

حاتميه
22-02-2008, 06:59
اهلا بك حجي وبطرحك الشيق .. كلام اعجبك واعجبنا بشده

نعم غريزة حب الذات هي أهم الغرائز الموجهة للسلوك

فالغرائز مادة أولية للأخلاق .. لكن لا ينبغي أن تترك على طبيعتها تعبث بالسلوك

ولا ينبغي تحطيمها ايضا .. بل تهذيبها أحيانا وتشجيعها احيان ,,,

الف شكر لإنتقائك الرائع للموضوع

يعطيك مل يووون عافيه

بانتظار جديدك ومفيدك

صلاح القويماني الفضلي
22-02-2008, 09:05
حجي

الله يعطيك العاااافيه

ع طرحه هذا الموضوع

في غاية الروعه والجمال

حجي آل نصر
24-02-2008, 06:16
سلام عليكم

بداية مشجعة من الأخت حاتمية والاخ صلاح الفضلي بإطلاتهم البهية علينا وفقكم الله ورعاكم

نحاول نضيف مواضيع أخرى إن أمكننا وتم تشجيعنا

ولكم تحياتي
ونسألكم الدعاء
حجي آل نصر