المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العولمة وتأثيرها على العالم كله


فيصل
26-03-2008, 06:39
العولمة وتأثيراتها على العالم كله

مصطلح العولمة :
يرجع مصطلح " ما بعد الصناعة " (Post-industrial ) إلى سنة 1917 . أما مصطلح " مجتمع المعلومات " (Information Society ) فإنه لم يستخدم حتى سنة 1968 . كان مصطلح " مجتمع الخدمات " (Services Society ) هو المفضل خلال السبعينات . وفي سنة 1969 أشار بيتر دراكر (Peter Dracker ) إلى " مجتمع المعرفة " (Knowledge Society ) . ويعتبر كتاب دانييل بيل (Denial Bell ) " قدوم مجتمع ما بعد الصناعة " 1973 أول دراسة جادة عن مجتمع يقوم على أساس المعرفة ، وإن كان لا يستخدم مصطلح مجتمع المعلومات في كتابه . وفي سنة 1975 أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD ) تقريرا بعنوان : " مجتمع المعلومات " (The Information Society ) . وفي أوائل الثمانينات أصبح مصطلح " مجتمع المعلومات " شائع الاستخدام ، مما دفع بجون نايست (John Naisbitt) إلى أن يعلن سنة 1982 , أنه قد أصبح من الواضح أن " مجتمع ما بعد الصناعة " هو " مجتمع المعلومات " وفي أواخر التسعينات من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين بدأ مصطلح " مجتمع / عصر المعرفة " في الظهور للدلالة على أن الهدف الحقيقي يجب أن يتمثل في تحويل " المعلومات " إلى " المعرفة " وإلى " الحكمة " ، وفي توظيفها في خدمة الإنسانية ، وربما كان ذلك رفضا لطوفان المعلومات الذي بدأ يغرق الإنسانية من مصادر متعددة بما يفوق قدرتها على استيعابها والإفادة منها .
وقد اختلف المفكرون في معنى علمي جامع للمصطلح ومفهومه . غير أن مفهوم العولمة يشير ـ بوجه عام ـ إلى الاعتماد المتبادل المتزايد والمتسارع في أرجاء العالم على أبعاد و جوانب مختلفة ، حيث تتحول النشاطات من المجالات المحلية إلى المجال العالمي . وقد كانت النقاط المرجعية لعملية العولمة منذ القرن السادس عشر هي :
المجتمعات القومية ، والنظام الدولي . والأفراد ،والجنس البشري . وتبلورت هذه الركائز بوضوح في القرنين الأخيرين .
وتعددت تعار يف العولمة بتعدد نشاطاتها ، ومن هنا نشأت صعوبة صياغة تعريف مفرد لها يصف بدقة كل نشاطاتها المتعددة . فهناك ثلاثة عناصر يمكن أن تنم عن جوهر العولمة ألا وهي : انتشار المعلومات وإتاحتها لجميع الناس ، وتذويب الحدود بين الدول ، وازدياد معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات . ففي ظل العولمة تنتشر المعلومات والأفكار والمبادئ ، وتسقط الحواجز من أجل أن تتسع الحدود . والعولمة عملية مستمرة نلحظها جيدا في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية ، وفي مجال الاتصالات والتقدم التكنولوجي . وعلى الرغم من تلك الاختلافات فان العولمة ظاهرة قديمة اتخذت أبعادا متعددة جديدة واكتسبت مضامين حديثة وهي تعبير بارز في الفكر الاقتصادي والسياسي الغربي كمرحلة من مراحل التطور في النشاطات والعلاقات الدولية بدأت في العصر الحديث عندما بدأ الغرب يفكر في تنظيم علاقاته بدول العالم وتبادل منافعه معها . وهي أيضا ظاهرة بشرية ومعرفية وموضوعية فرضت نفسها على العالم بأسره
.
تعريف آخر للعولمة :
السمة الثانية لهذا العصر هي " العولمة " وتعني في جوهرها : ازدياد العلاقات والتفاعلات بين الأمم عن طريق تبادل السلع والخدمات وانتقال رؤوس الأموال وانتشار الأفكار والمعلومات والتأثر بالقيم والعادات .
ومع حداثة المصطلح وشيوع استخدامه ، فإن فكرة العولمة وممارستها قديمة ، وإن ازدادت معدلاتها مع ازدياد سرعة الانتقال والاتصال في العصور الحديثة ، ثم على نحو خاص في العقود الثلاثة الأخيرة ، نتيجة لانهيار أسوار العزلة التي فرضتها بعض الدول على نفسها أو فرضت عليها ، وللتنوع في السلع والخدمات التي يجرى تبادلها ، وزيادة تبادل الأفكار والقيم ، وضعف سيطرة الدولة وتغير دورها ، ونمو سيطرة الشركات متعددة الجنسية ...
والمفهوم الشائع البراق للعولمة أنها عملية تحرر من الدولة القومية إلى العالمية ، ومن التخطيط إلى حرية السوق ، ومن ثقافة محلية إلى ثقافة عالمية ، ومن أيدلوجية ضيقة إلى تنوع وتعدد . هذا المفهوم ليس دقيقا تماما ، بل ليس صحيحا . فالعولمة في حقيقتها "عولمة نمط معين من الحياة " ، يرتبط بثقافة معينة وأيديولوجية معينة . وقد لا يكون هذا النمط ملائما أو مفيدا لنا (دول الجنوب – الدول العربية) . وأداتها الأساسية الشركات متعددة الجنسية . وليس صحيحا أنها عملية تحرير ، بل هي استبدال سيطرة قديمة غير مباشرة . وهي بوضوح أكثر محاولة فرض نمط الحياة والحضارة الغربية / الأمريكية بصفة خاصة أو سيادة المجتمع الغربي الأمريكي الرأسمالي ، وليس محاولة إقامة حضارة عالمية ومجتمع عالمي وثقافة محايدة .
يحاول البعض الترويج لكون العولمة " ظاهرة حتمية " ، ومن ثم يتم الإيحاء بوجوب الاستسلام لها وتقبلها والتكيف معها ، وهذا أيضا خطأ ، فليس من المحتم على الإنسانية أن تقبل وتستسلم لمفاهيم وقيم وممارسات الحضارة الغربية (وخاصة في طورها الأمريكي السائد الآن) . إن بعض (بل كثير) مما تدعو إليه الحضارة الغربية الأمريكية يتعارض مع مبادئ إنسانية عامة ، ومع حضارات وثقافات كثيرة عديدة (ومنها الثقافات الشرقية والعربية) . وليس من الضروري أن تلغي هذه الحضارات ذاتها قيما ومفاهيم وممارسات غربية عنها ومفروضة عليها ، بحكم سيطرة مجتمعات أخرى وسيادتها وقوتها .
والعولمة متعددة الجوانب . فهي تعني عولمة الإنتاج والاستهلاك والعلم والتكنولوجيا والثقافة ، والنظم السياسية ... إلى غير ذلك . وعلينا أن نعي هذا التعدد والتعقد والتشابك ونحن نتعامل معها - قبولا أو رفضا . فالبعض يقبل العولمة لأنها تعني مزيدا من العالمية والإنتاج والثروة ... والبعض الآخر يرفضها لأسباب اقتصادية (التبعية والتهميش) ، أو دينية (الغرب المسيحي أو الملحد) ، أو حضارة قومية (غزو خارجي) .
لا تعني معارضة أو مقاومة العولمة الدعوة إلى الرجعية أو الانعزال أو التخلف . بل قد تكون دعوة إلى التحرر الحقيقي . فتحقيق التنمية والتحرر لا يرتبط بالضرورة بالذوبان في العولمة . أو الخضوع للغرب . أو الانجراف مع اقتصاديات السوق، أو العبودية للتطور التكنولوجي . يمكن تحقيق النمو مع المحافظة على الهوية الحضارية ، وتحقيق العالمية مع الاحتفاظ بالمحلية والذاتية ، وتحقيق التحديث مع المحافظة على الأصالة .
إننا في حاجة إلى " أسلمة " و" عوربة " لا إلى " عولمة " . ولا يعني هذا نفي الآخر أو عدم التعامل معه ، وإنما يعني أن نختار وننتقي مما لديه ، ما نحن في حاجة حقيقية إليه، ولسنا قادرين عليه .
إننا نعيش عصر العولمة معولمين " بفتح اللام " لا معولمين " بكسر اللام " . ونعيش عصر الحتميات التكنولوجية الجبارة مستهلكين لا منتجين . ولا عاصم لنا من الذوبان إلا التمسك بثقافتنا العربية الإسلامية وتصورها الكلي للإلوهية والكون والإنسان والحياة . ولقد فتحت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المجال لجعل أكثر الأفكار إفراطا في التجريد والخيال ممكنة التحقيق . حتى سمي عصرنا هذا بعصر " سطوة العلم " و " جبروت التكنولوجيا " ؛ فمن يملك سطوة العلم وجبروت التكنولوجيا ، لا يملك قوة خارقة في السرعة والقدرة على معالجة الظواهر المعقدة فحسب ، بل يملك أيضا حالة من المركزية المفرطة في التحكم في موازين الحرب والسلام ، والغنى والفقر ، وفي تأليف الأشياء مع أضدادها ، كالتأليف بين الجمال والقبح في الفن، والخير والشر في السياسة ، والصدق والزيف في الإعلام ، والأدب وقلة الأدب في الأدب ! .
إن حضارة عصرنا لا تعترف بالقيم الأخلاقية ، والأخوة الإنسانية القائمة على العدالة والمساواة . وإنما تعترف بقيم الثروة والتفوق والامتياز المادي . وعلى الذين هم دون ذلك أن يعيشوا في الظل ، يستجدون سلاحهم ، كما يستجدون قوتهم .
إن المفروض أن تقودنا سعة العلم وتقدم التكنولوجيا إلى المعرفة والحكمة ؛ لكن العلم بلا إيمان قد شجعنا أكثر على الحماقة . فالعلوم الحديثة التي حققت لنا المعجزات ، هي نفسها التي تهدم الأرض وما عليها ، وتثير الرعب في جميع أرجائها ! والطائرات التي جعلت الدنيا أصغر وأقرب ، هي نفسها التي تحمل القنابل وتقذف بها الأبرياء . بل وتستخدم كقنابل ! والصواريخ التي تنقل الإنسان إلى الكواكب الأخرى من أجل مزيد من العلم والمعرفة ، هي التي تدك الأرض وتدمر الحياة ! .
إننا نعيش في عصر اللامعقول ، والشيء الأكيد فيه هو عدم اليقين ! إن أي شيء قد يحدث. إن العالم يُكتشف كل يوم من جديد . وإن ما سيأتي لا نعرف عنه شيئا . وإن ما لدينا لن يبقى طويلا بعد وصول القادم الجديد ! ومن هنا تنشا مشكلات أكثر حدة تتعلق بتحقيق التكامل الاجتماعي ، وسط مناخ من عدم الأمن ، والنزعة الفردية ، والفقر المتزايد .
إن ثورة المعلومات والتغيرات التقانة المتلاحقة بمثابة " عربة بدون فرامل " . لا يكفي أن نشجع على تحريكها . ولا يمكن أن نكتفي بالتوجيه والتكيف معها ، وكأن القرارات التي أوجدتها قرارات نهائية لا تغير فيها . وإنما علينا أن نصلحها . أو أن نختار بديلا لها . وأن نسيرها في الاتجاهات التي نرغبها ، ولا نجعلها تسيرنا .
إن هذه التحولات المتسارعة التي يكتنفها الغموض وعدم التأكد تمثل أبرز السمات المعاصرة ، وتنسف كل الإسقاطات المستقبلية المعتادة ، التي تنطلق من وضعية محددة المعالم . وتدخلنا في عالم " السيناريوهات " المرنة المفتوحة على الكثير من الاحتمالات ؛ حيث الشيء الوحيد الأكيد هو "انعدام اليقين " ! .
إن الإنسان يملك على نحو لم يتيسر له من قبل قوة هائلة ، يصنع ما يريد : السلع المادية ، وعلاج الأمراض ، وغزو الفضاء ، والاستنساخ ، والتحكم في الأشياء ، ولكنه لا يعرف حتى الآن كيف يستخدم هذه القدرة الهائلة بحكمة ، وقد يتسبب عدم استخدام هذه القدرات بحكمة في أخطار هائلة . والحل يكمن في الثقافة ، وفي الوعي الثقافي الذي لا يأتي إلا بالتربية . وفي اللغة العربية الإسلامية ، وتربيتها ، ولغتها ، هي المشكلة ، وهي الحل .
إننا - باختصار - بحاجة إلى عالم يعاد بناؤه على أسس إيمانية ربانية ، وسلوكيات أخلاقية مغايرة لما هو عليه الآن . عالم يرفض الوضعية العلمية وصلفها الفكري ، ويرفض البرجماتية ونفعيتها قصيرة النظر ، ويرفض ذاتية ما بعد الحداثة ، وقد اقتربت من حد الفوضى ، التي يمكن أن تورد الحديثة مورد الهلاك . ويرفض تفكيك النصوص المقدسة وثقافاتها وإعادة بنائها على هوى المعولمين الجدد . إننا بحاجة إلى التعامل الذكي مع العولمة الثقافية وحتمياتها التكنولوجية المادية ، وخاصة بعد أن فصلها أصحابها عن أصولها الإيمانية ، والروحية ، والأخلاقية ؛ فكانت النتيجة التي حذرنا منها المهاتما غاندي : سياسة بلا أخلاق ، وتجارة بلا مبادئ ، وثروة بلا عمل ؛ وتعليما بلا تربية ، وعلما بلا ضمير وعبادة بلا تضحية ! .
إننا بحاجة إلى إعادة دراسة تراثنا ، فقد أهملناه طويلا ، مع أن به من الإشراقات في شتى جوانب العلم والمعرفة ما يعد الآن ابتكارا و إبداعا حقيقيين ! أخذها عنا الآخرون من قبل ، ونحن نترجمها عنهم الآن باعتزاز وافتخار ، وكأننا قد أتينا بما لم يأت من به الأوائل ! وليس من الحكمة – في ذات الوقت – أن نفكر في العودة بأثر رجعي ، ولكن الحكمة تقتضي الإيمان بأن حاضر المجتمع هو محصلة لفلسفته الأصلية ولتجاربه الحية عبر العصور .
يمكن التمييز بين المجتمع الصناعي والمجتمع المعلوماتي على نحو مبسط ، فالأول يغلب عليه العمال " ذوي الياقات الزرقاء " الذين يعملون في مؤسسات ضخمة تحت إشراف دقيق ، ويستخدمون تكنولوجيات صناعية للتعامل مع المواد الخام لإنتاج سلع مادية بكميات كبيرة . ويتطلب القليل من هذه السلع مستوى عاليا من المعلومات أو تكنولوجيات معلوماتية للتصميم أو الإنتاج أو البيع أو الصيانة . أما المجتمع المعلوماتي فيغلب فيه وجود عمال " معرفيين " من " ذوي الياقات البيضاء " يعملون في جماعات ( أقل عددا وأكثر انتشارا مما يوجد في الصناعة ) يتميزون بمستوى عال من المعرفة ، يعملون في قطاع الإنتاج والخدمات والعلاقات الاجتماعية ، ويستخدمون تكنولوجيات المعرفة في الإنتاج والتسويق والصيانة .
شهد النصف الثاني من القرن العشرين مجموعة من التغيرات أذنت بذبول عصر / مجتمع الصناعة وظهور مجتمع المعلومات ، منها :
• الانتشار الهائل لأجهزة الكومبيوتر ، وزيادة قدرتها وصغر حجمها ورخص ثمنها ، ثم ترابطها في شبكات عالمية .
• زيادة عدد المال ذوي الياقات البيضاء ( العاملين في المهن الفنية والإدارية والسكرتارية ... الخ ) على عدد العمال ذوي الياقات الزرقاء ( العاملين في الإنتاج ) في الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة سنة 1956 .
• إطلاق القمر الصناعي الروسي ( سبوتنيك ) سنة 1957 ( وما تلاه من أقمار صناعية متعددة ) معلنا ثورة في عالم المعلومات والاتصالات ( عولمة الاتصالات والمعلومات ) ، وهو حدث يفوق في أهميته " غزو الفضاء " .
• تزايد الاعتماد على أجهزة الإعلام والاتصالات في السياسة والترفيه والدين ... وغيرها من المجالات ، وبلوغه حدا أبر من المواجهة الشخصية المباشرة .
• نمو صناعات الترفيه والثقافة ، وضخامة الاستثمار فيها والإنفاق عليها والعائد منها ، بما أصبح بما أصبح يفوق الكثير من الصناعات المادية .
• ازدياد قيمة " المعرفة " كسلعة ومصدر للثروة :
- في سنة 1991 بلغت صادرات الولايات المتحدة الأمريكية من أجهزة الكومبيوتر وبرامجها 48 بليون دولار مقابل 22 بليون دولار للصادرات من السيارات وقطع غيارها.
- في منتصف الخمسينات كان 80 % من تكلفة السيارة يمثل المواد الخام والأجور ، مقابل 20 % للمعلومات والخدمات ( التصميم ، الإدارة ، التسويق ... ) وفي منتصف الثمانينات انقلب الوضع إلى 80 % خدمات ومعلومات ، و20 % مواد وأجور .
• انفجار المعلومات ، وتضاعف حجم المعارف المتوافرة كل 5 سنوات تقريبا .
... كل ذلك يعني نهاية عصر الصناعة أو العالم الصناعي ، والدخول في عصر جديد من معالمه : الكومبيوتر والاتصالات والمعلومات .
هذا العصر أصبح يقوم على أساس مصدر جديد للقوة والثروة هو " المعرفة " ( بدلا من الأرض في الزراعي ، ورأس المال في المجتمع الصناعي ) ومن خصائص هذا المصدر أنه يصعب احتكاره والسيطرة عليه وحرمان الآخرين منه .
يتسم هذا العصر بسرعة التغير وقصر المدة . فقد استغرق عصر الزراعة آلاف السنين (خمسة آلاف سنة على الأقل ) ، وعصر الصناعة بضعة قرون ( 200 -300 سنة ) ، أما عصر المعلومات فقد لا تزيد مدته عن عدة عقود ( 30 – 40 سنة ) ، تدخل الإنسانية بعده بسرعة في عصور / حضارات / مجتمعات أخرى قد تكون الفراغ – البيولوجيا – المواد الجديدة – العصر النووي الجديد – الفضاء الجديد .

العناصر الداعمة للعولمة :
1- شبكة المعلومات الدولية ( انترنت )
تعتبر الانترنت أحدث ما أنجزته ثورة التكنولوجيا والاتصالات في وقتنا الحاضر . وهي باعتبارها شبكة عالمية تربط بين شبكات الكومبيوتر فقد استطاعت أن تجمع مستخدميها على اتساع العالم ، مما يؤدي إلى إيجاد مجتمع كوني يقوم على الاتصال بصفة أساسية . وتعرف الانترنت بأنها مجموعة من ملايين الحاسبات المنتشرة في آلاف الأماكن حول العالم ، ويمكن لمستخدمي هذه الحاسبات التواصل والعثور على المعلومات و البيانات و المشاركة في الملفات وتبادلها ، وذلك دون أهمية لنوع جهاز الكومبيوتر ، لأن هناك بروتوكولات تحكم عملية المشاركة للتحدث بلغة واحدة , أي المشاركة من خلال ما يعرف ببروتوكول الانترنت .

وتقدم الانترنت الخدمات التالية :
أ - البريد الالكتروني :
وتتحقق هذه الخدمة من خلال حزمة برامج خاصة بهذا الاسم يجري تحميلها على الحاسب وتقوم بهذا العمل ، ويستخدم هذا البرنامج إمكانات الحاسب وإمكانات شبكة الحاسب المرسل ليقوم بهذه المهمة .

ب - نقل الملفات ftp :
وتتم هذه الخدمة بغرض نقل الملفات من أجهزة الحاسب المتصلة بشبكة الانترنت لكي يمكن الاستفادة منها من خلال استخدامها
.
جـ - الاتصال البعدي TELNET :
وهي خدمة تختص بتشغيل حاسب بعيد كما لو كان المستخدم جالسا إلى الحاسب ،ونقل ملفات أو تشغيل برامجه بأمر TELNET .

د - جوفر GOPHER :
الجوفر هو خدمة المعلومات الموزعة والتي ترتب المعلومات في شكل طبقي عبر الانترنت، ويمنح الجوفر بروتوكولا يسمح لمستخدمي الانترنت الوصول إلى المعلومات من أي جهاز خادم متصل بالجوفر .

هـ - مجموعات الأخبار :
يتجه معظم المستخدمين لشبكة الانترنت في الوقت الحاضر إلى الإكثار من استعمال هذه الخدمة . وتقدم كل الشركات والمؤسسات صفحات إعلانية وثقافية وعلمية وترفيهية للعرض على شبكة (ويب WWW ) باستخدام لغة ترابط النص HTML .
ويعتقد الكثيرون أن الانترنت أصبحت مجتمعا متكاملا له لغته الخاصة فضلا عن عاداته وتقاليده ، وهي بذلك تقوم بدور رئيسي في زيادة ترابط العالم واتصاله مما يعد ثورة في مجال الاتصالات . وبفضل الانترنت يستطيع أي فرد في أية دولة أن يتصل بأفراد ينتمون إلى ثقافات عديدة ومتباينة دون اعتبار لعقبات الجغرافيا وقيود اختلاف الزمن والثقافة واللغات . ومن خلال الانترنت يتواصل الناس ويحصلون على المعلومات والمعرفة ويتبادلون الأفكار والسلع والخدمات . وتمثل الانترنت دليلا ناصعا على عولمة الاتصالات .

2- التجارة الالكترونية :
شهدت السنوات الأخيرة من القرن العشرين بزوغ نجم التجارة الالكترونية في عالم رحب ومتنوع وسريع النمو ، وقد مثل تطورا بالغ التأثير في مسار ثورة المعلومات . فالتجارة الالكترونية تفضي إلى إسقاط المسافات لتخلق سوقا واحدة واقتصادا واحدا ، مما يفتح آفاقا جديدة للمعاملات والمبادلات الدولية . وينجم عن هذا التطور الفائق تكنولوجيات جديدة وصناعات إستراتيجية جديدة لم يشهدها العصر الصناعي . كما يدعم النظام العالمي الجديد شبكة من أجهزة الاتصال و الحاسبات مفتوحة لمشاركة جميع الناس. لقد أصبح من الميسور لأي فرد في أي مكان وفي أي وقت أن يقوم بالتجارة الالكترونية وأن يتعامل معها وبأي صورة من الصور وبأي حجم يراه . فالتجارة الالكترونية تجلب إليك أحدث ما ينتجه العالم في مختلف النشاطات الاقتصادية ومن أنواع وأشكال شتى . ومن ثم فإن التجارة الالكترونية تدعم العولمة وتسعى إلى تحقيق المنفعة وتعظيم الرفاهية .

3- شبكة الاتصالات العالمية :
يسيطر على عالم اليوم شبكات اتصالات عديدة ذات مستويات عالمية مختلفة سواء في محيط الكرة الأرضية أو في الفضاء الواسع . وبينما تهيمن على الأرض شبكات الاتصالات الالكترونية ، تسيطر الأقمار الصناعية والمحطات الفضائية على الاتصالات من الفضاء الكوني لخدمة سكان المعمورة . لقد وفرت تكنولوجيا الاتصالات المتطورة وأنظمة الشبكات و الدوائر ذات التقنية العالية فضلا عن الاتصالات المباشرة بالأقمار الصناعية إمكانية ارتباط سكان العالم ببغضهم البعض على الرغم من حواجز المكان وقيود الزمان . وينمي هذا الارتباط الشعور بوحدة سكان العالم ويتزايد معه الإحساس بالكونية . ولا ريب في أن المعرفة الناشئة عن الاتصالات الكونية ، وتفاعلها المستمر وتنامي علاقاته الوظيفية يزيد الإحساس بأهمية العولمة وبدورها الرائد في تحقيق وحدة وتكامل المعرفة الكونية .

4- شبكات الإعلام الكونية :
تقوم الشبكات الإعلامية الإخبارية الكبرى مثل شبكات CNN وال MBC وال ANN بالتغطية الإعلامية الكونية ، حيث تنقل الأخبار والأحداث فور وقوعها إلى جميع بقاع العالم ، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تقارب الشعوب والأمم من خلال المتابعة المستمرة للأخبار والأحداث . إن الانتشار الفوري للأخبار والأحداث في أرجاء العالم المختلفة وإحاطة السكان علما بها يؤدي إلى تعميق مضمون العولمة واتساع مداه .

5- المنظمات الأهلية غير الحكومية :
يقع عبء تأسيس هذه المنظمات على عاتق أفراد الشعب . وبالتالي تكتسب قوة شعبية يزداد تأثيرها وفعاليتها بنمو وعي الشعب وإدراكه أهمية الدور الذي تضطلع به هذه المنظمات . وهذه المنظمات تعني بشئون المجتمع وبالقضايا العالمية , فهي تعيد صياغة التوجهات الاجتماعية العامة من خلال الدراسة العميقة للشرائح الاجتماعية وللأفكار والاتجاهات السائدة في المجتمع ، كما أنها تبسط وتحلل المشكلات والقضايا التي تشغل الرأي العام العالمي ، والتي تهم الإنسان في كل مكان لبلورة اتجاه مستنير قوي حيال هذه المشكلات والقضايا . وقد برز بوجه خاص دور هذه المنظمات في مجال حقوق الإنسان . وتمارس هذه المنظمات نشاطها في ثلاث دوائر متكاملة تقوي الاتجاه نحو العولمة هي : الدائرة المحلية والدائرة الإقليمية والدائرة العالمية . وتقوم المنظمة الأهلية على المستوى المحلي بتثقيف وتوعية الجماهير التي تعيش في المنطقة التي تقع فيها المنظمة ، إلى جانب تبصير الجماهير بمشروعية حقوق الإنسان وبوجوب احترامها وصيانتها من جانب الدول والحكومات . أما الدائرة الإقليمية فتشمل المنظمات الأهلية غير الحكومية التي تعمل في نطاق الإقليم ، وهذه تقع في أكثر من دولة ، وتؤدي واجبها في تأكيد احترام وصيانة حقوق الإنسان في دائرة الإقليم . كما أنها تكشف انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها الحكومات وتحثها على احترام حقوقه المشروعة . ثم تأتي أهم الدوائر جميعا وهي الدائرة العالمية حيث تمارس المنظمات غير الحكومية نشاطها من خلال اجتماعات منظمة الأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها . وتؤكد هذه الممارسة على المستوى العالمي مفهوم الكونية ومفهوم حقوق الإنسان وتبرز دور المنظمات الإنساني في محاربة الظلم والقهر والاستغلال .

مخاطر العولمة :
نتناول في هذا العرض مخاطر العولمة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية . ومن المخاطر في المجال السياسي سوء استخدام الشرعية الدولية ، حيث تستغل بعض القوى الكبرى الشرعية الدولية لمصلحتها الخاصة وتعطي نفسها حق التدخل في شئون الدول الأخرى ويتجلى ذلك بوجه خاص في السياسة الأمريكية وفقا لتصورها الخاص ببناء نظام عالمي جديد . فباسم الشرعية الدولية تتدخل الولايات المتحدة لتفرض قرارات الأمم المتحدة في مكان وتغض البصر عن تنفيذ هذه القوانين والقرارات في أماكن أخرى . وأصبحت المصالح الدولية أو المصالح الأمريكية هي التي تحرك النظام العالمي الجديد . كما تحكمت الشركات متعددة الجنسيات في عمليات صنع القرار السياسي . وفي إطار العولمة تفككت دول مثل أفغانستان ، وارتكبت جرائم بشعة ومذابح ضد الشعوب دون تحقيق دولي كما حدث في البوسنة والهرسك ، ويحدث في رواندا في أفريقيا حيث أبيد أكثر من ربع مليون مواطن ، ولم تتحرك القوى الكبرى لدرء خطر الإبادة المستمرة للشعب الرواندي . ومازال مجرمو الحرب في البوسنة مطلقي السراح ، ولم تجر محاكماتهم طبقا لقرارات مجلس الأمن ، فضلا عن عدم احترام المواثيق والمعاهدات الدولية . وفي ظل العولمة تتحكم الولايات في مسيرة النظام الدولي وتفرض سيطرتها على مجلس الأمن ، وتكرس الشرعية الدولية لتحقيق أهدافها . وبمقتضى الشرعية الدولية تحاصر ثلاثة شعوب عربية هي الشعب العراقي والشعب الليبي والشعب السوداني . وقد أفضى هذا السلوك إلى ظهور تعبير " العولمة الأمريكية " الذي يمكن قراءته بوضوح في عدة قضايا ومناطق . ومن هذه القضايا قضية الاضطهاد الديني ، حيث انبرت الولايات المتحدة لتنصب نفسها مراقبا عاما للاضطهاد الديني في العالم . لقد استطاعت الولايات المتحدة أن تسيطر على مجلس الأمن ، وتنفيذا لمبدأ حق التدخل تستصدر منه قرارات باسم الشرعية الدولية.
ومن مظاهر فرض وصايتها على دول العالم التشريع الذي كان يعده الكونجرس الأمريكي عن الاضطهاد الديني مستخدما سلاح العقوبات الاقتصادية دون سند من القانون أو الشرعية ، ويكشف تقرير نشر في جريدة الحياة بتاريخ 3 مارس 1998 عن أن لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب الأمريكي قررت بأغلبية 31 صوتا ضد خمسة أصوات طرح مشروع قانون ينص على إنشاء مكتب في البيت الأبيض لمراقبة الاضطهاد الديني .
ويذكر التقرير سالف الذكر أن مشروع القرار المسمى قانون " التحرر من الاضطهاد الديني لعام 1997 " ينص على تكليف مدير المكتب الجديد بمراقبة معاملة الأقليات الدينية في دول منها السودان ودول إسلامية أخرى والصين . وفرضت الحكومة الأمريكية مستويات من العقوبات اقتصادية وغيرها لمعاقبة الدول التي ترى الولايات المتحدة أنها تمارس معاملات غير عادلة للأقليات الدينية . وقد اعترضت الإدارة الأمريكية على هذا المشروع ، ولكنه يحظي بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي ، حيث يشمله بالرعاية نحو 110 أعضاء من الكونجرس حتى قبل أن يطرح للتصويت على أعضاء المجلس .
وقد تنامي الوعي الكوني بحقوق الأقليات وحقوق الإنسان بفعل ثورة الاتصالات التي جعلت العالم قرية كونية صغيرة تظهر في سمائها الأحداث فور وقوعها بما فيها انتهاكات حقوق الإنسان سواء كانت سياسية أو دينية . وهذا الوضع يتيح الفرصة للولايات المتحدة للتدخل لحماية حقوق الأقليات .
هناك الكثير ممن يرى أن الأقليات واحترام معتنقي الديانات المتعددة ينبغي مواجهتها من خلال المواطنة مما يؤدي إلى تحقيق المساواة بين أبناء الوطن الواحد ، وهم يرفضون تدخل أي جهة أجنبية ، أو استعداء قوى أجنبية ضد الدولة التي تضم أقليات .
ومن المخاطر للعولمة في المجال الاقتصادي تنمية الفوارق بين الدول وتعميم الفقر . فاقتصاد العولمة إلى إنتاج أكبر قدر من السلع بأقل قدر من العمل . ومن ثم فقد أصبحت الظاهرة الملازمة للعولمة التخفيض المستمر للعمالة من خلال تسريح العاملين . وباستقراء الأوضاع الاقتصادية في الماضي وفي الحاضر يمكن استخلاص نتيجة مؤداها أنه إذا كان النمو الاقتصادي في الماضي يتيح أكبر قدر من فرص العمل فان النمو الاقتصادي في نظام العولمة يقلل فرص العمل . إن التقدم التكنولوجي في ظل العولمة يقضي على بعض الحرف التقليدية ويفضي إلى ارتفاع معدل البطالة مما ينجم عنه آثار اجتماعية وسياسية سلبية . كما أن تركيز الثروة في أيدي قلة من البشر له انعكاسات خطيرة على الشرائح الدنيا من المجتمع .
إن ظاهرة الاتساع المطرد في الفوارق في الدخول كان يعتبر إحدى سمات التخلف الذي تعانيه دول العالم الثالث ، غير أن هذه الظاهرة برزت الآن في الدول المتقدمة ذاتها وبخاصة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية ، وقد لاحظ باحث أمريكي أن الطبقة الصغيرة في الولايات المتحدة تعاني حالة من التدهور تجعل منها طبقة منتمية إلى " العالم الثالث " . ويرى هذا الباحث أن التفاوت الكبير بين الأغنياء والفقراء هو ما يميز " التخلف " الذي تتصف به دول العالم الثالث . وهو ما ينحدر إليه الوضع في الولايات المتحدة . وتتفشى هذه الظاهرة اليوم في أوروبا حيث يفرض عليها نظام العولمة تقليص التعويضات والخدمات الاجتماعية مما يزيد الفوارق الاجتماعية بدرجة كبيرة .
من هنا نخلص إلى أن من النتائج المباشرة للعولمة تعميم الفقر الناشئ عن تعميق التفاوت في الدخول ، وإذكاء عوامل الصراع في المجتمع بين القادرين على الاستهلاك ، الذين يجمع بينهم ما توفره العولمة من سلع وبضائع توجد فيهم ميولا ورغبات مشتركة وبين غير القادرين والمهمشين الذين لا يجدون ما ينفقون .
وتبرز الخصخصة كأحد مظاهر عولمة الاقتصاد ، وبذلك تنتقل الملكية العامة للأمة إلى الملكية الخاصة في الداخل والخارج . ومن ثم يتقلص دور الدولة في المراقبة والتوجه في المجال الاقتصادي . إن إضعاف سلطة الدولة في سبيل العولمة يؤدي إلى استيقاظ مرجعيات للانتماء سابقة على الدولة مثل القبيلة والطاقة والمذهب ، وهذا يفضي إلى تشتيت وتفتيت .
وتظهر مخاطر العولمة أيضا نتيجة لما يسمى " النقود الالكترونية " ، حيث يتحول رأس المال بسرعة فائقة وخلال أجهزة الكومبيوتر من دولة إلى أخرى دون رقيب أو ضرائب لأن الحكومة لم تعد تعرف بالدقة حركة رأس المال منها واليها ، وبدون هذه المعرفة لا تستطيع الحكومة وضع برامج التنمية الاقتصادية أو رفع مستوى المعيشة . وبينما تعتبر عولمة تدفقات رأس المال شيئا حسنا بالنسبة إلى بلد غني مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تتمتع بسمعة ائتمانية راسخة ، فان تدفقات رأس المال قصيرة الأجل قد تزعزع استقرار الدول الأقل تقدما التي لا تتوافر لها مزايا الدول المتقدمة الغنية . وقد ظهر ذلك جليا في شتاء 1997/1998 في جنوب شرق آسيا عندما لجأت الحكومات والبنوك إلى الاقتراض بالعملة الصعبة دون دراسة متعمقة وحكيمة وبآجال استحقاق قصيرة . ويكمن الخطر في هذه الإستراتيجية في أن المقترضين قد يواجهون صعوبة كبيرة في الحصول على النقد الأجنبي عندما يجب عليهم السداد للمستثمرين . وقد ازداد هذا الخطر بسبب ضعف الإشراف على المؤسسات المالية ، التي ترك لها الحبل على الغارب للاقتراض لدعم استثمارات غير منتجة مولها مستثمرون أجانب متهورون.
وعندما انفجر الموقف المالي ، سحب المستثمرون المحليون والأجانب أموالهم من العملات المحلية بدرجة أدت إلى انهيار قيمة هذه العملات . وفي نفس الوقت تتعرض الدول التي لا تشجع تدفقات رأس المال قصير الأجل إلى خطر إحباط الاستثمار الأجنبي المباشر طويل الأجل ، الذي يكون أكثر قيمة للدول النامية منها للدول المتقدمة الغنية .
وتنشأ مخاطر العولمة في المجال الثقافي من كونها أداة للسيطرة على وعي الشعوب واتجاهاتها الفكرية وربطها بمشاهد وصور ذات طابع إعلامي تستولي على العقول وتشل فاعليتها ، وتنمط الأذواق من أجل تكريس نوع معين من الاستهلاك لنوع معين من المعرفة والسلع . لقد أسهمت ثورة الاتصالات في إحكام سيطرة الثقافة الغربية وبخاصة الأمريكية وتمكينها من نقل القيم الغربية إلى جميع أنحاء العالم . فالإعلام العالمي بمؤسساته الاحتكارية والإعلامية يمتلك كل الوسائل التقنية من أقمار صناعية وشبكات اتصالات حولت العالم إلى قرية صغيرة . وتلجأ قوى العولمة إلى توظيف الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة لتحقيق عملية الاختراق الثقافي واستعمار العقول بأفكار ومفاهيم معينة . ومن المتوقع أن تسيطر التكنولوجيا على ثقافات الدول النامية . وتصبح هناك ضغوط شديدة على كل ما هو وطني في مواجهة تكتلات عالمية وشركات متعددة الجنسيات وتفجر معرفي لا يحدده حدود . ﺇن المشكلة التي تواجه الدول النامية تكمن في كيفية تأهيل نفسها وشعوبها لمجابهة العولمة الثقافية .
مواجهة الآثار السلبية للعولمة :
لا يمكن لأية دولة أن تعيش بمعزل عن العولمة ، فهي أمر واقع وأنها قد ولدت لتبقى ، وأن التفاعل معها بعقل متفتح وتخطيط واقعي طموح يتوخى تأمين أكبر قدر من الايجابية وتجنب أكبر قدر من السلبية هو السلوك الأكثر جدوى للحاضر والمستقبل . ﺇن المهمة الأساسية هي السعي ﺇلى تعظيم ﺇيجابيات العولمة من خلال العمل على انتشار فوائد ومزايا العولمة لصالح جميع الدول بدلا من حصرها في عدد قليل من الدول المتقدمة كما يجب أن تتجه الجهود الدولية – في المقام الأول - ﺇلى الاهتمام بالجانب الاجتماعي و الإنساني ومعايير العمل وأوضاع البيئة . هذا بالإضافة ﺇلى أهمية أن تحتل الرعاية الاجتماعية – وبخاصة في مجال الصحة والتعليم – مكانا بارزا في أولويات الجهود الدولية .
إن العولمة تمثل – أساسا – تحديا اقتصاديا وثقافيا يجب مواجهته من خلال مشروع اقتصادي واجتماعي قادر على التفاعل الإيجابي مع العولمة ، وذلك من أجل الحفاظ على الهوية الثقافية ودعمها . فقد أثبتت التجربة اليابانية أن كل تقدم اقتصادي يؤدى إلى تعميق الهوية الثقافية . ولما كانت العولمة تمثل إستراتيجية اقتصادية وسياسية وثقافية فإن الدفاع عن الهوية الوطنية هو معركة ثقافية يتطلب كسبها تحقيق إنجازات اقتصادية وسياسية في إطار مشروع قومي شامل .
لعل هذه المقالة المتواضعة تضيف شيئا لكم ومعذرة للإطالة فالموضوع عميق في الأصل وجدير بالاهتمام

.

ناصر السيف
26-03-2008, 08:31
فيصل



طرح جميل من ابداعك الرائع


والله يوفقك ويسعدك ويسخرلك ان شاءالله

وتسلم يمينك

ولا تحرمنا من جديد ابداعك

سلامه العايد
26-03-2008, 09:34
حي الله الرجال ياخي وينك ماتنشاف يالغالي

ياخي ابدعت في طرحك للموضوع واشكرك جزيل

الشكر على المعلومات الطيبه

دمت بود

فيصل
27-03-2008, 01:31
الاخ ناصر

الاجمل حضورك المشرق

يسلموووووو

فيصل
27-03-2008, 01:32
الاخ سلامة

الله يحييك ويبقيك

انا موجود وتحت الامر

اشكر مرورك

عبدالمجيد الدعفس
28-03-2008, 03:29
كمـــــــــــا عهــــــــــــــــــــــــــــــــــدناك ,,

فيصل
28-03-2008, 05:12
عبد المجيد الدعفس

مرورك اسعدني واطراؤك اخجلني

تقبل خالص شكري

سفير الفضول
05-04-2008, 02:55
الاخ فيصل لك مني الشكر وعظيم الامتنان : على موضوعك الغزير باروع معاني العولمه بالوقت الحاضر :
موضوع مميز من شخص متميز مبدع دائماء

انور
05-04-2008, 03:48
طرح جميل اومنها للاعلى انشاء اللة
اخوك الصحفي / انور محمد الهيلم الفضلي
عضوا نقابة الصحفين الكويتية

أديب الدعفس
22-04-2008, 02:22
فيصل
الجاد دائماً في مواضيعه
المحنك دائماً في عطائه
الله يعطيك العافيه
موضوعك قمة خصوصاً انه يتسم بالإختلاف
حول العلماء في مضمون العولمة
كذلك تعميق الهوية الثقافية
دمتم بسلام اخي الكريم

فيصل
29-06-2008, 10:38
سفـــــــــــير




أنــــــــــور



أديـــــــب



اشكر مروركم واسعدني تواجدكم

صالح الدعفس
26-09-2008, 06:25
بوح جميل .... وموضوع رائع ....



بارك الله فيك ....