المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "إن شانئك هو الأبتر"


فاضل علي الطائي
28-03-2008, 04:04
"إن شانئك هو الأبتر"



آية قصيرة من أصغر سور القرآن وهي سورة الكوثر.. كيف غفلنا عنها ولم نرددها على مسامع القوم الذين أساؤوا إليه صلى الله عليه وسلم؟ إن هذه الآية الصغيرة تعني قانونا سماويا يقول (من يشنأك يا محمد هو أبتر) وهو حكم مطلق وغير مقيد من وقت تبليغ الحبيب المصطفى للرسالة في حياته الدنيوية وحتى يوم البعث.

وكلمة (شانئك) تعني مبغضك وكلمة “أبتر” تعني الذي لا نسل له وذلك حسب ما ورد في معظم كتب التفسير فالآية الكريمة لم تقل “من شنأك” في الماضي ولم تقل “من يشنأك” في الحاضر أي زمن حياة الحبيب المصطفى بل أتت الآية الكريمة في صيغة التأكيد “إن شانئك” بمعنى في كل زمان ومكان. كقوله تعالى

“إِن اللّهَ هُوَ التوابُ الرحِيمُ” وقوله تعالى “إِن اللهَ هُوَ الرزاقُ ذُو الْقُوةِ الْمَتِينُ”.

سيرة عطرة

أكاد اجزم أن من أساؤوا لرسولنا الكريم لم يعرفوه حق المعرفة ولم يقرأوا سيرته العطرة ولم يتعرفوا إلى طبائعه الرحيمة وسجاياه العظيمة وشمائله الغنية الجميلة، فهو الذي امتن اللهُ عَلَينَا بِبِعثَتِهِ، وَأَنعَمَ عَلَينَا بِرِسَالَتِهِ (لَقَدْ مَن اللهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِم رَسُولاً منْ أَنفُسِهِم يَتْلُو عَلَيهِم آيَاتِهِ وَيُزَكيهِم وَيُعَلمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبلُ لَفِي ضَلالٍ مبِينٍ).

وقال تعالى: (لَقَدْ جَاءكُم رَسُولٌ منْ أَنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتم حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنِينَ رَؤُوفٌ رحِيمٌ).

وأحسب أن هؤلاء الشتامين والرسامين والمهرجين لم ولن ينالوا منه صلى الله عليه وسلم لأنه في عليائه تأكيدا لقول الحق (وإنك لعلى خلق عظيم) وهم من الأسفلين الهالكين ولابد أن ركب الحياة سيسير.. وستستمر الأرض في الدوران، والقافلة تمضي باسم الله مجريها رغم نباح الكلاب وسيعرف الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

لقد جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري، وتألّقت روحه الطاهرة بعظيم الشمائل والخِصال، وكريم الصفات والأفعال، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد، وتملكت هيبتهُ العدوّ والصديق، وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال:



وأجمل منك لم ترَ قط عيني

وأكمل منك لم تلد النساء

خُلقت مبرأ من كل عيب

كأنك قد خُلقت كما تشاء



وكانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة، فهو رحمة، وشريعته رحمة، وسيرته رحمة، وسنته رحمة، وصدق الله إذ يقول:

(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء: 107).

وقال صلى اللهُ عليه وسلم (إِن مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنبِيَاءِ مِن قَبلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بنى بَيتًا فَأَحسَنَهُ وَأَجمَلَهُ، إِلا مَوضِعَ لَبِنَةٍ مِن زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ الناسُ يَطوفُونَ بِهِ وَيَعجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلا وَضَعْتَ هذِهِ اللبِنَةَ” قال: “فَأَنَا اللبِنَةُ وَأَنا خَاتمُ النبِيينَ)


زوال الأكاسرة

لَقَد بَعَثَ رَسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم رسالتين إلى كِسرَى مَلِكِ الفُرسِ وَإِلى قَيصَرَ مَلِكِ الرومِ، وَكِلاهما لم يُسْلِمْ ولم يَتبِعِ الهُدَى، لَكِن قَيصَرَ أَكرَمَ كِتَابَ رَسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَأكرَمَ رَسولَهُ، فَثَبَتَ مُلكُهُ، وَاستَمَر في الأَجيَالِ اللاحِقَةِ، وَأَما كِسرَى فَمَزقَ كِتَابَ رَسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم واستَهزَأَ بِهِ، فَقَتَلَهُ اللهُ بَعدَ قَلِيلٍ، وَمَزقَ مُلكَهُ كُل مُمَزقٍ، ولم يَبقَ للأَكَاسِرَةِ مُلكٌ ولم تَقُمْ لهم قَائِمَةٌ.

وَصَدَقَ اللهُ إِذْ يَقُولَ: (.. يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ، مَا يَأْتِيهِم من رسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون) (يس)

يَقُولُ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيمِيةَ رحمه اللهُ: (إِن اللهَ مُنتَقِمٌ لِرَسولِهِ ممن طَعَنَ عَلَيهِ وَسَبهُ، ومُظْهِرٌ لِدِينِهِ ولِكَذِبِ الكَاذِبِ، إِذَا لم يُمكِنِ الناس أَن يُقِيمُوا عَلَيهِ الحَد، وَنَظِيرُ هذا ما حَدثَنَاهُ أَعدَادٌ مِنَ المُسلِمِينَ العُدُولِ، أَهلِ الفِقهِ وَالخِبرَةِ، عَما جَربُوهُ مَراتٍ متعددةٍ، في حَصْرِ الحُصُونِ وَالمَدَائِنِ التي بِالسوَاحِلِ الشامِيةِ، لما حَصَرَ المسلمون فيها بَني الأَصفَرِ في زَمانِنا، قالوا: كُنا نحنُ نَحْصُرُ الحِصْنَ أَوِ المدينةَ الشهرَ أَو أَكثَرَ مِنَ الشهرِ وَهُو ممتَنِعٌ عَلَينَا، حتى نَكَادُ نَيأَسُ مِنهُ، حتى إِذَا تَعَرضَ أَهلُهُ لِسَب رَسولِ اللهِ وَالوَقِيعَةِ في عِرضِهِ، تَعَجلْنَا فَتحَهُ وَتيَسرَ، وَلم يَكَدْ يَتَأَخرُ إِلا يَومًا أَو يَومَينِ أَو نحوَ ذَلك، ثم يُفتَحُ المَكانُ عُنوَةً، ويَكُونُ فِيهِم مَلحَمَةٌ عَظِيمَةٌ، قَالوا: حتى إِنْ كُنا لَنَتَبَاشَرُ بتِعجِيلِ الفَتحِ إِذَا سَمِعنَاهُم يَقَعُونَ فيه، مَعَ امتِلاءِ القُلُوبِ غَيظًا عَلَيهِم بما قَالوا فِيهِ).. انتهى كلامُهُ.



نبي الرحمة

وعلى الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلى الله عليه وسلم ضرب المثل الأعلى في التعامل معهم، وليس أدلّ على ذلك من قصة إسلام الصحابي الجليل ثمامة بن أثال رضي الله عنه، عندما أسره المسلمون وأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فربطوه بسارية من سواري المسجد، ومكث على تلك الحال ثلاثة أيام وهو يرى المجتمع المسلم عن قرب، حتى دخل الإيمان قلبه، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاقه، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: “أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، يا محمد: والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي”، وسرعان ما تغيرت حال ثمامة فانطلق إلى قريش يهددها بقطع طريق تجارتها، وصار درعاً يدافع عن الإسلام والمسلمين.

كما تجلّت رحمته صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم، يوم فتح مكة وتمكين الله تعالى له، حينما أعلنها صريحةً واضحةً: (اليوم يوم المرحمة)، وأصدر عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعاً في إلحاق الأذى بالمسلمين، فقابل الإساءة بالإحسان، والأذيّة بحسن المعاملة.

ومن سمات الكمال التي تحلّى بها صلى الله عليه وسلم خُلُقُ الرحمة والرأفة بالغير، كيف لا؟ وهو المبعوث رحمة للعالمين، فقد وهبه الله قلباً رحيماً، يرقّ للضعيف، ويحنّ على المسكين، ويعطف على الخلق أجمعين، حتى صارت الرحمة له سجيّة، فشملت الصغير والكبير، والقريب والبعيد، والمؤمن والكافر، فنال بذلك رحمة الله تعالى، فالراحمون يرحمهم الرحمن.

بنتـ الحصانـ
28-03-2008, 03:57
مشكور >> فاضل علي الطائي ...

{لا حرمكـ الله الأجـــــــــــــر}..


تحياتي ,,,

سلامه العايد
28-03-2008, 04:43
بارك الله فيك يالغالي واشكرك على الموضوع

الجميل واللي فيه فايده للجميع

تسلم يمناك على النقل

دمت بود

ناصر السيف
28-03-2008, 06:02
فاضل



جزاك الله خير



وبارك الله فيك




معلومات جميلة



تسلم لاهنت

إيمان الجراي
01-04-2008, 07:15
اللهم صلي وسلم وزد وبارك على نبينا وحبيبنا وقدوتنا وشفيعنا يوم القيامة ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وأزواجه وذريته وأصحابه أجمعين
فاضل على الطائى
بارك الله فيك أخي وبيض وجهك وأسكنك الله الفردوس الأعلى

فاضل علي الطائي
05-04-2008, 07:25
بنت الحصان
سلامة العايد
ناصر السيف
ايمان الجراي
شكرا للمرور