المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلم والإيمان (كلام نفييييييييييس)


أبو عساف
09-02-2005, 05:03
كلام نفيس من كلام الإمام ابن القيم رحمه الله ، حبيت تستمتعون معي بجماله ، وتستفيدون معي منه ، وهو من كتاب فوائد الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله :

فصل :
أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة : هو العلم والإيمان ، ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} وقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
وهؤلاء هم خلاصة الوجود ولبه والمؤهلون للمراتب العالية .
ولكن أكثر الناس غالطون في حقيقة مسمى العلم والإيمان اللذين بهما السعادة والرفعة ، وفي حقيقتهما ! حتى إن كل طائفة تظن أن ما معها من العلم والإيمان هو هذا الذي به تنال السعادة ! وليس كذلك ، بل أكثرهم ليس معهم إيمان ينجي ، ولا علم يرفع ، بل قد سدوا على أنفسهم طرق العلم والإيمان اللذين جاء بهما الرسول صلى الله عليه وسلم ، ودعا إليهما الأمة ، وكان عليهما هو وأصحابه ومن بعده ، وتابعوهم على منهاجهم وآثارهم .
بين العلم والكلام :
فكل طائفة اعتقدت أن العلم ما معها وفرحت به ، {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ، وأكثر ما عندهم كلام وآراء وخرص ! والعلم وراء الكلام ؛ كما قال حماد بن زيد : قلت لأيوب : العلم اليوم أكثر أو فيما تقدم ؟ فقال : الكلام اليوم أكثر ، والعلم فيما تقدم أكثر ! ففرق هذا الراسخُ بين العلم والكلام ، فالكتب كثيرة جداً ، والكلام والجدال والمقدرات الذهنية كثيرة ، والعلم بمعزل عن أكثرها ، وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه ؛ قال تعالى : {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ } ، وقال : { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ } ، وقال في القرآن : { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } أي : وفيه علمه

يتبع

أبو عساف
09-02-2005, 05:04
ولما بعد العهد بهذا العلم ؛ آل الأمر بكثير من الناس إلى ان اتخذوا هواجس الأفكار وسوانح الخواطر والآراء علماً ، ووضعوا فيها الكتب ، وأنفقوا فيها الأنفاس ، وضيعوا فيها الزمان ، وملأوا بها الصحف مداداً ، والقلوب سواداً ، حتى صرح كثير من الناس منهم أنه ليس في القرآن والسنة علم !، وأن أدلتهما لفظية لا تفيد يقيناً ولا علماً ، وصرخ الشيطان بهذه الكلمة فيهم ، وأذَّن بها بين أظهرهم حتى أسمعها دانيهم لقاصيهم ، فانسلخت بها القلوب من العلم والإيمان كانسلاخ الحية من قشرها ، والثوب من لابسه .
ولقد أخبرني بعض أصحابنا عن بعض أتباع أتباع تلاميذ هؤلاء : أنه رآه يشتغل في بعض كتبهم ولم يحفظ القرآن ، فقال : لو حفظت القرآن أولاً كان أولى ، فقال : وهل القرآن علم !؟.
وقال لي بعض أئمة هؤلاء : إنا نسمع الحديث لأجل البركة لا لنستفيد منه العلم ؛ لأن غيرنا قد كفانا هذه المؤونة ، فعمدتنا على ما فهموه وقرروه !.
ولا شك أن من كان هذا مبلغه من العلم فهو كما قال القائل :
نزلوا بمكة في قبائل هاشم *** ونزلت بالبطحاء أبعد منزل
وقال لي شيخنا (ابن تيمية) مرة في وصف هؤلاء : إنهم طافوا على أرباب المذاهب ففازوا بأخس المطالب ، ويكفيك دليلاً على أن هذا الذي عندهم ليس عند الله : ما ترى فيه من التناقض والاختلاف ومصادمة بعضه لبعض ؛ قال تعالى : {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} ، وهذا يدل على أن ما كان من عنده سبحانه لا يختلف ، وأن ما اختلف وتناقض فليس من عنده ، وكيف تكون الآراء والخيالات وسوانح الأفكار ديناً يدان به ويحكم به على الله ورسوله ؟! ، سبحانك هذا بهتان عظيم .
وقد كان علم الصحابة الذي يتذاكرون فيه غيرَ علوم هؤلاء المختلفين الخراصين – كما حكى الحاكم – في ترجمة أبي عبد الله البخاري قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا إنما يتذاكرون كتاب ربهم وسنَّة نبيهم ، ليس بينهم رأي ولا قياس .
ولقد أحسن القائل :
الـعـلم قــال الله قــال رسـولــه *** قــال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة *** بين الرسول وبين رأي فقيه
كـلا ولا جحـد الصفات ونفيهـا *** حـذراً من التمثيـل والتشبيه

الأصيل
10-02-2005, 07:08
يسلمووووووووووو اخوي / أبو عساف على الموضوع

جزاك الله خير وجعلها في ميزان حسناتك

مشكووووووووووووووور

عبدالله الفضلي
11-02-2005, 02:58
جزاك الله خيرا أخي الحبيب أبو عساف على هذه الدرر الثمينه

أبو عساف
11-02-2005, 03:07
تسلم أخوي الأصيل ، وشكراً على مرورك الجميل

تسلم أخوي عبد الله ، وما نستغني عن تعليقاتك

aflaj12
20-02-2005, 09:30
جزاك الله خيرا ونفع به

أبو عساف
21-02-2005, 03:51
وإياك أخوي يا نور الأفلاج