ابوسعدالطائي
08-07-2008, 12:25
النصيحة بجمل
هذا ما كان عليه حال العقلاء
يوم كان النصح فضيلة لا تشوبها رذيلة الفتنة
ولعلّ أحوج الناس للنصيحة في يومنا هم بائعي النصائح
ورغم ذلك تبقى النصيحة بضاعة أهل الحلم والعقل والعلم
قيل والعهدة على الراوي
أن رجلاً ضاقت به سبل العيش
فرحل يبحث عن مصدر رزق
ودّع زوجته وأوصاه خيراً بنفسها وطفلها الصغير
وبعد جهد جهيد وجد ضالته عند أحد الأجاويد
فعمل لديه برعي الإبل سنين عديدة
ويوم حان الوفاء
أحضر المعزّب ثلاثة جمال هي أجرة الراعي
فساقها وقفل قاصداً ديرته
وفي الطريق لاحت له خيمة صغيرة فعرّج عليها
وسلّم على صاحبها شيخٌ عركته السنون
لم يلاحظ حول الخيمة أثراً للأنعام من إبل ٍ أو أغنام ٍ
كما هي حال أهل البوادي
فسأل الشيخ عن عمله و وسيلة عيشه
وكان جواب الشيخ : إنني أعمل بالتجارة0
الراعي : وما تجارتك وما من بضاعة عندك ؟!0
ردّ الشيخ : إني بيّاع نصايح ، كلّ نصيحة ٍ بجمل 0
ياله من ثمن ، صار الراعي أمام خيارٍ صعب،
تعب سنين بثلاث نصائح 0
ما أحوج الراعي للجمال ولكنه بعقله الراجح
قدّر أنه لا يستغني عن نصيحة العاقل
وافق بعد تفكير ، فكانت النصيحة الأولى :
( إذا بان سهيل لا تامن السيل )0
ما لي أنا و سهيل وعلى أي شيءٍ أخشى السيل ،
يبدو أنني لم أوفق في شروتي
لكن هذه هي التجارة ربحٌ و خسارة
دونك الجمل الثاني و هات الثانية :
( إحذر من غدر أبو العيون الزرق والأسنان الفرق )
أوه ...... وهذه كتلك ، ولكن لابدّ من المغامرة
دفع الجمل الثالث وهو يقول : هات الثالثة 0
( نام على الندم و لا تنام على الدم ) 0
رحل الراعي يجرّ رجليه فالبيع كلمة والرجل كلمة
لا مجال حتى للتفكير بالتراجع
مع شعوره بالخيبة والخسران
مضت أيام قبل أن يصل إلى مضارب قوم ٍ
نصبوا خيامهم في وسط الوادي
تلتف حولهم جمال وأغنام لا تعد و لا تحصى
وفي هدأة الليل نظر إلى السماء وهو في فراشه
فقفز مرعوباً هاهو سهيل
لقد ظهر نجم السهيل وبان في السماء
تذكّر النصيحة فطلب من شيخ القوم أن يأمرهم
بمغادرة بطن الوادي لكن القوم لم يأبهوا لكلامه
بل سخروا منه فكيف لمثله أن يسدي لهم نصحاً
ومن أين يأتي السيل والسماء صافية لا أثر للغيوم فيها
فما كان منه إلا أن صعد قارةً مجاورةً وبات يرقب القوم
وما هي إلا لحظات حتى سمع هدير المياه
فقد حمل الوادي مياه الأمطار من بلاد بعيدة
سيل ٌ جارفٌ يقتلع الخيام ويغرق الناس والأنعام
وفي الصباح جمع الراعي كل ماسلم من السيل إبل وغنم
وبعض الأرزاق حصاد النصيحة الأولى 0
وبعد مدة اعترض طريقه رجلٌ دعاه إلى النزول للراحة والطعام
قبل الراعي الدعوة وما أن جلس أمامه حتى بانت ملامحه
عيونه زرق و أسنانه فرق
إذاّ لابدّ من الحذر كي أنجو من الخطر
تحادثا في أمورٍ شتى
ثم طلب الأذن من مضيفه مدعياً حاجته للنوم
توسّط مراح الحلال و بهدوءٍ شديدٍ
ترك وثاره و دثاره وانسل بعيداً
كمن في الأرض وراح يرقب الآتي
وإذ بصاحبه ينقض على فراشه
يغرس فيه الرمح قاصداً قتله غيلةً وغدراً
لم ينتبه إلى أن الفراش خالياً
وقبل أن يدرك الحقيقة عاجله بضربة سيفٍ أطاحت برأسه
ثم جمع أسلابه فرساً وسلاحاً وفضةً وذهباً
ثمار النصيحة الثانية
وبعد مسيرٍ طويلٍ وصل إلى مضارب قومه
واستهدى إلى بيته
ترك الحلال والأموال في فناء البيت
ثم أراد أن يطمأن على زوجته
وكم كانت المفاجأة مذهلة ً
فتىً منير الوجه يشارك المرأة فراشها
طوّح سيفه في الهواء وكاد أن يهوي به عليهما
لكنه تذكّر النصيحة
( نام على الندم ولا تنام على الدم )
استدار خارجاً وبقي ساهراً غاضباً
ينتظر نور الصباح
فمن هذا الذي تجاسر على حرمة بيتي
وهل يعقل أن تخون الحرة العفيفة
مضت الدقائق طويلة واللحظات ثقيلة
ومع تباشير الفجر
وصل إليه صوت زوجته
توقظ الفتى قائلة :
ولدي فلان ، ضيف نزل بديارنا ،
انهض و قوم بواجبه 0
ربح البيع يا شاري النصيحة
تعانق الولد و والده
ورحّبت زوجته بعودته وهنأئه بسلامته
وارتفع صوت النجر يدعو القوم
ليوم ٍ مشهودٍ من أيام البادية 0
هذا ما كان عليه حال العقلاء
يوم كان النصح فضيلة لا تشوبها رذيلة الفتنة
ولعلّ أحوج الناس للنصيحة في يومنا هم بائعي النصائح
ورغم ذلك تبقى النصيحة بضاعة أهل الحلم والعقل والعلم
قيل والعهدة على الراوي
أن رجلاً ضاقت به سبل العيش
فرحل يبحث عن مصدر رزق
ودّع زوجته وأوصاه خيراً بنفسها وطفلها الصغير
وبعد جهد جهيد وجد ضالته عند أحد الأجاويد
فعمل لديه برعي الإبل سنين عديدة
ويوم حان الوفاء
أحضر المعزّب ثلاثة جمال هي أجرة الراعي
فساقها وقفل قاصداً ديرته
وفي الطريق لاحت له خيمة صغيرة فعرّج عليها
وسلّم على صاحبها شيخٌ عركته السنون
لم يلاحظ حول الخيمة أثراً للأنعام من إبل ٍ أو أغنام ٍ
كما هي حال أهل البوادي
فسأل الشيخ عن عمله و وسيلة عيشه
وكان جواب الشيخ : إنني أعمل بالتجارة0
الراعي : وما تجارتك وما من بضاعة عندك ؟!0
ردّ الشيخ : إني بيّاع نصايح ، كلّ نصيحة ٍ بجمل 0
ياله من ثمن ، صار الراعي أمام خيارٍ صعب،
تعب سنين بثلاث نصائح 0
ما أحوج الراعي للجمال ولكنه بعقله الراجح
قدّر أنه لا يستغني عن نصيحة العاقل
وافق بعد تفكير ، فكانت النصيحة الأولى :
( إذا بان سهيل لا تامن السيل )0
ما لي أنا و سهيل وعلى أي شيءٍ أخشى السيل ،
يبدو أنني لم أوفق في شروتي
لكن هذه هي التجارة ربحٌ و خسارة
دونك الجمل الثاني و هات الثانية :
( إحذر من غدر أبو العيون الزرق والأسنان الفرق )
أوه ...... وهذه كتلك ، ولكن لابدّ من المغامرة
دفع الجمل الثالث وهو يقول : هات الثالثة 0
( نام على الندم و لا تنام على الدم ) 0
رحل الراعي يجرّ رجليه فالبيع كلمة والرجل كلمة
لا مجال حتى للتفكير بالتراجع
مع شعوره بالخيبة والخسران
مضت أيام قبل أن يصل إلى مضارب قوم ٍ
نصبوا خيامهم في وسط الوادي
تلتف حولهم جمال وأغنام لا تعد و لا تحصى
وفي هدأة الليل نظر إلى السماء وهو في فراشه
فقفز مرعوباً هاهو سهيل
لقد ظهر نجم السهيل وبان في السماء
تذكّر النصيحة فطلب من شيخ القوم أن يأمرهم
بمغادرة بطن الوادي لكن القوم لم يأبهوا لكلامه
بل سخروا منه فكيف لمثله أن يسدي لهم نصحاً
ومن أين يأتي السيل والسماء صافية لا أثر للغيوم فيها
فما كان منه إلا أن صعد قارةً مجاورةً وبات يرقب القوم
وما هي إلا لحظات حتى سمع هدير المياه
فقد حمل الوادي مياه الأمطار من بلاد بعيدة
سيل ٌ جارفٌ يقتلع الخيام ويغرق الناس والأنعام
وفي الصباح جمع الراعي كل ماسلم من السيل إبل وغنم
وبعض الأرزاق حصاد النصيحة الأولى 0
وبعد مدة اعترض طريقه رجلٌ دعاه إلى النزول للراحة والطعام
قبل الراعي الدعوة وما أن جلس أمامه حتى بانت ملامحه
عيونه زرق و أسنانه فرق
إذاّ لابدّ من الحذر كي أنجو من الخطر
تحادثا في أمورٍ شتى
ثم طلب الأذن من مضيفه مدعياً حاجته للنوم
توسّط مراح الحلال و بهدوءٍ شديدٍ
ترك وثاره و دثاره وانسل بعيداً
كمن في الأرض وراح يرقب الآتي
وإذ بصاحبه ينقض على فراشه
يغرس فيه الرمح قاصداً قتله غيلةً وغدراً
لم ينتبه إلى أن الفراش خالياً
وقبل أن يدرك الحقيقة عاجله بضربة سيفٍ أطاحت برأسه
ثم جمع أسلابه فرساً وسلاحاً وفضةً وذهباً
ثمار النصيحة الثانية
وبعد مسيرٍ طويلٍ وصل إلى مضارب قومه
واستهدى إلى بيته
ترك الحلال والأموال في فناء البيت
ثم أراد أن يطمأن على زوجته
وكم كانت المفاجأة مذهلة ً
فتىً منير الوجه يشارك المرأة فراشها
طوّح سيفه في الهواء وكاد أن يهوي به عليهما
لكنه تذكّر النصيحة
( نام على الندم ولا تنام على الدم )
استدار خارجاً وبقي ساهراً غاضباً
ينتظر نور الصباح
فمن هذا الذي تجاسر على حرمة بيتي
وهل يعقل أن تخون الحرة العفيفة
مضت الدقائق طويلة واللحظات ثقيلة
ومع تباشير الفجر
وصل إليه صوت زوجته
توقظ الفتى قائلة :
ولدي فلان ، ضيف نزل بديارنا ،
انهض و قوم بواجبه 0
ربح البيع يا شاري النصيحة
تعانق الولد و والده
ورحّبت زوجته بعودته وهنأئه بسلامته
وارتفع صوت النجر يدعو القوم
ليوم ٍ مشهودٍ من أيام البادية 0