ابراهيم العوده
14-08-2008, 06:15
رمضان والإعلام، إعادة الوئام
بقلم الأستاذ : راشد بن محمد العوده الفضلي - دولة قطر
عبر سنين دراستي الجامعية لمجموعة من المقررات الإعلامية، وخلال اطلاعي على مصادر ومراجع تتصل بهذا الشأن لم يمر بي قط أن من بين أهداف الإعلام المرئي بالذات تشويه معنى الترفيه أو اتخاذه مبرراً لعرض الممنوع وغير المشروع، كما لم أعثر على معلومات تنص على أن من وظائف الإعلام حشد الطاقات والإمكانيات لمحاربة خير الشهور وأفضلها شهر الخير والبركة رمضان، أو محاولات صد الناس عن العبادة وتعطيل مسيرتهم الرامية الى تجديد العهد مع الله، أو صرفهم عن إدراك مزايا وخصائص ذلك الشهر المبارك الفضيل.
قد يبدو اختيار هذا التوقيت للحديث عن علاقة التليفزيون برمضان مبكراً بعض الشيء، لكنه في الواقع الإعلامي ليس كذلك على الإطلاق، بعدما رسم التليفزيون خريطته الإعلامية الحافلة الخاصة بذلك الشهر وبات ينتظر الفرصة لفتح الباب على مصراعيه للسيل الجارف من الأعمال والمواد الإعلامية المحلية والمستوردة الحصرية أو المشتركة وفق مخطط إعلامي مكثف.
ومع الإقرار بوجود عدد من البرامج والمضامين الهادفة التي يحرص التليفزيون المحلي «الفضائي» على إعدادها وتقديمها لمشاهديه في رمضان، وما طرأ على خطته «الرمضانية» من تحسن طفيف، إلا أن الكم الهائل من الأعمال التليفزيونية المباشرة والمسجلة يشير بوضوح الى حالة التنافر والتعارض بين قدسية الشهر وروحانيته وبين مخطط التليفزيون وممارسته التي كثيراً ما تلهي الناس وتشغلهم عن مقاصد الشهر وأهدافه وتفسد على الناس صيام الجوارح الذي هو أسمى من مجرد الصيام عن الطعام والشراب اثناء النهار، فما الجدوى وما الرسالة التي يسعى الإعلام المرئي الى ايصالها للمشاهدين في رمضان بالذات خلال عرضه المكثف للمسلسلات والأفلام والبرامج التي درج على حشرها ونشرها مقلدا أو متأثرا ومدعيا بذلك نوعا من التطوير ومواكبة العصر؟! وقد بدأ الترويج الفعلي لذلك بما يبثه من مقاطع وفواصل إعلانية «استباقية» لوجبات دسمة يقدمها إعلامنا في رمضان للباحثين عن إشباع يصل الى حد التخمة للغرائز البهيمية التي جاء الشهر الفضيل لتهذيبها وتخليص الخلق من سوء عواقبها، وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة تحري الحكم الشرعي تجاه ما يعرف بفوازير رمضان أو برامج المسابقات التي تعتمد في الغالب على صور خادعة من ممارسة القمار!
وفي المقابل نتساءل: أين الدور الرقابي الشرعي وأين الدور الدعوي والتوعوي، الذي يجب أن يتوافر لدى إعلامنا باستمرار وخلال شهر رمضان على وجه الخصوص، حيث يمثل الشهر الكريم فرصة ثمينة لتقديم صورة حضارية صحيحة عن الإسلام والمسلمين وتبني قضايا الدفاع عن الحقوق المشروعة والمطالب العادلة لكافة الأمم والشعوب؟
أيها السادة يكفينا ازدراء لأنفسنا وأمتنا وتخاذلاً عن نصرة اخواننا، ولنتذكر جميعا ان شهر رمضان هو شهر الفتوحات والانتصارات والانجازات العظيمة في تاريخنا المجيد، فلنعمل على أن يكون رمضان في كل عام اضافة حقيقية إلى سجل امتنا الناصع والرائع، وليس شهر الأفلام والمسلسلات والسهرات الماجنة وإفساد الأخلاق والأذواق.
وعندما يتعامل إعلامنا مع شهر رمضان تعاملا يليق بقدره ومنزلته، فسوف يمثل علامة فارقة مميزة في إعلام الفضاء، ويكون نبراسا يقتدي به الآخرون، والفرصة ماتزال قائمة بين أيديكم أيها الإعلاميون الجادون.
دعوة للاستثمار
عن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم». «رواه النسائي».
اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان.
منقول من صحيفة الشرق القطرية (http://www.al-sharq.com/DisplayArticle.aspx?xf=2008,July,article_20080731_ 4&id=columnist&sid=rashidalroudaalfadhli)
بقلم الأستاذ : راشد بن محمد العوده الفضلي - دولة قطر
عبر سنين دراستي الجامعية لمجموعة من المقررات الإعلامية، وخلال اطلاعي على مصادر ومراجع تتصل بهذا الشأن لم يمر بي قط أن من بين أهداف الإعلام المرئي بالذات تشويه معنى الترفيه أو اتخاذه مبرراً لعرض الممنوع وغير المشروع، كما لم أعثر على معلومات تنص على أن من وظائف الإعلام حشد الطاقات والإمكانيات لمحاربة خير الشهور وأفضلها شهر الخير والبركة رمضان، أو محاولات صد الناس عن العبادة وتعطيل مسيرتهم الرامية الى تجديد العهد مع الله، أو صرفهم عن إدراك مزايا وخصائص ذلك الشهر المبارك الفضيل.
قد يبدو اختيار هذا التوقيت للحديث عن علاقة التليفزيون برمضان مبكراً بعض الشيء، لكنه في الواقع الإعلامي ليس كذلك على الإطلاق، بعدما رسم التليفزيون خريطته الإعلامية الحافلة الخاصة بذلك الشهر وبات ينتظر الفرصة لفتح الباب على مصراعيه للسيل الجارف من الأعمال والمواد الإعلامية المحلية والمستوردة الحصرية أو المشتركة وفق مخطط إعلامي مكثف.
ومع الإقرار بوجود عدد من البرامج والمضامين الهادفة التي يحرص التليفزيون المحلي «الفضائي» على إعدادها وتقديمها لمشاهديه في رمضان، وما طرأ على خطته «الرمضانية» من تحسن طفيف، إلا أن الكم الهائل من الأعمال التليفزيونية المباشرة والمسجلة يشير بوضوح الى حالة التنافر والتعارض بين قدسية الشهر وروحانيته وبين مخطط التليفزيون وممارسته التي كثيراً ما تلهي الناس وتشغلهم عن مقاصد الشهر وأهدافه وتفسد على الناس صيام الجوارح الذي هو أسمى من مجرد الصيام عن الطعام والشراب اثناء النهار، فما الجدوى وما الرسالة التي يسعى الإعلام المرئي الى ايصالها للمشاهدين في رمضان بالذات خلال عرضه المكثف للمسلسلات والأفلام والبرامج التي درج على حشرها ونشرها مقلدا أو متأثرا ومدعيا بذلك نوعا من التطوير ومواكبة العصر؟! وقد بدأ الترويج الفعلي لذلك بما يبثه من مقاطع وفواصل إعلانية «استباقية» لوجبات دسمة يقدمها إعلامنا في رمضان للباحثين عن إشباع يصل الى حد التخمة للغرائز البهيمية التي جاء الشهر الفضيل لتهذيبها وتخليص الخلق من سوء عواقبها، وهنا تجدر الإشارة إلى ضرورة تحري الحكم الشرعي تجاه ما يعرف بفوازير رمضان أو برامج المسابقات التي تعتمد في الغالب على صور خادعة من ممارسة القمار!
وفي المقابل نتساءل: أين الدور الرقابي الشرعي وأين الدور الدعوي والتوعوي، الذي يجب أن يتوافر لدى إعلامنا باستمرار وخلال شهر رمضان على وجه الخصوص، حيث يمثل الشهر الكريم فرصة ثمينة لتقديم صورة حضارية صحيحة عن الإسلام والمسلمين وتبني قضايا الدفاع عن الحقوق المشروعة والمطالب العادلة لكافة الأمم والشعوب؟
أيها السادة يكفينا ازدراء لأنفسنا وأمتنا وتخاذلاً عن نصرة اخواننا، ولنتذكر جميعا ان شهر رمضان هو شهر الفتوحات والانتصارات والانجازات العظيمة في تاريخنا المجيد، فلنعمل على أن يكون رمضان في كل عام اضافة حقيقية إلى سجل امتنا الناصع والرائع، وليس شهر الأفلام والمسلسلات والسهرات الماجنة وإفساد الأخلاق والأذواق.
وعندما يتعامل إعلامنا مع شهر رمضان تعاملا يليق بقدره ومنزلته، فسوف يمثل علامة فارقة مميزة في إعلام الفضاء، ويكون نبراسا يقتدي به الآخرون، والفرصة ماتزال قائمة بين أيديكم أيها الإعلاميون الجادون.
دعوة للاستثمار
عن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم». «رواه النسائي».
اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان.
منقول من صحيفة الشرق القطرية (http://www.al-sharq.com/DisplayArticle.aspx?xf=2008,July,article_20080731_ 4&id=columnist&sid=rashidalroudaalfadhli)