المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نشأة وتطور العقلانية


الساري
15-05-2005, 03:12
نشأة وتطور العقلانية
العقلانية تيار له تاريخ طويل، وهي موقف لقطاع كبير من المفكرين، ولها جذورها في الفكر الشرقي القديم، لا سيما في مصر والهند. وقد بدأت كتيار فلسفي في الفلسفة اليونانية، مع سقراط، وأفلاطون. ولقد حاول بعض الفلاسفة المسلمين توظيف العقل للتعبير عن العقائد والأفكار الإسلامية وللدفاع عنها ضد المهاجمين لها، مثل الكندي والفارابي وابن سينا؛ الذين سعوا للتوفيق بين الدين الإسلامي والعقلانية اليونانية. وقد ذهب ابن رشد إلى أن العقل هو الأساس، وإذا ما وجِد بينه وبين الوحي تعارض، فإنه ينبغي تأويل الوحي بما يجعله متفقاً مع العقل.
وفي العصر الوسيط الأوربي كانت العقلانية تتحرك داخل الدين، واتخذت عقائده مسلمات مطلقة، وصار العقل خادما للاهوت المسيحي، سواء لاهوت الأرثوذكسية اليونانية أو لاهوت الكاثوليكية الرومانية. واعتبر العقل أداة للدين، مثلما هو الحال عند أوغسطين (354-430)، وأنسلم (1033-1109)، وتوما الأكويني Aquinas Thomas (1225-1274)؛ حيث كانوا يوظفون الفكر الفلسفي في تبرير العقائد المسيحية، والدفاع عنها ضد الشبهات والانتقادات.
وفي مطلع العصر الحديث، جاء ديكارت الذي يعده الكثيرون أبا للعقلانية الحديثة؛ لأنه -من وجهة نظرهم- انطلق من الفكر العقلاني الخالص كمقدمة أولى استنبط منها الحقائق اليقينية. لكن من وجهة نظرنا أن ديكارت يعود إلى وجهة نظر القديس توما الأكويني Aquinas Thomas (1225-1274) في موقفه من الوحي المسيحي Christian Revelation بوصفه مهيمنا على العقل.
وقد ذهب سبينوزاSpinoza ( (1677-1632 إلى القول بمذهب وحدة الوجود؛ أي أن الله والعالم جوهر واحد. ووصل إلى ذلك بطريقته الاستنباطية العقلية الهندسية المعروفة عبر سلسلة من الاستدلالات. ومن العقلانيين في القرن السابع عشر: جولينكس Geulincx (1624-1669)، ومالبرانش Malebranche (1638-1715)، وغيرهما من صغار الديكاراتيين.
ومن أهم الفلاسفة العقلانيين في القرن السابع عشر الفيلسوف الألماني ليبنتز Leibniz (1646-1716)، الذي ذهب إلى وجود توافق تام بين الحقيقة الدينية والحقيقة العقلية؛ ولا مجال عنده لأي نــوع من التنافر بين كنههما؛ فالحقيقتان منسجمتان، لكن أسلوب التوصل إلى الحقيقة الدينية مغاير لأسلوب التوصل إلى الحقيقة العقلية؛ فالأسلوب الأول هو الوحي الخارق للأساليب الطبيعية، بينما الأسلوب الثاني هو الاكتساب العقلي المؤسس على طرق طبيعية. وهكذا ثمة طريقان أو أسلوبان، لكن الحقيقة واحدة تأخذ تارة اسم الحقيقة الدينية تبعا لمنهج التوصل إليها، وتأخذ تارة أخرى اسم الحقيقة العقلية تبعا لمنهج التوصل إليها. وانطلاقا من هذا التوافق بين الحقيقتين يؤسس ليبنتز الإيمان على العقل، مع أنه في أحيان كثيرة يرفع الإيمان فوق العقل ويعتبر العقل عاجزا عن فهم العقائد الإيمانية.

الساري
15-05-2005, 03:15
وإذا انتقلنا إلى القرن الثامن عشر نجد هيوم وهو نموذج من الفلاسفة الذين تناولوا بالنقد مفهوم الدين، لكنه نموذج معاكس لديكارت، وهو عقلاني في مجال الدين، أما موقفه من نظرية المعرفة فمحل خلاف. ونكتفي هنا ببيان أن موقفه من الدين موقف نفي وإنكار لأي شكل من أشكال الدين.
وظهر في القرن نفسه الفيلسوف الألماني كانط الباحث عن منجى للإيمان، وطور مذهباً فلسفيًّا في الإيمان الأخلاقي، وذلك طبعاً على حساب إيمان الوحي. وعندما جاء هيجل وحد بين موضوع الفلسفة وموضوع الدين، حيث قال: إن الموضوع واحد، وهو المطلق أو اللامتناهي، لكن الخلاف بينهما يكمن في شكل التعبير، ففي حين تعبر الفلسفة بشكل فكري مجرد، يعبر الدين بشكل مجازي. ذلك أن الروح يرتدي في الدين شكلا خاصا يمكنه أن يكون ملموسا، ويتخذ التمثيل أو المجاز مقرا له، بينما الروح في الفلسفة تتخذ الفكر مقرا لها وتعبيرا عنها. وبهذا تختلف الفلسفة عن الدين، رغم أن المضمون مشترك وموحد فيهما.
وفي القرن الـ 19 اتخذت العقلانية شكل المثالية المطلقة عند هيجل Hegel (1771-1834م) الفيلسوف الألماني، وهو من أكبر الفلاسفة في التاريخ، ويذهب إلى أن الوجود في حقيقته روح مطلق يتطور في التاريخ تطوراً جدليًّا. فهيجل يرى أن الروح اللانهائية أو الفكرة المطلقة غير المحدودة حقيقة وأساس الوجود، وليس المادة. لذا فإن هيجل ضد الماديين الذين يعتبرون أن المادة أصل الوجود، فالمادة عند هيجل ما هي إلا تجلٍّ من تجليات الروح. ويرى هيجل أن للكون روحاً واحدا يتجلى في عدة مراحل متتالية؛ حيث تنتقل الفكرة إلى نقيضها، ثم يتصارع النقيضان ويتفاعلان، وينشأ عن هذا فكرة جديدة مركبة من الفكرة ونقيضها، وتستمر الحركة حيث تمر الفكرة الجديدة بالمراحل الثلاث السابقة نفسها وهلم جرا. ومن هنا ففلسفة هيجل مذهب في وحدة الوجود. وقد وحد بين موضوع الفلسفة وموضوع الدين، وهو المطلق أو اللامتناهي. لكن الخلاف بينهما يكمن في شكل التعبير، فالفلسفة تعبر بطريقة فكرية مجردة، والدين يعبر بشكل مجازي. وبهذا تختلف الفلسفة عن الدين، رغم أن المضمون مشترك وموحد فيهما.

الساري
15-05-2005, 03:17
ونظرا لاختلاف العقلانيين في تصورهم لطبيعة العقل، ومن ثم اختلافهم في النتائج التي توصلوا إليها خصوصا بشأن الدين فإن معالم وأسس العقلانية متنوعة، فمن الضروري أن نضع دائماً في الحسبان الفروق النوعية بين الفلاسفة العقلانيين، ويلاحظ انشغالهم بقضايا منها:
1-أولوية المرجعية العقلية: الفكرة الأساسية المشتركة بين العقلانيين في نظرية المعرفة إنكار أن القوانين الموضوعية تستمد من الطبيعة، وأن استنباط شروط المعرفة اليقينية والمبادئ والبديهيات يكون من العقل وليس من الطبيعة.
2- ارتباط مشكلة السببية بالعقل ارتباطاً جوهريًّا؛ لأن العقل في نهاية التحليل يرتد بنيويا إلى السببية. وقد انعكس هذا التصور للعقل على اللغات الأوربية، حيث نجد أن كلمة Ratio اللاتينية أو ما اشتق منها، مثل كلمة Raison الفرنسية وReason الإنجليزية – تدل تارة على ملكة العقل، وتارة على علاقة السببية. ومن هنا فإن حديثنا عن السببية هو حديث عن العقلانية؛ لأن السببية بشرطيها الضرورية والكلية، تستنبط عند العقلانيين من العقل الإنساني لا من الطبيعة. وهذا الرأي الجوهري هو الثابت البنيوي الذي يميز كل الفلسفات العقلانية عن الفلسفات التجريبية المحضة التي ترى أن الروابط السببية والضرورة والكلية إنما توجد في القوانين الموضوعية للطبيعة الخارجية، مستقلة استقلالا تاما عن العقل الإنساني.
3- الجدل بشأن خوارق الطبيعة أو المعجزات، وعلى سبيل المثال قد أنكر هيوم المعجزة، لأنها أمر خارق للطبيعة. يقول: "لا يوجد دليل كافٍ على إثبات وقوع المعجزة، إلا ذلك الدليل الذي إذا أثبت بهتانه كان في حد ذاته أكثر إعجازا من الحادث الذي يحاول إثباته.. ولا يمكن البتة إقامة الدليل على معجزة بحيث تكون أساسا لنظام من الدين"، في حين قبلها البعض الآخر، وتوقف أمامها فريق ثالث بغير إنكار ولا إثبات.

منــــــــــــــــقـــــــــول

آسف على الأطاله

تقبلوا أرق تحيه أخوكم الســــــــــــــــــــــــــاري

راعي العليا
16-05-2005, 01:11
الساري
يعطيك العافية يالغالي
كلك ذوق

ابومانع
16-05-2005, 01:19
يسلمو حبيبي عالموضوع يعطيك العافيه

الأصيل
18-05-2005, 03:09
يسلمووووووووو اخوي / الساري على النقل

يعطيك ألف عافية

مشكووووووووووووور

الساري
18-05-2005, 09:19
راعي العليا, ( أبومانع ماودك تكتب موضوع أسمه كيف تسوي توقيع),الأصيل
مشكورين على مروركم الكريم
تقبلوا أرق تحيه أخوكم الســــــــــــــــــــــــــــــاري