المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل رائ النبي /ص/ ربه في المعراج؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


خالد الحمد
19-06-2005, 09:46
هل رأى النبي ربه؟



هل رأى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه ليلة الإسراء؟

وقع في رواية سريك المذكورة أولا قوله:" حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا رب العزة فتدلى، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله فيما أوحى: خمسين صلاة على أمتك.. " الحديث.

وأخرج البخاري عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه هل رأى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه؟ فقالت: لقد قف شعري مما قلت أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب. ثم قرأت:{ لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهو اللطيف الخبير}، { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب}.

ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب. ثم قرأت:{ وما تدري نفس ماذا تكسب غدا}. ومن حدثك أنه كتم فقد كذب. ثم قرأت:{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك} الآية.

ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين.

قال الحافظ رحمه الله. ووقع في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبري " فدنا ربك عز وجل، فكان قاب قوسين أو أدنى". قال: الخطابي: ليس في هذا الكتاب ـ يعني "صحيح البخاري" ـ حديث أشنع ظاهرا ولا أشنع مذاقا من هذا الفضل، فإنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر، وتمييز ما كان كل واحد منهما. هذا، الى ما في التدلي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق الى أسفل.

قال: فمن لم يبلغه من هذا الحديث إلا هذا القدر مقطوعا عن غيره. ولم يعتبره بأول القصة وآخرها، اشتبه عليه وجهه ومعناه. وكان قصاراه إما رد الحديث من أصله، وإما الوقوع في التشبيه. وهما خطئان مرغوب عنهما. وأما من اعتبر أول الحديث بآخره، فإنه يزول عنه الإشكال، فإنهما مصرح فيهما بأنه كان رؤيا، لقوله في أوله: (وهو نائم)، في آخره: (استيقظ). وبمعنى الرؤيا مثل يضرب. ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله. وبعض الرؤيا لا يحتاج الى ذلك، بل يأتي كالمشاهدة.

قلت وهو كما قال: ولا التفات الى تعقب كلامه بقوله في الحديث الصحيح: " إن رؤيا الأنبياء وحي"، فلا يحتاج الى تعبير، لأنه كلام من لم يمعن النظر في هذا المحل، (فإن) بعض مرأى الأنبياء يقبل التعبير: ومن أمثلة ذلك قول الصحابة له صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رؤية القميص: فما أولته يا رسول الله؟ قال:"الدين". وفي رؤية اللبن؟ قال:" العلم" الى غير ذلك.

لكن جزم الخطابي بأنه كان في المنام متعقب بما تقدم تقريره قبل. ثم قال الخطابي مشيرا الى رفع الحديث من أصله: بأن القصة بطولها إنما هي حكاية يحكيها أنس من تلقاء نفسه، لم يعزها الى النبي صلى الله عليه ولى آله وسلم، ولا نقلها عنه، ولا أضافها الى قوله. فحاصل الأمر في النقل، أنها من جهة الراوي: إما من أنس وإما من شريك، فإنه كثير التفرد بمناكير الألفاظ التي لا يتابعه عليها سائر الرواة. انتهى.

وما نفاه من أن أنسا لم يسند هذه القصة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا تأثير له، فأدنى أمره فيها أن يكون مرسل صحابي، فإما يكون تلقاه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو عن صحابي تلقاه عنه، ومثيل ما اشتملت عليه لا يقال بالرأي، فيكون لهما حكم الرفع. ولو كان لما ذكره تأثير، لم يحمل حديث أحد ويمثل ذلك على الرفع أصلا، وهو خلاف عمل المحدثين قاطبة فالتعليل بذلك مردود.

ثم قال الخطابي: إن الذي وقع في هذه الرواية من نسبة التدلي للجبار عز وجل مخالف لعامة السلف والعلماء وأهل التفسير، ومن تقدم منهم ومن تأخر قال: والذي قيل فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه دنا جبريل من محمد صلى الله عليه وعلى آله فتدلى: أي تقرب منه. وقيل: هو على التقديم والتأخير، أي تدلى فلانا، لأن التدلي بسبب الدنو.



الثاني: تدلى له جبريل بعد الانتصاب والارتفاع، حتى رآه متدليا كما رآه مرتفعا، وذلك من آيات الله، حيث أقدره على أن يتدلى في الهواء من غير اعتماد على شيء ولا تمسك بشيء.

الثالث: دنا جبريل فتدلى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ساجدا لربه تعالى: شكرا على ما أعطاه.

قال: وقد روى هذا الحديث عن أنس من غير طريق شريك فلم يذكر فيه هذه الألفاظ الشنيعة، وذلك مما يقوي الظن أنها صادرة من جهة شريك وقد أخرج الأموي في "مغازيه"، ومن طريقه البيهقي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عباس في قوله تعالى:{ ولقد رآه نزلة أخرى} قال: فدنا منه ربه" وهذا سند حسن، وهو شاهد قوي لرواية شريك. ثم قال الخطابي: في هذا الحديث لفظة أخرى تفرد بها شريك أيضا لم يذكرها غيره، وهي قوله: (فعلا به ـيعني جبريل ـ الى الجبار تعالى فقال وهو مكانه: يا رب خفف عنا). قال: والمكان لا يضاف الى الله تعالى، إنما هو مكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مقامه الأول، الذي قام فيه قبل هبوطه. انتهى.

وهذا الأخير متعين، وليس في السياق تصريح بإضافة المكان الى الله تعالى. وأما ما جزم به به من مخالفة السلف والخلف لرواية شريك عن أنس في التدلي ففيه نظر، فقد ذكرت من وافقه.

وقد نقل القرطبي عن ابن عباس أنه قال: ( دنا الله سبحانه وتعالى) (قال: والمعنى: دنا أمه وحكمه، وأصل التدلي النزول الى الشيء حتى يقرب منه. قال: وقد قيل: تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ربه. انتهى.

والمراد بقوله: (رآه) أن النبي صلى الله عليه على آله وسلم رأى جبريل، له ستمائة جناح، (وسيأتي) بسط القول في ذلك. ونقل البيهقي نحو ذلك عن أبي هريرة. قال: فاتفقت روايات هؤلاء على ذلك، ويعكرعليه قوله بعد ذلك:{ فأوحى الى عبده ما أوحى}. ثم نقل عن الحسن: أن الضمير في {عبده} لجبريل، والتقدير: فأوحى الله الى جبريل. وعن الفراء: التقدير: فأوحى الله الى عبدالله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما أوحى. وقد أزال العلماء اشكاله. فقال القاضي عياض في "الشفاء":

إضافة الدنو والقرب الى الله تعالى، أو من الله ليس دنو مكان ولا قرب زمان، وإنما هو بالنسبة الى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. إبانة لعظيم منزلته وشريف رتبته، وبالنسبة الى الله عز وجل تأنيس لنبيه وإكرام له. ويتأول فيه ما قالوه في حديث:" ينزل ربنا الى السماء".

وكذا في حديث:" من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا". وقال غيره الدنو مجاز عن القرب المعنوي، لإظهار عظيم منزلته عن ربه تعالى، والتدلي طلب زيادة القرب، (وقاب قوسين) بالنسبة الى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبارة عن لطف المحل وإيضاح المعرفة، وبالنسبة الى الله إجابة سؤاله ورفع درجته.

وقال عبدالحق في "الجمع بين الصحيحين": زاد فيه ـيعني شريكا ـ زيادة مجهولة وأتى فيه بألأفاظ غير معروفة، وقد روى الاسراء جماعة من الحفاظ، فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ.

وسبق الى ذلك أبو محمد بن حزم، فيما حكاه لحافظ أبو الفضل بن طاهر في جزء جمعه سماه:" الانتصار لأيامي الأمصار". فنقل فيه عن الحميدي عن ابن حزم قال: لم نجد للبخاري ومسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا الا حديثين، ثم غلبه في تخريجه الوهم، مع إتقانهما وصحة معرفتما...

فذكر هذا الحديث وقال: فيه ألفاظ معجمة، والآفة من شريك. ومن ذلك قوله: ( قبل أن يوحى اليه)، وأنه حينئذ فرض الصلاة. قال: وهذا لا خلاف بين أحد من أهل العلم إنما كان قبل الهجرة بسنة، وبعد أن أوحى اليه بنحو اثنتي عشرة سنة. ثم قوله: ( إن الجبار دنا فتدلى) حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى)، وعائشة رضي الله عنها تقول: إن الذي دنا فتدلى جبريل. انتهى.

وقال أبو الفضل بن طاهر: تعليل الحديث بتفرد شريك ودعوى ابن حزم أن الآفة منه، شيء لم يسبق اليه. فإن شريكا قبله أئمة الجرح والتعديل ووثقوه، ورووا عنه، وأدخلوا أحاديثه في تصانيفهم، واحتجوا به. وروى عبدالله بن أحمد الدورقي وعثمان الدرامي وعباس الدوري، عن يحيى بن معين: لا بأس به. وقال ابن عدي: مشهور من أهل المدينة حدث عنه مالك وغيره من الثقات، وحديثه إذا روى عنه ثقة لا بأس به، إلا أن يروي عنه ضعيف. قال طاهر بن طاهر: وحديثه هذا رواه عن ثقة وهو سليمان بن بلال. قال: وعلى تقدير تسليم تفرده: ( قبل أن يوحى اليه) لا يقتضي طرح حديثه، فوهم الثقة في موضع من الحديث، لا يسقط جميع الحديث، ولا سيما إذا كان الوهم لا يستلزم ارتكاب محذور، ولو ترك حديث من وهم في تاريخ لترك حديث جماعة من أئمة المسلمين.

ولعله أراد أن يقول: ( بعد أن وحى اليه) فقال: (قبل أن يوحى اليه).

وقد سبق التنبيه على ما في رواية شريك من المخالفة مسلم في (صحيحه) فإنه قال بعد أن ساق سنده وبعض المتن، ثم قال: فقدم وأخر وزاد ونقص. وسبق ابن حزم أيضا الى الكلام في شريك أبو سليمان الخطابي، كما قدمته. وقال فيه النسائي وأبو محمد بن الجارود: ليس بالقوي. وكان يحيى بن سعد القطان لا يحدث عنه، نعم، قال محمد بن سعد وأبو داود. ثقة. فهو مختلف فيه، فإذا تفرد عد ما يتفرد به شاذا، وكذا منكرا، على رأى من يقول: المنكر والشاذ شيء واحد. والأولى الالتزام ورود المواضع التي خالف فيها غيره والجواب عنها، إما بدفع فرده وإما بتأويله على وفاق الجماعة.

ومجموع ما خالفت فيه رواية شريك غيره من المشهورين عشرة أشياء، بل تزيد على ذلك:

الأول: أمكنة الأنبياء عليهم السلام في السماوات. وقد أفصح بأنه لم يضبط منازلهم، وقد وافقه الزهري في بعض ما ذكر ( يعني في رواية أبي ذر).

الثاني: كون المعراج قبل البعثة. وقد سبق الجواب عن ذلك. وأجاب بعضهم على قوله: ( قبل أن يوحى اليه)، بأن القبلية هنا أمر مخصوص وليست مطلقة، واحتمل أن يكون المعنى: قبل أن يوحى اليه في شأن الاسراء والمعراج مثلا، أي ذلك وقع بغتة قبل أن ينذر به، ويؤيده قوله في حديث الزهري ـ يعني حديث أبي ذر ـ :"فرج سقف بيتي".

الثالث: كونه مناما. وقد سبق الجواب عنه أيضا بما فيه من غنية.

الرابع: مخالفته في محل سدرة المنتهى، وأنها فوق السماء السابعة بما لا يعلمه الا الله، والمشهور أنها في السابعة أو السادسة كما تقدم.

الخامس: مخالفته في النهرين، وهما النيل والفرات، وأن عنصرهما في السماء الدنيا، والمشهور في غير روايته أنهما في السماء السابعة، وأنهما من تحت سدرة المنتهى.

السادس: شق الصدر، وقد وافقته رواية غيره، كما بينت في شرح رواية قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة.

السابع: ذكر نهر الكوثر في السماء الدنيا. والمشهور في الحديث أنه في الجنة كما تقدم التنبيه عليه.

الثامن: نسبة الدنو والتدلي الى الله عز وجل. والمشهور في الحديث أنه جبريل كما تقدم التنبيه عليه.

التاسع: تصريحه بأن امتناعه صلى الله علي وعلى آله وسلم من الرجوع الى سؤال ربه التخفيف كان عند الخامسة. ومقتضى رواية ثابت عن أنس أنه كان بعد التاسعة.

العاشر: قوله: (فعلا به الجبار، فقال وهو مكانه) وقد تقدم ما فيه.

الحادي عشر: رجوعه بعد الخمس. والمشهور في الأحاديث أن موسى عليه الصلاة والسلام أمره بالرجوع بعد أن انتهى التخفيف الى الخمس، فامتنع. (والمحفوظ أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لموسى في الأخيرة:" استحييت من ربي" وهذا أصرح بأنه راجع في الأخيرة.

الثاني عشر: زيادة ذكر "التور" في الطست.

فهذه أكثر من عشرة مواضع في هذا الحديث أنا لم أرها مجموعة في كلام أحد مما تقدم، وقد بينت في كل واحد إشكال ما استشكله والجواب عنه إن أمكن، وبالله التوفيق.

وقد جزم ابن القيم في "الهدى" بأن في رواية شريك عشرة أوهام، لكن عد مخالفته لمحال الأنبياء أربعة منها، وأنا جعلتها واحدة. فعلى طريقته تزيد العدة ثلاثة. وبالله التوفيق.

خالد الحمد
19-06-2005, 09:48
أقوال السلف في رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه:

وقد اختلف السلف في رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه: فذهبت عائشة وابن مسعود الى إنكارها، واختلف عن أبي ذر، وذهب جماعة الى إثباتها. وحكى عبدالرزاق عن معمر عن الحسن أنه حلف أن محمدا رأى ربه. وأخرج ابن خزيمة عن عروة بن الزبير إثباتها، وكان يشتد عليه إذا ذكر له إنكار عائشة، وبه قال سائر أصحاب ابن عباس، وجزم به كعب الأحبار والزهري وصاحبه معمر وآخرون، وهو قول الأشعري وغالب أتباعه. ثم اختلفوا: هل رآه بعينه أو بقلبه؟ وعن أحمد كالقولين:

قلت: جاءت عن ابن عباس أخبار مطلقة وأخرى مقيدة، ثيجب حمل مطلقها على مقيدها. فمن ذلك ما أخرجه النسائي بإسناد صحيح وصححه الحاكم أيضا، من طريق عكرمة عن ابن عباس: ( هل رأى محمد ربه؟ فأرسل اليه: أن نعم) ومنها ما أخرجه مسلم من طريق أبي العالية عن ابن عباس في قوله تعالى:{ ما كذب الفؤاد ما رأى. ولقد رآه نزلة أخرى}ْ قال: ( رأى ربه بفؤاده مرتين). وله من طريق عطاء عن ابن عباس قال: (رآه بقلبه). وأصرح من ذلك ما أخرجه ابن مردويه من طريق عطاء أيضا عن ابن عباس قال: ( لم ريه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعينه، إنما رآه بقلبه).

وعلى هذا، فيمكن الجمع بين غثبات إبن عباس وبين نفي عائشة، لان يحمل نفيها على رؤية البصر، وإثباته على رؤية القلب. ثم المراد برؤية الفؤاد: رؤية القلب، لا مجرد حصول العلم، لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان عالما بالله على الدوام، بل مراد من أثبت له انه رآه بقلبه، أن الرؤية التي حلصلت له خلقت في قلبه كما يخلق الرؤية بالعين لغيره. والرؤية لا يشترط لها شيء مخصوص عقلا، ولوجرت العادة بخلقها في العين.

وروى ابن خزيمة بإسناد قوي عن أنس قال: (رأى محمد ربه). وعن مسلم من حديث أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك فقال: (نور أني أراه) ولأحمد عنه قال: " رأيت نورا" ولابن خزيمة عنه قال:" رآه بقلبه ولم يره بعينه". وبهذا يتبين مراد أبي ذر بذكره النور، أيب النور حال بين رؤيته له ببصره وقد رجح القرطبي في "المفهم" قول الوقف في هذه المسألة، وعزاه لجماعة من المحققين، وقواه بأنه ليس في الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل. قال: وليست المسألة من العمليات فيكتفي بالأدلة الظنية، وإنما هي من المعتقدات فلا يكفي فيها الا بالدليل القطعي وجنح ابن خزيمة في " كتاب التوحيد" الى ترجيح الاثبات وأطنب في الاستدلال له بما يطول ذكره، وحمل ما ورد عن ابن عباس، على أن الرؤيا وقعت مرتين: مرة بعينه ومرة بقلبه، وفيما أوردته من ذلك فقنع.

وممن أثبت الرؤية لنبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم الإمام أحمد، فروى الخلال في "كتب السنة" عن المروزي: قلت لأحمد: إنهم يقولون: إن عائشة قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية. فبأي شيء يدفع قولها؟ قال: يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:" رأيت ربي" قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكبر من قولها.

وقد أنكر صاحب "الهدى" على من زعم أن أحمد قال: رأى ربه بعيني رأسه قال: وإنما قال مرة: رأى محمد ربه، وقال مرة: بفؤاده. وحكى عن بعض المتأخرين رآه بعيني رأسه. وهذا من تصرف الحاكي، فإن نصوصه موجودة. ثم قال: ينبغي ان يعلم الفرق بين قولهم: كان الاسراء مناما، وبين قولهم: كان بروحه دون جسده فإن بينهما فرقا فإن الذي يراه النائم يكون حقيقة بأن تصعد الروح مثلا الى السماء، وقد يكون من ضرب المثل أن يرى النائم ذلك وروحه لم تصعد أصلا. فيحتمل من قال: أسرى بروحه ولم يصعد جسده، أراد أن روحه عرج بها حقيقة فصعدت ثك رجعت، وجسده باق في مكانه خقا للعادة. كما أنه في تلك الليلة شق صدره والتأم وهو حي يقظان، لا يجد بذلك ألما. انتهى.

وظاهر الأخبار الواردة في الإسراء تأبى الحمل على ذلك، بل أسرى بجسده وروحه ، وعرج بهما حقيقة، في اليقظة لا مناما ولا استغراقا، والله أعلم.

قال الحافظ رحمه الله: ولمسلم عن مسروق أنه أتاه في هذه المرة [يعني جبريل] في صورته التي هي صورته، فسد أفق السماء. وله في رواية داود ابن أبي هند:" رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض" وللنسائي من طريق عبدالرحمن بن يزيد عن ابن مسعود: ابصر جبريل ولم يبصر به".

وأخرجه البخاري عن زر عن عبدالله ـ يعني ابن مسعود:{ فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الى عبده ما أوحى} قال ـ يعني زرا: حدثنا ابن مسعود: أنه رأى جبريل له ستمائة جناح.

وأخرج عنه أيضا: { لقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال: رأى رفرفا أخضر قد سد الأفق.

قال الحافظ رحمه الله: هذا ظاهره يغاير التفسير السابق أنه رأى جبريل، ولكن يوضح المراد ما أخرجه النسائي والحاكم من طريق عبدالرحمن بن يزيد عن عبدالله بن مسعود قال: ( أبصر نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل عليه السلام على رفرف، قد ملأ ما بين السماء والأرض). فيجتمع من الحديثين ان الموصوف جبريل، والصفة التي كان عليها.

وفي رواية أحمد والترمذي وصححها من طريق عبدالرحمن بن يزيد عن ابن مسعود ( رأى جبريل في حلة من رفرف، قد ملأ ما بين السماء والأرض).

وبهذه الرواية يعرف المراد بالرفرف، وأنه حلة. ويؤيده قوله تعالى:{ متكئين على رفرف} وأصل الرفرف: ما كان من الديباج رفيقا حسن الصنعة، ثم اشتهر استعماله في الستر، وكان ما فضل من شيء وثنى فهو رفرف. ويقال: رفرف الطائر بجناحيه: إذا بسطهما. وقال بعض الشراح: يحتمل أن يكون جبريل بسط أجنحته، فصارت تشبه الرفرف. كذا قال، والرواية التي أوردتها توضح المراد.

bu_odah
19-06-2005, 10:55
نسال الله الثبات على ألأسلام والعمل الصالح
حتى ياتينا اليقين وننال الحسنى والزياده
ولك الشكر

ابومانع
28-06-2005, 01:49
يسلمو اخوي خالد الحمد وجعلها الله في ميزان حسناتك

1+1=2
06-09-2006, 08:58
مشكور علئ الموضوع الحلو
ممكن انسخ الموضوع