المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التمدن المسوخ


ابوحاتم
23-04-2010, 01:17
التمدن الممسوخ[1] (http://www.aboulyakdan.com/makal_attamadoun%20almamsoukh.htm#_ftn1)

جرت عادة فرنسا منذ عهد قديم أن تقيم في حوالي 21 فيفري عيد المسخ (الكرنفال) بتغيير الأزياء المعتادة بمساخر أخرى مضحكة في أشكال وألوان تخرج الإنسان عن طوره إلى أطوار أخرى، تخيل للرائي أن الله قد بعث خلقا جديداً لهاته الأرض لا هو آدمي ولا حيواني، لا في الشكل و لا في اللون ولا في العقل ولا في الخلق وإنما هو شيء آخر قائم بذاته يتستر وراءه العشاق ويكمن خلف ستاره الأشرار والفتاكون.
وقد تطور التفنن في هذا العيد بتطور التمدن الحديث وبلغ في هذا الشهر إلى آخر طراز بلغ إليه.
وهو عادة كلت أفهامنا أن تدرك سرها وقصرت مداركنا أن توفق بينها وبين المدنية والحضارة التي اصطكت الآذان من سماع أبواقها.
نحن لا يهمنا هذا ولا نستغرب فيه فإن التجرد من الدين يفعل كــل شيء، وليس من الحكمة أن نناقش أبناء الغرب في ذلـك، فلهم عقلاؤهم وحـكماؤهم وأدبــاؤهم ولهم سواسهم وحكومتهم ولهم أخلاقهم وآدابهم وأذواقهم وأساليبـهم في حياتهم.
ولكن تأخذنا الدهشة و الاستغراب من كثير من المسلمين والمسلمات الذين ارتطموا في هذه الحياة و انغمسوا فـي هذه الأوحال إلى العنـق تقليدا لسادتهم كما تقلد القردة سيدها لكن في أنواع اللعب والرقص فقط لا في ميادين العلم والعمل المفيد.
لقد بلغنا أن أكثر المحتفلين في العاصمة بهذا العيد المتزينين بأزيائه هــم من المسلمين، والبغايا من المسلمات، وقد اتخذوا ذريعة إلى نيل مآربهم الحيوانية والكيد لأعدائهم الشخصيين، تجتمع ثلة من أولئك الأنذال على بعض إخوانهم المسلمين فيهينونه ويسبونه بأنواع السباب الجاري على ألسنة الفرنسيين مـــثل ( بيكو، سال أراب، إلخ ) وهذه لعمري نهاية الجنون وأقصى درجات المسخ و الانحطاط أيتزين الإنسان بهذه الأزياء الممسوخة ليسب قومه ويهين أخاه ويصفع خده بيده؟ وإذا كان ولابد من تقليد أبناء الغرب فلماذا تقلدونهم في مخازيهم ولا تقلدونهم في عظمائهم.
أتظنون أنكم بذلك تنالون لديهم حظوة ؟ كلا وألف كلا. فإن من ينسلخ من قوميته، ويمرق من بيئته لا خلاق ولاحظ ولا شأن له حتى عند من يسخره لمئاربه بل يبقى شأنه مدة حياته شأن القرد الممسوخ، لأن سيده يعلم حق العلم أنه ما انسلخ من قوميته وأندمج في عنصره ألا وهو جدير بأن يبيع هذا أيضا بقشرة بصل متى رأى حاجياته في ذلك فهو أسير شهوة لا أسير مبدأ.
فمتى تستفيقون أيها المسلمون من سكراتكم؟ و متى تعلمون أنكم أمة جزائرية مسلمة لها إسلامها لها آدابها وأخلاقها؟ متى تتحققون أنه ليس من صالحكم ولا من صالح فرنسا أن تكونوا قردة ممسوخين مذبذبين لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء؟
وليت شعري أين علماء المسلمين وعقلاؤهم وحكماؤهم و نوابهم إزاء هذه المخازي المبيدة للقومية المخربة للعنصرية ؟ أفنضب منهم معين الغيرة؟ أفتخدرت منهم أعصاب الإحساس والشعور إلى هذه الدرجة ؟ فاللهم أزح الرين عن القلوب و ارفع الغشاوة عن البصائر حتى يعلم المسلمون من هم؟ وأين هم؟ وما هي مسالك الحياة التي تلائم وضعيتهم ؟....