أخصائي مختبر
19-05-2010, 05:59
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما هم القائد الإسلامي الشهير طارق بن زياد لفتح الأندلس قبل أكثر من 1330 سنة، وعبر السواحل المغربيةً، إلى الضفة الأخرى من المضيق وحط قدميه على السواحل الأسبانيةً، وتجمع هو وجنوده عند الجبل الذي سمي والمضيق أدناه باسمه (مضيق جبل طارق)، ذُكر في بعض المراجع التاريخية أنّه أَمر بحرق السفن التي عبر بها هو وجنوده المضيق، وخطب فيهم خطبته الشهيرة التي قال فيها: «أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام..» إلى آخر الخطبة العصماء، أتذكر بهذا الموقف حال أبنائنا وبناتنا الصغار في مدارسهم في عصرنا الحالي..
يذهب الصغار لمدارسهم في السادسة صباحاً.. ليتم حشو عقولهم عنوة بكل أنواع العلوم، من لغات وأدبيات وحساب ورياضيات.. ودينيات واجتماعيات، ولا يسمعون هناك سوى كلمات: ادرس.. ذاكر.. يا ويلك.. يا ظلام ليلك.. لنا اللحم.. ولأبوك العظم.. انتبه! يا لوح.. قم قف عند السبورة.. العصا لمن عصا.. أنت معاقب.. أنت متأخر.. أنت قليل أدب.. أنت كسلان.. أنت محروم من الفسحة.. أنت فيك اللي فيك! فيتجرعون كل عصارات السلبية الموجودة على وجه الأرض منذ أن يفتحوا أعينهم صباحاُ.. وحتّى عودتهم لمنازلهم.
وعندما يعودون لمنازلهم فرحين لخروجهم من سجون السلبيّة والعقد، يُفاجأون بآبائهم وأمهاتهم يستقبلونهم بـ: هاه؟! يلّه، طلّع واجباتك! ادرس..! المدرس الخصوصي وصل، تجهّز! لا تفشلنا بأقاربنا وجيراننا! نريدك أن تصير مهندسا.. طيارا.. قائدا.. ضابطا.. قويا.. مديرا.. خطيرا.. سميرا. (مين سمير؟!)، وأنتِ تصيري دكتورة, ومعلمة.. ومهندسة..! يا ويلك إن سقطت.. أين نتيجة اختباراتك...؟! أين سجلك الدراسي...؟! لماذا عاقبوك في المدرسة يا كسلان...؟! طقّوه... اضربوه... خذوه.. فغلوه... عزروه... فشلوه.. احرموه... احبسوه... وعقّدوه! ليتم تجريعه في البيت أيضاً أشد عصارات السلبية مرارة...! وكأن حال هؤلاء التلاميذ والتلميذات يقول: المدرسة من أمامنا.. والبيت من ورائنا!.
بما أن هذا هو الحال الغالب لتلاميذنا ذكوراً وإناثاً، إذاً لماذا نستغرب عندما يصاب الكثير منهم بالأمراض والعقد النفسية، وعندما يلجأ بعضهم لأطراف أخرى خارج البيت؟! أو عندما يهربون من المدارس جسدياً وذهنياً! أو عندما يقرر بعضهم الانطواء على نفسه؟! كيف نريدهم أن يحبّوا العلم والتعلم في محيط مليء بالسلبية والفوضى التعليمية التي تتعامل مع عقول هؤلاء الصغار على أنها مخازن معلومات لا بد من حشوها بأكثر كمّيّة ممكنة من المعلومات! كيف تريدون منهم أن يكونوا أذكياء وهم يعامَلون على أنهم ليسوا كذلك؟!
لن تقوم لنا قائمة في العلم طالما تمسكنا بالجاهليّة التعليمية التربويّة التي تستقبل الصغار بطابور الصباح الموروث من الأنظمة الثورية التي لا زالت تستنزف شعوبها باسم الثورة، وتودعهم وعلى ظهورهم عشرة كيلوغرامات من الكتب، وتطلب منهم أن ينسخوا ما حفظوه منها على الأوراق.. وألف داهية بما استوعبوه وفهموه!
طارق بن زياد، وقف في طابور صباح واحد فقط ليقول لجنوده إنّه يحترمهم ويثق بهم وكسب بذلك عقولهم وقلوبهم، لم يهددهم ولم يعنّفهم، ولم يطلب منهم حفظ كتب أو الاستماع لإذاعة صباح مكررة سمجة،.. تحدّث معهم على أنهم بشر شجعان وأذكياء يدركون يفهمون، وليسوا مجرد آلات.. أو حمير تحمل أسفاراً!
دمتم بحفظ الله
عندما هم القائد الإسلامي الشهير طارق بن زياد لفتح الأندلس قبل أكثر من 1330 سنة، وعبر السواحل المغربيةً، إلى الضفة الأخرى من المضيق وحط قدميه على السواحل الأسبانيةً، وتجمع هو وجنوده عند الجبل الذي سمي والمضيق أدناه باسمه (مضيق جبل طارق)، ذُكر في بعض المراجع التاريخية أنّه أَمر بحرق السفن التي عبر بها هو وجنوده المضيق، وخطب فيهم خطبته الشهيرة التي قال فيها: «أيها الناس أين المفر؟ البحر من ورائكم والعدو من أمامكم وليس لكم والله إلا الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام..» إلى آخر الخطبة العصماء، أتذكر بهذا الموقف حال أبنائنا وبناتنا الصغار في مدارسهم في عصرنا الحالي..
يذهب الصغار لمدارسهم في السادسة صباحاً.. ليتم حشو عقولهم عنوة بكل أنواع العلوم، من لغات وأدبيات وحساب ورياضيات.. ودينيات واجتماعيات، ولا يسمعون هناك سوى كلمات: ادرس.. ذاكر.. يا ويلك.. يا ظلام ليلك.. لنا اللحم.. ولأبوك العظم.. انتبه! يا لوح.. قم قف عند السبورة.. العصا لمن عصا.. أنت معاقب.. أنت متأخر.. أنت قليل أدب.. أنت كسلان.. أنت محروم من الفسحة.. أنت فيك اللي فيك! فيتجرعون كل عصارات السلبية الموجودة على وجه الأرض منذ أن يفتحوا أعينهم صباحاُ.. وحتّى عودتهم لمنازلهم.
وعندما يعودون لمنازلهم فرحين لخروجهم من سجون السلبيّة والعقد، يُفاجأون بآبائهم وأمهاتهم يستقبلونهم بـ: هاه؟! يلّه، طلّع واجباتك! ادرس..! المدرس الخصوصي وصل، تجهّز! لا تفشلنا بأقاربنا وجيراننا! نريدك أن تصير مهندسا.. طيارا.. قائدا.. ضابطا.. قويا.. مديرا.. خطيرا.. سميرا. (مين سمير؟!)، وأنتِ تصيري دكتورة, ومعلمة.. ومهندسة..! يا ويلك إن سقطت.. أين نتيجة اختباراتك...؟! أين سجلك الدراسي...؟! لماذا عاقبوك في المدرسة يا كسلان...؟! طقّوه... اضربوه... خذوه.. فغلوه... عزروه... فشلوه.. احرموه... احبسوه... وعقّدوه! ليتم تجريعه في البيت أيضاً أشد عصارات السلبية مرارة...! وكأن حال هؤلاء التلاميذ والتلميذات يقول: المدرسة من أمامنا.. والبيت من ورائنا!.
بما أن هذا هو الحال الغالب لتلاميذنا ذكوراً وإناثاً، إذاً لماذا نستغرب عندما يصاب الكثير منهم بالأمراض والعقد النفسية، وعندما يلجأ بعضهم لأطراف أخرى خارج البيت؟! أو عندما يهربون من المدارس جسدياً وذهنياً! أو عندما يقرر بعضهم الانطواء على نفسه؟! كيف نريدهم أن يحبّوا العلم والتعلم في محيط مليء بالسلبية والفوضى التعليمية التي تتعامل مع عقول هؤلاء الصغار على أنها مخازن معلومات لا بد من حشوها بأكثر كمّيّة ممكنة من المعلومات! كيف تريدون منهم أن يكونوا أذكياء وهم يعامَلون على أنهم ليسوا كذلك؟!
لن تقوم لنا قائمة في العلم طالما تمسكنا بالجاهليّة التعليمية التربويّة التي تستقبل الصغار بطابور الصباح الموروث من الأنظمة الثورية التي لا زالت تستنزف شعوبها باسم الثورة، وتودعهم وعلى ظهورهم عشرة كيلوغرامات من الكتب، وتطلب منهم أن ينسخوا ما حفظوه منها على الأوراق.. وألف داهية بما استوعبوه وفهموه!
طارق بن زياد، وقف في طابور صباح واحد فقط ليقول لجنوده إنّه يحترمهم ويثق بهم وكسب بذلك عقولهم وقلوبهم، لم يهددهم ولم يعنّفهم، ولم يطلب منهم حفظ كتب أو الاستماع لإذاعة صباح مكررة سمجة،.. تحدّث معهم على أنهم بشر شجعان وأذكياء يدركون يفهمون، وليسوا مجرد آلات.. أو حمير تحمل أسفاراً!
دمتم بحفظ الله