المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لاَ تُنْكِحْ خَاطِبَ سِرِّك


الشهابي
02-11-2010, 01:04
لاَ تُنْكِحْ خَاطِبَ سِرِّك

الأسرار على ضربين: أحدهما: ما يبوح به إنسان لآخر من حديث يُستكتم، وذلك إما تصريحًا كأن يقول له: اكتم ما أقول لك، وإما حالاً كأن يتحرى القائل حال انفراده بمن يتحدث معه، أو يخفي حديثه عن بقية مجالسيهِ. في هذا قيل: إذا حدثك إنسان بحديث فهو أمانة.
أما الضرب الثاني من الأسرار فهو أن يكون حديثَ نفسٍ بما يستحي الإنسان من إشاعته، أو أمرًا ما يريد فعله.
والكتمان في النوعيين محمود؛ فهو في الأول نوعٌ من الوفاء، وفي الثاني نوعٌ من الحزم والاحتياط والستر ، قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

وَمُسْتَوْدَعِي سِرًّا تَضَمَّنْتُ سِرَّهُ .. أَوْدَعْتُهُ مِنْ مُسْتَقَرِّ الْحَشَى قَبْرَا


وَلَكِنَّنِي أُخْفِيـهِ عَنِّي كَأَنَّنِي ..لِأَنِّي أَرَى الْمَدْفُونَ يَنْتَظِرُ النَّشْرَا.

واعْلَمْ أَنَّ كِتْمَانَ الاسْرَارِ مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ النَّجَاحِ، وَأَدْوَمِ لِأَحْوَالِ الصَّلاَحِ ، رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: اسْتَعِينُوا عَلَى إنْجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: سِرُّك أَسِيرُك فَإِنْ تَكَلَّمْت بِهِ صِرْت أَسِيرَهُ... وقَالَ بَعْضُ الادَبَاءِ: مَنْ كَتَمَ سِرَّهُ كَانَ الْخِيَارُ إلَيْهِ، وَمَنْ أَفْشَاهُ كَانَ الْخِيَارُ عَلَيْهِ... وَإِظْهَارُ الرَّجُلِ سِرَّ غَيْرِهِ أَقْبَحُ مِنْ إظْهَارِهِ سِرَّ نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَبُوءُ بِإِحْدَى وَصْمَتَيْنِ، الْخِيَانَةُ إنْ كَانَ مُؤْتَمَنًا، أَوْ النَّمِيمَةُ إنْ كَانَ مُسْتَوْدَعًا.

إذا المـرء أفشـى سره بلسانه ... ولام عليه غيره فهـو أحمق


إذا ضاق صدرالمرءعن سرنفسه...فصدرالذي يستودع السر أضيق

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: سِرُّك مِنْ دَمِك فَإِذَا تَكَلَّمْت بِهِ فَقَدْ أَرَقْتَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ الاسْرَارِ مَا لاَ يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنْ مُطَالَعَةِ صَدِيقٍ مُسَاهِمٍ، وَاسْتِشَارَةِ نَاصِحٍ مُسَالِمٍ. فَلْيَخْتَرْ الْعَاقِلُ لِسِرِّهِ أَمِينًا إنْ لَمْ يَجِدْ إلَى كَتْمِهِ سَبِيلًا، وَلْيَتَحَرَّ فِي اخْتِيَارِ مَنْ يَأْتَمِنُهُ عَلَيْهِ وَيَسْتَوْدِعُهُ إيَّاهُ. فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى الامْوَالِ أَمِينًا كَانَ عَلَى الاسْرَارِ مُؤْتَمَنًا.
وَالْعِفَّةُ عَنْ الامْوَالِ أَيْسَرُ مِنْ الْعِفَّةِ عَنْ إذَاعَةِ الاسْرَارِ؛ لِأَنَّ الانْسَانَ قَدْ يُذِيعَ سِرَّ نَفْسِهِ بِبَادِرَةِ لِسَانِهِ، وَسَقَطِ كَلاَمِهِ، وَيَشُحُّ بِالْيَسِيرِ مِنْ مَالِهِ، حِفْظًا لَهُ وَضَنًّا بِهِ، وَلاَ يَرَى مَا أَذَاعَ مِنْ سِرِّهِ كَبِيرًا فِي جَنْبِ مَا حَفِظَهُ مِنْ يَسِيرِ مَالِهِ مَعَ عِظَمِ الضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ.
فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ أُمَنَاءُ الاسْرَارِ أَشَدَّ تَعَذُّرًا وَأَقَلَّ وُجُودًا مِنْ أُمَنَاءِ الامْوَالِ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه: الْقُلُوبُ أَوْعِيَةُ الاسْرَارِ، وَالشِّفَاءُ أَقْفَالُهَا وَالالْسُنُ مَفَاتِيحُهَا، فَلْيَحْفَظْ كُلُّ امْرِئٍ مِفْتَاحَ سِرِّهِ.
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: قُلُوبُ الْعُقَلاَءِ حُصُونُ الاسْرَارِ. وَلْيَحْذَرْ صَاحِبُ السِّرِّ أَنْ يُودِعَ سِرَّهُ مَنْ يَتَطَلَّعُ إلَيْهِ، وَيُؤْثِرُ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ طَالِبَ الْوَدِيعَةِ خَائِنٌ.
وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: لاَ تُنْكِحْ خَاطِبَ سِرِّك.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: كُلَّمَا كَثُرَتْ خِزَانُ الاسْرَارِ ازْدَادَتْ ضَيَاعًا.
وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: وَسِرُّك مَا كَانَ عِنْدَ امْرِئٍ وَسِرُّ الثَّلاَثَةِ غَيْرُ الْخَفِي

حاتميه
03-11-2010, 12:36
الله يجعلنا ممن يحفظ السر ونكون دائما عند الثقه

جزاك الله خير ع التذكير اخوي الشهابي

سلامه العايد
03-11-2010, 06:20
اشكرك على الموضوع الرائع بارك الله فيك

ذكرتني با مقوله لأعرابي : حيث قيل له ما بلغ من حفظك للسر ؟

قال الاعرابي : أفرقه تحت شغاف قلبي ثم أجمعه وأنساه كأني لم أسمعه

قال صالح بن عبد القدوس : لا تودع سرك إلى طالبه، فالطالب للسر مذيع، ولا تودع مالك عند من يستدعيه، فالطالب للوديعة خائن .

ايضاً هناك اشعار عن كتم الاسرار ومنها هذا البيتين مما اعجبني

لســاني كـتـوم لأســـراركــم
ودمعي نموم لسـري مـذيــع

فلولا الدموع كتـــمت الـهــوى
ولولا الهوى لم تكن لي دموع

MR MAHMOUD
21-11-2010, 06:03
http://img167.imageshack.us/img167/7603/1234wj3.gif