المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المنافسة في الخيرات


الشهابي
08-11-2010, 02:43
المنافسة في الخيرات



إن المؤمن عالي الهمة لا يقنع بالدون، ولا يقر له قرار في هذه الدنيا؛ فهو متطلع دائمًا إلى الأكمل والأحسن، يستشعر أنه في ميدان سباق، فيأخذ أهبته، ويعد عدته، ويشمر



عن ساعد الجد والاجتهاد، حتى يصل إلى مطلوبه فيكون من السابقين {والسابقون السابقون * أولئك المقربون}.



لقد ربى الإسلام أبناءه على استشعار هذا المعنى في أمر الآخرة حتى جعل الفرد المسلم يتطلع إلى أن يجعله الله إمامًا للمتقين، فقال الله عز وجل عن أولئك النفر من عباده:



{والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا}.



وبالتأمل في أدلة الشرع نجدها حين نتحدث عن الآخرة تدعو صراحة إلى المنافسة والمسارعة والمسابقة والسعي، وحين تتكلم عن الدنيا تدعو صراحة الى عدم التكالب أو



التنافس في طلب هذه الدنيا، ومن هذه النصوص:



{وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}.



وقوله تعالى بعد أن وصف شيئًا ممن نعيم الجنة: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}.



وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة



فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون}.








وغيرها من نصوص القرآن الكريم.



أما نصوص السنة فكثيرة أيضًا، ومنها:



قوله صلى الله عليه وسلم " لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل



ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل".



يقول ابن حجر رحمه الله: [وأما الحسد المذكور في الحديث فهو الغبطة، وأطلق الحسد عليها مجازًا، وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه،



والحرص على هذا يسمى منافسة فإن كان في الطاعة فهو محمود].



ومن صور ذلك التنافس الشريف المسابقة إلى صور من العبادة قد لا يصبر عليها إلا السابقون، كالأذان والصف الأول، والتبكير إلى الصلوات،



قال صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجيز



لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا ".



بل علَّم النبي صلى الله عليه وسلم أمته المبادرة والمسارعة في أمور الآخرة فقال: "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم...". الحديث.



وقال: "التؤدة في كل شيء خير، إلا في عمل الآخرة".



ولقد تعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الدرس فكانوا يتنافسون فيما بينهم في مرضاة الله تعالى، فحين طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة أن



يتصدقوا قال عمر رضي الله عنه: ووافق ذلك عندي مالاً فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي،



فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أبقيت لأهلك؟" قلت: مثله. وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: "يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟" فقال: أبقيت لهم الله



ورسوله. عندئذ قال عمر: لا أسبقه إلى شيء أبدًا.







وفي يوم آخر يستمع الرجلان -أبو بكر وعمر- إلى ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على قراءة ابن مسعود: "من سره أن قرأ القرآن غضًّا كما أنزل



فليقرأه من ابن أم عبد".



فبادر عمر ليلاً لينقل البشرى لابن مسعود، فقال ابن مسعود: ما جاء بك هذه الساعة؟ قال عمر: جئت لأبشرك بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن مسعود: قد سبقك



أبو بكر رضي الله عنه. قال عمر: إن يفعل فإنه سباق بالخيرات، ما استبقنا خيرًا قط إلا سبقنا إليه أبو بكر.



انظر إلى هذا الرقي والسمو في أخلاق هؤلاء الأكابر، يتنافسون لكن بحب واحترام وفرح بما من الله به على المنافس من خير وسبق، ليس بحقد أو امتهان أو حسد.



وفرق كبير بين هذه المنافسة المحمودة في أمر الآخرة، وبين المنافسة في حطام الدنيا ومتاعها الفاني، وهذا الذي حذر منه النبي صلى الله



عليه وسلم حين قال: "فأبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على مَن كان قبلكم، فتنافسوها



كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم".



وهذا التنافس على الدنيا هو الذي يؤدي إلى الحسد، وهو ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته إذا فتحت فارس والروم



فقال: "تتنافسون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون ...".







ولقد فقه أسلافنا هذا المعنى فكان تنافسهم في أمر الآخرة، أما الدنيا عندهم فكانت لا تساوي شيئًا، يقول الحسن رحمه الله: والله لقد أدركت أقوامًا كانت الدنيا أهون عليهم من



التراب الذي تمشون عليه، ما يبالون أشرقت الدنيا أم غربت، ذهبت إلى ذا، أو ذهبت إلى ذا.وقال أيضًا: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.



وأحسن من ذلك ما وجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ؛ فإنه أجدر ألا تزدروا



نعمة الله عليكم ".



أما إذا كان التنافس في الدنيا من أجل إحراز سبق أو كفاية يستغني بها المسلمون، كابتكار علمي، أو سبق اقتصادي بحيث لا يبقون عالة على أعدائهم مع نية التقرب بذلك



إلى الله والطمع في جنته ورضوانه، فذلك حسن ومحمود، لأنه لا يخرج عن أن يكون من عمل الآخرة.



وفقنا الله والمسلمين لكل خير وجعلنا وإياكم من السابقين.

حاتميه
08-11-2010, 02:48
آآميــــن

الله يهدينا ويحسن الختام

جزاك الله خير واحسن الله اليك مشرفنا الشهابي

الشهابي
08-11-2010, 02:54
يعطيك الف عافيه اختي حاتميه على مرورك الكريم

غيمة مطر
09-11-2010, 01:42
وفرق كبير بين هذه المنافسة المحمودة في أمر الآخرة، وبين المنافسة في حطام الدنيا ومتاعها الفاني، وهذا الذي حذر منه النبي صلى



وأحسن من ذلك ما وجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ؛ فإنه أجدر ألا تزدروا

قواعد ربانيه تسعد كل من اتبعها وطبقها ,,

ما اروع الاسلام ,,

جزاك الله خير اخوي الشهابي ونفع بك الاسلام والمسلمين ,,

علوش الفضلي
09-11-2010, 10:41
وفقنا الله لما فيه الخير والصلاح

الله يجزاك خير أخوي الشهابي

MR MAHMOUD
18-11-2010, 10:45
جَزآكـِ الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـِ وَجَعلهُ في مَوآزينَ حَسنآتكِ

آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـِ بآلريآحينْ
لآحرمنآ روعه طرحك ودُمت بخير ..

الشهابي
21-11-2010, 03:23
هلا والله فيكم وفي حضوركم البهي ..
واشكركم ايضاً على التواصل المستمر لاعدمناكم

ناهد الفضلى
06-12-2010, 05:00
جـــــزاك الله الف خيــــــر على طرحكـ

وجعله في موازين حسناتكـ

واثابكـ الله على ما تقدمه ’’

ابن عروج _ الجوف
02-01-2011, 01:41
اللهــــم آآآمين أخي الشـــــهابي وبارك فيك ونفع بك.
وذكرتني بموقف أبي بكر رضي الله عنه عندما حدثهم الرســــــــــــــــــــول صلى الله عليه وسلم عن أبواب الجنة الثمانية...الصدقة ....الصيام...... . حيث سأل هل من أحد يدخل من أبواب الجنة الثمانية فقال صلى الله عليه وسلم أو كما قال نعم وأرجو أن تكون منهم.
رووووح تنافسية عالية....أشكرك أخي الشهابي.

الشهابي
02-01-2011, 02:47
جزاك الله خير اختي ناهد الفضلي على مرورك الكريم .. وفقكِ الله للخييييير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال صلى الله عليه وسلم : من أنفق زوجين في سبيل الله نُودي من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دُعِي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعِي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دُعِي من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة . فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي وأمي يا رسول الله ! ما على مَن دُعي من تلك الأبواب مِن ضرورة ، فهل يُدْعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم . رواه البخاري ومسلم

العفو اخي ابن عروج اسعدني مرورك الكريم

والاضافه الطيبه ونفع الله بك

واسعدك الله حيثما كنت

ابو مفرح
02-01-2011, 03:50
جزاك الله كل خير

الشهابي
03-01-2011, 12:07
حياك الله ابو مفرح
وشكراً على مرورك الكريييم

اسامة كريم
03-01-2011, 02:31
تقبل مروري

الشهابي
03-01-2011, 03:02
هلا والله فيك اخوي اسامة كريم
شكراً على مرورك الكريم
وفقك الله لحب الخير