المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فراسة فتاة


سفير الفضول
31-08-2007, 12:16
يُحكى أن شيخاً طاعناً في السنّ راودته فكرة الزواج بعد وفاة زوجته ، فطلب من أبنائه أن يبحثوا له عن فتاة علَّهم يجدوا مَنْ توافق على الزواج منه ، واستغرب الأبناء هذا الطلب الذي جاء في غير أوانه ، خاصة وأن أباهم رجل شيخ وفي مثل هذه العمر المتقدمة . غير أن إصرار أبيهم ، وعدم رغبتهم في إغضابه جعلهم ينزلون عند رغبته ، ويحاولون تلبية طلبه .

وبعد فترة قصيرة من البحث وجدوا فتاة في مقتبل العمر توافق على الزواج من أبيهم الشيخ فخطبوها إليه ، وبعد أن تهيأت خلال عدة أيام زفُّوها إليه ، ودخل الشيخ على عروسه الشابّة وقضى ليلته عندها ، ولكنه في صبيحة اليوم التالي لم يخرج ، وعندما استبطأه أبناؤه ذهبوا إلى خيمته الصغيرة التي تزوّج فيها فوجدوه على فراشه وقد فارق الحياة .

أُسْقِطَ في يد الأبناء لوفاة والدهم ، فجهزوه ودفنوه ، وعادت العروس بعد ذلك إلى بيت أهلها بعد هذا الزواج القصير .

وجاءها من يخطبها من أقاربها فزوّجوها إليه قبل انقضاء العدّة الشرعية ، وبعد فترة الحمل أنجبت لزوجها الجديد ابناً ذكراً ، ثم أنجبت له بعد ذلك أولاداً آخرين .

وكان الابن الأكبر يساعد أباه في أعماله ويعينه في شؤونه ، غير أن الأب كان لا يمنحه أي شعور بالمحبة ، ولا يجعله يشعر بأي شيءٍ من حنان الأبوة ، بعكس إخوانه الآخرين ، الذين كان يعاملهم بكلّ رفق ، ولا يضنّ عليهم بشيء ، بل إن الأب كان يضرب ذلك الابن دائماً ، ويعامله بكل فظاظة وقسوة ، ولا يجد له رحمة في قلبه .

وكبر الولد مع إخوانه وعاش ظروفاً قاسية ، وكان دائماً عوناً لأبيه في أعماله ، برغم كلّ هذه المعاملة القاسية التي يعامله والده بها ، وفي أحد الأيام ذهب الوالد ليعمل في حراثة الأرض على جملِهِ ومعه ابنه هذا ، ولأسباب تافهة ثارت أعصاب الأب وقام بضرب ابنه ضرباً مبرحاً آلمه كثيراً مما جعله يهرب من بين يديه ويهيم على وجهه ، وظلَّ الصبيّ يعدو حتى وصل إلى خيمة يقيم بها عدة أخوة وحولهم أغنامهم ومواشيهم ، فاستجار بهم من ظلم أبيه وقال لهم : أنقذوني من أبي فقد ضربني حتى كاد يقتلني ، فَهَدَّأَ أصحاب البيت من روعه وأعطوه ماءً ليشرب ويهدأ قليلاً ، وبعد أن استراح بعض الشيء حدثهم عن معاملة أبيه القاسية له بعكس إخوانه الذين يعاملهم معاملة طيبة رقيقة ، أما هو فمحروم من كل شيء ، وهو يشغله معه في الحراثة ورعي الأغنام ونَشْل الماء لها من البئر ، وغير ذلك من الأعمال الشاقة التي لا يطلبها من أبنائه الآخرين ، وشعر صاحب البيت بميلٍ شديد نحو الصبي فسأله: ومن هو أبوك ؟ فقال : أنا ابن فلان ، وسأله أيضاً : ومن هي أمك ؟ فقال : أمي فلانة بنت فلان . فقال صاحب البيـت : أنت لسـت ابناً لهذا الرجـل ، بل أنت أخي أنا ، فقال له الصبي : وكيف أصبحت أخاً لك وأنا لم أشاهدك في حياتي قبل هذه المرة ، فقال الرجل : لا تستعجل فسأخبرك بذلك في حينه ، وبعد ساعة من الزمن جاء أبو الصبي يريد أخذ ابنه من عندهم لأنه كان يتبعه وهو يهرب منه ، ولكن الأخ الأكبر قال له : هذا ليس ابنك أيها الرجل ، بل هو أخي . فقال الرجل : كيف أصبح أخوك خلال هذه الساعة ، إنه ابني ولكن يبدو أنه جرى لعقـلك شـيء ، أو تكـون قد جننت حقاً ؟!.

فقال الأخ الأكبر : لن أتركه لك إلا بعد أن نتقاضى ونحتكم عند أحد الشيـوخ ، فإن كان ابنك فخذه ، وإن كان أخي سآخذه أنا ، وقال له سنلتقي غداً في بيت الشيخ فلان ، فهل ترضى به حَكَمَاً بيننا ، فقال الرجل : ونعم الشيخ هو ، واتفقا أن يجتمعا عنده في اليوم التالي ليفصل بينهما في هذه القضية المعقدة ، وفي اليوم التالي ذهب الأخوة ومعهم الولد إلى بيت الشيخ المذكور ، ثم جاء غريمهم أبو الولد ، وكان بيت الشيخ بعيداً فما وصلوه إلا في ساعات العصر ، فرحب بهم الشيخ واستقبلهم استقبالاً حسناً ، وبعد أن استراحوا ، شرح كل واحد منهم حجته لذلك الشيخ ، فقال لهم : لن أحكم بينكم قبل أن أقدّم لكم واجب الضيافة ولكنني أريد من هذا الصبي أن يساعدني في بعض الأمور ، ودعا الشيخ الصبي ليفهمه ما يريد منه فخرج معه إلى جانب البيت ، فقال له الشيخ : أنت ترى يا ابني إنكم ضيـوف عندي ، ولا بد من عمل القِرَى لكم ، وأغنامي بعيدة ، وأريد منك أن تذهب إليها فهي ترعى قرب الوادي الفلاني ومعها ابنتي ، فغافِل ابنتي واسرق منها خروفاً واحمله وأحضره إليّ لكي أعمله عشاءً لكم ولا تدع الفتاة تراك أو تحسّ بك .

فذهب الصبي وغافل الفتاة ثم حمل خروفاً كبيراً وسار يعدو به حتى أحضره إلى الشيخ الذي ذبحه وأعدّ منه عشاءً لهم . وفي ساعات المساء وبعد أن تناول المختصمون عشاءهم عند ذلك الشيخ عادت الفتاة ومعها أغنامها إلى البيت فجاءت إلى أبيها وعلى وجهها ملامح الحزن وقالت لأبيها وعلى مسمع من الضيوف : لقد ضاع مني اليوم خروف يا أبي .

فقال لها : وكيف ضاع منك ؟ هل أكله الذئب ؟

فقالت : لا بل سُرِق .

فقال لها : وهل رأيت الذي سرقه ؟

فقالت : لا ولكنني عرفته .

فقال لها : كيف عرفتِه ولم تبصره عيناكِ ؟

فقالت : وجدت أثر أقدامه فعرفته من أثره ، فهو صبي أمّه شابّة وأبوه شيـخ هَـرِم .

فقال لها أبوها : وكيف تثبتي لي ذلك ؟

فقالت : إن أثره صغير كأَثَرِ صبي لم يبلغ بعد .

فقال أبوها : حسناً ولكن كيف عرفت أنه ابن شيخ هرم ؟

فقالت : عرفته من أثره أيضاً ، فوجدت خطواته مرة تكون طويلة ومتباعدة ومرةً تكون قصيرة ومتقاربة ، فعرفت إنه عندما كان يأتيه العزم والقوة من ناحية أمه ، فكان يعدو فتبعد خطواته عن بعضها البعض ، وعندما تأتيه القوة من عند أبيه فكـان يتعب فتقصر خطواته ، فعرفت أن أمه شابّة وان أباه شيخ هرم.

فقال لها الشيخ : اذهبي الآن يا ابنتي وسنبحث عن الخروف فيما بعد .

ثم نظر إلى ضيوفه وقال لهم : هل سمعتم ما قالته الفتاة ؟

فقالوا : نعم سمعنا .

فقال الشيخ : وبذلك تكون قد حُلّت القضية ، فأما أنت أيها الرجل فالصبي ليس ابناً لك ، وأما أنت أيها الصبي فالحق بإخوانك وعد إلى أهلك .وبهذا أكون قد حكمت بينكم .

وبذلك تكون فراسة الفتاة البدوية حكماً فطرياً أنقذ الصبي من ظلم أبيه المزعـوم ، وأعاده إلى حضن إخوانه الذين فرحوا كثيراً بعودته إليهم .

����

ناصر السيف
18-04-2008, 08:01
سفير الفضول



قصة جميله


مسكين عان كل هذا الوقت


ولاتحرمنا من جديد ابداعك

سفير الفضول
20-05-2008, 01:46
الله يجبر بخاطرك ياخوي ناصر : على المرور

أديب الدعفس
22-05-2008, 02:13
سبحان الله

أخ سفير وأبن عمي الفاضل
دائماً اختيار ممتاز

شكرا لك

تقبل مروري

عبدالله المنحول
22-05-2008, 03:17
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله، ثم قرأ قول الله تعالى: إن في ذلك لآيات للمتوسمين )). رواه الترمذي

وعنه صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم)) رواه الطبراني

قصه جميله اخوي سفير

تشكر عليها حفظك الله

ولكم كل احترام وتقدير

ابيات القصيد
29-05-2008, 12:42
سبحان الله

فراسه البدو معروفه

قصه جميله

ولنا عوده :)

راعي العليا
30-05-2008, 03:19
ياسلام قصه رائعه جدا

يعطيك العافيه ياسفيرنا

سفير الفضول
14-06-2008, 12:55
الشكر لكل من اطلع على الموضوع :

وابدا برايه الذي نسعد به