عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 06-05-2009, 11:36
أديب الدعفس
ضيف
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية :
 فترة الأقامة : 19867 يوم
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
بيانات اضافيه [ + ]
الجمال مقصود في أصل الخلق



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
الجمال سمة واضحة في الصنعة الإلهية , فحيثما إتجهت ببصرك فثمة هناك ما يجذبك فينعشك , أو ينبهك فيدهشك , فالجمال موجود ولكن ألفة الناس لهذا الجمال جعلها عادية وأن الجمال أصل في الكون ويسير معنا في التيار فهو غير مرئي إلا لمن ينتبه له , فالجمال فينا ومن حولنا يظهر ذلك باستيقاظ النفوس لترى هذا الجمال , والقرآن يدعونا لذلك بإشاراته الإبداعية في آياته القرآنية , وصوره الجمالية في سوره القرآنية .
تأمل الليل الهادي وصفاء السماء وتلألؤ النجوم , تأمل القمر وضياءه الفضي ينساب في كل الجنبات
, تأمل الشمس وإشراقاتها وهي تلامس خيوطها الذهبية تلك اللآلئ البراقة من الندى , تأمل الورود وهي تتفتح عن ألوانها وأريجها , وعن تلك الفراشات السابحة , وعن خرير المياه المتدفق الرقراق وانسياب الأنهار .
كيف تتهادى وسكظ النجوم ؟
تأمل خيوط الحرير , وصلابة الصخور والإنسان المتأمل , ترى الإعجاز في الكامن والكائن , والقرآن الكريم يسجل هذه اللحظات الجمالية لبديع صنع الخالق في قوله تعالى : (الذي أحسن كل شئ خلقه) (السجدة7).
والإحسان بلوغ الغاية في أداء المهمة التي أعد لها لهذا الشئ وهو في الوقت نفسه تأكيد للجانب التحسيني والجمالي , ما يؤكد أن الجمال مقصود في (أحسن كل شئ ) ولو لم يكن الأمر كذلك لكان في قوله : ( صنع الله الذي أتقن كل شئ) (النمل 88) و ما يفي بالمقصود , إلا أن الإتقان أيضا يعني التحسين والتجميل ومع ذلك قال : (كل شئ) تأكيد على عموم هذا الأمر ولتأكيد هذا المعنى مضاف إليه التحدي والإعجاز يؤكد القرآن بقوله : (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه).
إن عنصر الجمال لمقصود قصدا في هذا الوجود , فإتقان الصنعة يجعل كمال الوظيفة في كل شئ , يصل إلى حد الجمال , (فالكون يدور على ساعة منضبطة على أجزاء من الثانية فكل الكائنات من الذرة إلى المجرة لها دوراتها وحركاتها المحسوبة , وكل الأنفس لها أنفاسها المعدودة لأماكن محدودة , فالكون كله منضبط على نبضات محسوبة ومعدودة داخل الدائرة الكربونية على مسافات الومضات الكونية من خلال سرعاتها الضوئية , وهي في تسبيحها تسبح وتسبح لمبدعها وخالقها من خلال إيقاعاتها الخاصة مستمدة أنشودتها من الأنشودة الكونية الخالدة ومن خلال الإيقاعات الجمالية الصادرة منها) .
أنظر إلى ذرة من الثلج تحت لمجهر , تر بناءا هندسيا هو الجمال بعينه , وأشياء مجهرية أخرى ترى جمالا هندسيا ولوحات تجريدية متناسقة , وقد كانت العين عاجزة عن الكشف عنها إلا بالمجاهر الألكترونية , وهذا الجمال كان موجودا وهو أصل في بناء الخلق ولهذا أقسم رب العزة بما نبصره وما لا نبصر في قوله تعالى : (فلا أقسم بما تبصرون , وما لا تبصرون) (الحاقة 38-39) , فما نبصر وما لا نبصر من خلق الله وهذا القسم تأكيد لقوله تعالى : ( كل شئ) .
الجمال في الكون :
يتحدث القرآن عن السماء لا ينفي الخلل فحسب إنما يتحدى الناظرين , بل وتكرار النظر زيادة في التحدي وتأكيد للرؤى الفنية النقدية , يقول تعالى : (الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور , ثم أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) (الملك 3-4) .
ويسجل القرآن عملية التزين في قوله تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين) (الملك/5), فالزينة مقصودة بالمصابيح , وقد تكرر هذا التزين في قوله ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج) (ق/ 6) , وفي قوله : (ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين) (الحجر/16) , وفي قوله تأكيدا للقصد الجمالي في الخلق : فقظاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم) (فصلت/ 12) , وفي قوله تعالى : (أنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ماكان لكم أن تنبتوا شجرها ..) .
فالبهجة مقصودة , إذ هي الوصف المخصص هنا , فالإنبات لم يكن للحدائق وحسب وإنما للحدائق ذا بهجة .
الجمال في الإنسان :
المرحلة الأولى من الجمال هي التسوية والتعديل , فعدم الخلل وعدم النقص هو الحد الأدنى من الجمال ويلفت النظر إلى هذا بلغة هادئة توقظ الحس وتحفز المشاعر في قوله تعالى : (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم , الذي خلقك فسواك فعدلك) (النمل6-7) . أي جعلك مستقيما معتدل القامة منتصبا على أحسن الهيئات والأشكال .
وفي قوله أيضا : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (الحجر29) , وقول (الذي خلق فسوى) (الأعلى/ 2) أي خلق المخلوقات جميعا فأتقن خلقها وأبدع صنعها في أجمل الأشكال وأحسن الهيئات .
وينتقل القرآن إلى مرحلة أرقى في خلق الإنسان أي (الحسن) في قوله تعالى : ( خلق الساوات والأرض بالحق وصوركم وإليه المصير) (التغابن/3) وفي قوله : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) (التين/ 4) .
ونلاحظ أن الفعل (صور) لم يستعمل في القرآن إلا في صدد الحديث عن الإنسان , وبأسلوب الخطاب له , وتخصيص الإنسان بأسلوب من الخلق وهو (التصوير).
وقد أستخدم القرآن وسائل جمالية في تعامله مع الإنسان , والزينة المطلوبة في هذا الإنسان , فقد عدد القرآن الرياش والياقوت والمرجان واللؤلؤ في وصف الإنسان أو حور العين في قوله تعالى :
( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ) (الأعراف/ 26) .
(فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن أنس قبلهم ولا جان, فبأي آلاء ربكما تكذبان , كأنهن الياقوت والمرجان) (الرحمن 56-58) .
(وحور عين , كأمثال اللؤلؤ المكنون) (الواقعة 22-23).
(ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا) (الإنسان 19) .
فالجسن والجمال مقصود في الكون والإنسان والأشياء , والجمال مقصود في أصل البناء الكوني ينحو نحو الكمال والتعبير عن الكمال يكون عن طريق الجمال فلا صدفة في هذا الوجود فكل شئ خلق بقدر .
نقلاً ... وليس عقلاً ولكم أطيب أمنياتي ؛؛؛




رد مع اقتباس