عرض مشاركة واحدة
قديم 07-07-2007, 01:07   #2
شاكر المخبت
ضيف


الصورة الرمزية شاكر المخبت

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue
رد : لماذا تفر من الله ؟



§][ عُدي بن حاتم بن الطائي رضي الله عنه][§

عُدي بن حاتم بن عبد الله الطائي وكنيته أبو طريف ، ابن حاتم الطائي

الذي يضرب بجوده المثل ، كان نصرانيا ، ووفد على الرسول صلى

الله عليه وسلم في سنة سبع فأكرمه واحترمه وحسُنَ إسلامه ، ومنع

قومه من الردة بقوة إيمانه ، وحسُن رأيه .



§][ الرئاسه][§

ورث عدي رضي الله عنه الرئاسة عن أبيه ، فكان ملكا في الجزيرة ، مَلكته

قبيلة طيئ عليها ، وفرضت له الربع في غنائمها ، وأسلمت له القيادة ،

ولما صدع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوة الهدى والحق ، ودانت له

الجزيرة العربية حيا بعد حي ، رأى عدي رضي الله عنه في دعوة رسول الله

صلى الله عليه وسلم زعامة واسعة النفوذ ، يوشك أن تقضي على زعامته ،

وستفضي إلى إزالة رياسته ، فعادى النبي صلى الله عليه وسلم ، حفاظا

على مصالحه .



§][ الفرار ][§

يقول عدي بن حاتم رضي الله عنه :

( ما من رجل من العرب كان أشد مني كراهةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم

حين سمعت به ، فقد كنت امرأ شريفا ، وكنت نصرانيا ، وكنت أسير في قومي

بالمرباع ، فأخذ الربع من غنائمهم ، كما كان يفعل غيري من ملوك العرب ، فلما

سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم كرهته ، ولما عظم أمره ، وامتدت

شوكته ، وجعلت جيوشه وسراياه تشرق وتغرب في أرض العرب ، قلت لغلام

لي يرعى إبلي :

لا أبا لك ، أعدد لي من إبلي نوقا سمانا سهلة القياد ، واربطها قريبا مني ،

فإذا سمعت بجيش لمحمد أو بسرية من سراياه قد وطئت هذه البلاد فأعلمني ،

وفي ذات غداة أقبل علي غلامي ، وقال :

يا مولاي ما كنت تنوي أن تصنعه إذا وطئت أرضك خيل محمد

فاصنعه الآن

فقلت : ولم ثكلتك أمك ؟

فقال : إني رأيت رايات تجوس خلال الديار ، فسألت عنها فقيل

لي : هذه جيوش محمد قد قدمت

فقلت له : أعدد لي النوق التي أمرتك بها ، وقربها مني ، ثم نهضت

من ساعتي ، فودعت أهلي وأولادي إلى الرحيل عن أرضي التي

أحبها ، وجعلت أعد السير نحو بلاد الشام للحاق بأهل ديني من

النصارى ، وأنزل بينهم ، وقد أعجلني الأمر عن استقصاء أهلي

كلهم ، فلما اجتزت مواقع الخطر ، تفقدت أهلي فإذا لي أن تركت

أختا لي في مواطننا بنجد ، مع من بقي هناك من طيء ، ولم يكن

من سبيل إلى الرجوع إليها ، فمضيت بمن معي حتى بلغت الشام ،

وأقمت فيها بين أبناء ديني ، أما أختي فقد نزل بها ما كنت أتوقعه

وأخشاه ، ولقد بلغني وأنا في ديار الشام أن خيل محمد صلى الله

عليه وسلم أغارت على ديارنا ، وأخذت أختي في جملة من أخذته

من السبايا ، وسيقت إلى يثرب ، ثم جعلنا بعد ذلك نتنسم أخبارها ،

ونترقب قدومها ، ونحن لا نكاد نصدق ما روي لنا من خبرها مع

محمد )



§][ ذكاء السفانة ][§

وضعت السفانة رضي الله عنها مع السبايا في حظيرة عند باب

المسجد ، فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فوقفت ، وكانت ذكية

جدا ، وقالت :

يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن

علي من الله عليك ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ومن وافدك ؟ "

قالت : عدي بن حاتم ، الوافد الذي يمكن أن يأتي إليك ليفتديني ،

هرب .

فقال صلى الله عليه وسلم : " الفار من الله ورسوله "

ثم مضى ، وتركها صلى الله عليه وسلم ، ولم يتكلم بشيء ، فلما كان

الغد مر بها ، فقالت له مثل قولها بالأمس ، فلما كان بعد الغد مر بها ،

وقد يئست فلم تقل شيئا ، وكان وراء النبي صلى الله عليه وسلم رجل

أشار لها من خلفه أن قومي وكلميه كما كلمته بالأمس ، فقامت إليه ،

وقالت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فإن رأيت أن تُخلي

عني ، ولا تشمت بي أحياء العرب ، فإن أبي كان سيد قومه ، يفك العاني ،

ويعفو عن الجاني ، ويحفظ الجار ، ويحمي الذمار ، ويفرج عن المكروب ،

ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ويحمل الكل ، ويعين على نوائب الدهر ،

وما أتاه أحد في حاجة فرده خائب ، أنا بنت حاتم طيء .

فقال صلى الله عليه وسلم : " يا جارية ، هذه صفات المؤمنين حقا ،

ولو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه ، خَلوا عنها ، فإن أباها كان يحب

مكارم الأخلاق "

ثم قال صلى الله عليه وسلم : " ارحموا ثلاثَة :

" عزيز قوم ذل ، وغني قوم افتقر ، وعالما بين جهال "

وامتن عليها بقومها ، فأطلقهم جميعا تكريما لها ، فاستأذنته بالدعاء ،

فأذن لها ، وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه :

" اسمعوا ، وعوا " فقالت :

أصاب الله ببرك مواقعه ، ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ، ولا سلب

نعمة عن كريم إلا جعلك سببا في ردها عليه .

ثم قال لها صلى الله عليه وسلم :

"يا جارية إلى أين تريدين أن تذهبي ؟ "

قالت : أريد اللحاق بأهلي في الشام

فقال صلى الله عليه وسلم : " ولكن لا تعجلي بالخروج حتى تجدي من

تثقين به من قومك ، ليبلغك بلاد الشام ، فإذا وجدت الثقة فأعلميني "

ولما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم سألت عن الرجل الذي أشار

إليها أن تكلمه فقيل لها إنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ثم

أقامت حتى قدم ركب فيهم من تثق به ، فجاءت النبي صلى الله عليه

وسلم ، وقالت :

يا رسول الله لقد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ .

فكساها النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنحها ناقة تحملها ، وأعطاها نفقة

تكفيها ، وأطلق سراح قومها كلهم إكراما لها ، ولم يسمح لها بالخروج

إلا مع من تثق به ، كي يبلغها أهلها بسلام ، فخرجت مع الركب ورجعت

إلى أخيها عدي رضي الله عنه ، وهو بدومة الجندل .

قال عدي رضي الله عنه : ( علمتُ إحسانه إليها كل ذلك الإحسان ،

على ما كان مني اتجاهه ، فوالله إني لقاعد في أهلي إذ أبصرت

امرأة في هودجها تتجه نحونا ، فقلت :

ابنة حاتم ، فإذا هي هي ، فلما وقفت علينا بادرتني بقولها القاطع

الظالم ، لقد احتملت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك وعورتك ، فقلت :

أي أخية لا تقولي إلا أن تقولي خيرا ، وجعلت أسترضيها حتى رضيت ،

وقصت علي خبرها ، فإذا هو كما تناهى إلي ، فقلت لها وكانت امرأة

حازمة عاقلة : ما ترين في هذا الرجل ، قالت :

أرى والله أن تلحق به سريعا ، فإن يكن نبيا فلسابق فضله ، وإن يكن

ملكا فلن تذل عنده ، وأنت أنت ، وعلى الحالتين الذهاب إليه غنيمة .



§][ إسلامه ][§

قال عدي رضي الله عنه : ( فهيأت جهازي ومضيت حتى قدمت إلى عند

رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير كتاب ولا أمان ، وكان بلغني

أنه قال : " إني لأرجو أن يجعل الله يد عدي في يدي نتعاون " فدخلت

عليه وهو في المسجد ، فسلمت عليه ، قال :

من الرجل ؟

قلت : عدي بن حاتم ، فقام إلي ، وأخذ بيدي ، وانطلق بي إلى بيته ،

فوالله إنه لماضٍ بي إلى البيت إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة ، ومعها

صبي صغير ، فاستوقفته ، وجعلت تكلمه في حاجة لها ، فظل معها

حتى قضى حاجتها ، وأنا واقف ، ولم تقل : يا ملك ، فقلت في

نفسي :

والله ما هذا بملك ، ثم أخذ بيدي حتى أتينا منزله ، فتناول وسادة

من أدم محشوة ليفا ، فألقاها إلي ، وقال :

اجلس على هذه ، فاستحييت منه ، وقلت :

بل أنت تجلس عليها

قال : بل أنت

فجلست عليها ، وجلس رسول الله على الأرض ، إذ لم يكن في بيته

سواها ، سوى وسادة واحدة من أدم محشوة ليفا ، فقلت في

نفسي :

والله ما هذا بأمر ملك ، ثم التفت إلي وقال :

إيه يا عدي بن حاتم ، ألم تكن ركوسيا تدين بدين بين

النصرانية والصابئة ؟

قلت : بلى

قال : ألم تكن تسير في قومك بالمرباع ، تأخذ ربع أموالهم ،

فتأخذ منهم ما لا يحل لك في دينك

فقلت : بلى

وعرفت عندئذ أنه نبي مرسل ، يعلم ما نجهل ، ثم قال

لي :

لعلك يا عدي إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من

حاجة المسلمين وفقرهم ، فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم ،

حتى لا يوجد من يأخذه ، ولعله يا عدي إنما يمنعك من الدخول

في هذا الدين ما ترى من قلة المسلمين وكثرة عدوهم ، فوالله

لتوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى

تزور هذا البيت لا تخاف إلا الله ، ولعله يا عدي إنما يمنعك من الدخول

في هذا الدين أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم ، فهم ضعاف ،

وايم الله لتوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم ،

وإن كنوز كسرى قد صارت إليهم .

فقلت : كنوز كسرى ؟

قال عدي رضي الله عنه : ( عندئذ شهدت شهادة الحق ، وأسلمت )



§][ تحقق نبؤة النبي ][§

عُمرعدي رضي الله عنه طويلا ، وكان يقول :

( لقد تحققت اثنتان ، وبقيت الثالثة ، وإنها والله لا بد كائنة ، فقد

رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف شيئا ، حتى

تبلغ البيت ، وكنت في أول خيل أغارت على كنوز كسرى وأخذتها ،

وأحلف بالله لتجيئن الثالثة )

ولقد شاء الله أن يحقق قول نبيه صلى الله عليه وسلم ، فجاءت الثالثة

في عهد الخليفة الزاهد العابد عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، حيث فاضت

الأموال على المسلمين حتى جعل مناديه ينادي :

من يأخذ أموال الزكاة ، من فقراء المسلمين ، فلا يجد أحدا .

وصدق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبرعدي بن حاتم رضي

الله عنه بقسمه .



§][ الوفاة ][§

توفي أبو طريف رضي الله عنه مُعمرا في عام ( 68 هـ )

في الكوفة .


 

رد مع اقتباس