الموضوع: كيفية الغسل
عرض مشاركة واحدة
قديم 23-01-2005, 12:43   #4
أبو عساف
ضيف


الصورة الرمزية أبو عساف

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (04:00)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


في المشاركة السابقة ذكرت كلام الشيخ في غسل الكمال ، والآن أذكر كلام الشيخ رحمه الله في غسل الإجزاء ، قال رحمه الله :

قوله: "والمجزئ". أي: الذي تبرأُ به الذِّمَّة. والإجزاء: سُقوط الطَّلب بالفِعل، فإذا قيل: أَجْزأتْ صلاته أي: سقطتْ مطالبته بها لِفِعْله إيّاها، وكذلك يقال في بقيَّة العبادات. فلو أنَّ أحداً صلَّى وهو مُحدِث ناسياً، ثم ذَكَرَ بعد الصَّلاة، فإنَّ صلاته لا تجزِئه لأنه مطالب بها، وفِعْله لم يسقط به الطَّلب. قوله: "أن ينويَ ويُسمِّيَ". سبق الكلام على النِّيَّة ، والتَّسمية.

قوله: "ويعمَّ بدنه بالغُسْل مرَّةً". لم يذكر المضمضة والاستنشاق، لأن في وُجوبهما في الغُسْل خِلافاً، فَمِنْ أهل العِلْم مَن قال: لا يَصحُّ الغُسْل إلا بهما كالوُضُوء . وقيل: يصحُّ بدونهما . والصَّواب: القول الأول؛ لقوله تعالى: فاطهروا {المائدة: 6} وهذا يَشْمُل البَدَنَ كلَّه، وداخل الأنْفِ والفَمِ من البَدَنِ الذي يجب تطهيره، ولهذا أَمَرَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بهما في الوُضُوء لِدُخولهما تحت قوله تعالى: فاغسلوا وجوهكم {المائدة: 6} فإذا كانا داخلَين في غَسْل الوَجْه، وهو ممَّا يجب تطهيره في الوُضُوء، كانا داخلَين فيه في الغُسْل لأن الطَّهارة فيه أَوْكَدُ.

وقوله: " ويَعُمَّ بَدَنَهُ". يشمل حتى ما تحت الشَّعر الكثيف، فيجب غَسْل ما تحته بِخِلافِ الوُضُوء، فلا يجب غَسْل ما تحته. والشَّعر الكثيف: هو الذي لا تُرى مِنْ ورائه البَشَرة.
قال أهلُ العِلْمِ: والشَّعر بالنسبة لتطهيره وما تحته ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: مايجب تطهير ظاهره وباطنه بكلِّ حال، وهذا في الغُسْل الواجب. الثاني: ما يجب تطهير ظاهره وباطنه إنْ كان خفيفاً، وتطهير ظاهره إن كان كثيفاً، وهذا في الوُضُوء. الثالث: مالا يجب تطهير باطنه سواء كان كثيفاً، أم خفيفاً، وهذا في التَّيَمُّم. والدَّليل على أنَّ هذا الغُسْل مجزيء: قوله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا {المائدة: 6} ولم يَذْكُر الله شيئاً سوى ذلك، ومن عَمَّ بَدَنَه بالغُسْل مَرَّة واحدة صَدَقَ عليه أنَّه قد اطَّهَّرَ. فإن قيل: هذه الآية مُجْملة، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَصَّلَ هذا الإجمال بفِعْله فيكون واجباً على الكيفيَّة التي كان يفعلها، كما أنَّ الله لـمَّا قال: وأقيموا الصلاة {المزمل: 20} فَسَّر النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هذه الإقامة بِفِعْله، فصار واجباً علينا إقامة الصَّلاة كما فعلها الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فالجواب من وجهين: الأول: أنَّه لو كان الله يريد منَّا أن نغتسـل علـى وَجْه التَّفصـيل لَبيَّنه كما بَيَّن الوُضُوء على وَجْهِ التَّفصيل، فلمـا أَجْمَل الغُسْـل وفصَّـل في الوُضُوء عُلِمَ أنَّه ليس بواجب علينا أن نغتسل على صفة معيَّنة. الثَّاني: حديث عِمران بن حصين رضي الله عنه الطَّويل، وفيه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قال للرَّجُل الذي كان جُنباً ولم يُصلِّ: "خُذْ هذا وأَفرِغْه عليك" ولم يُبيِّن له النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كيف يُفرغه على نفْسِه، ولو كان الغُسْل واجباً كما اغتسل النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لبَيَّنه له؛ لأنَّ تأخير البَيَان عن وقت الحاجة في مقام البلاغ لا يجوز. فإن قيل: لعلَّ هذا الرَّجُل يعرف كيفيَّة الغُسل. أُجيب بجوابَين: الأول: أنَّ الأصْلَ عدم معرفته. الثَّاني: أنَّ ظاهر حاله أنه جاهلٌ، بدليلِ أنَّه لم يَعْلَمْ أنَّ التَّيمُّم يُجزيء عن الغُسل عند عدم الماء. والحاصل: أن الغُسْلَ المجزئ أن ينويَ، ثم يسمِّيَ، ثم يعمَّ بدَنَه بالغُسْل مرَّة واحدة مع المضمضة والاستنشاق. ولو أن رَجُلاً عليه جنابة، فنوى الغُسْل، ثم انغمس في بِــرْكة ـ مثلاً ـ ثم خرج، فهذا الغُسْل مجزيء بِشَرط أنْ يتمضمض ويستنشق. ولو أنَّه أراد الوُضُوء بعد أن انغمس فلا يجزيء إلا إن خَرَج مرتِّباً لأن التَّرتيب فرْضٌ على المذهب . وظاهرُ كلام المؤلِّف ـ رحمه الله ـ أنَّ الموالاة ليست شرطاً في الغُسل، فلو غسل بعض بدنه ثم أتمَّهُ بعد زمن طويل عُرفاً صَحَّ غُسله، وهذا هو المذهب. وقيل: إن الموالاة شرطٌ، وهو رواية عن الإمام أحمد. وقيل: وجه للأصحاب . وهذا ـ أعني كون الموالاة شرطاً ـ أصَحُّ، لأن الغُسل عبادة واحدة، فلزم أن ينبني بعضُه على بعض بالموالاة، لكن لو فرَّقه لعُذرٍ؛ لانقضاء الماء في أثناء الغسل مثلاً؛ ثم حصَّله بعد ذلك لم تلزمه إعادة ما غسَّله أولاً؛ بل يُكمل الباقي.

تم المراد


 

رد مع اقتباس