دروسنا



هل أصبحت مدارسنا مصنعا لبناء الإنسان السوى والمواطن الصالح المنتمى لبلده والعقلية المنتجة المبدعة أم أصبحت مثل مصانع المعلبات تملأ رؤوس التلاميذ بمعلومات لاتلبث ان تتبخر فى أقرب فرصة . إن وقت التلميذ لدينا مبدد كله بين مدرسته ودروسه الخصوصية ومذاكرته فى البيت ولم يعد هناك اى وقت لديه لأى انشطة تنمى شخصيته وترتقى بمهاراته وفى نفس الوقت تحولت العلاقة بين الطالب والمدرس من علاقة عطاء واحترام يقدمها المدرس لأبنائه الى علاقة مصلحة مادية تحت شعار اكسب أكبر قدر من المال بأقل قدر من المجهود وذلك بسبب الدروس الخصوصية التى جعلت بعض المدرسين يهملون عملهم الأصلى ويقصرون فيه حتى تنمو فى نفس التلميذ الحاجة للدروس الخصوصية لأنه إذا أدى المدرس ماعليه فى المدرسه فما الداعى الى ان يلجأ التلميذ إلى الدروس الخصوصية . يضاف الى ذلك تطور خطير فقد كنا ننظر إلى المدرس باعتباره القدوة والنموذج الذى يحتذى بأخلاقياته وعطائه وسلوكه حيث كانت الدروس الخصوصية تعطى فى أضيق نظام وبعلم المدرسة وبدون أن يدفع التلميذ إلى مدرسه أى مبالغ فقد كانت هناك مجموعات تقوية مجانية فى المدارس لبعض التلاميذ الذين يريدون مجهودا إضافيا يسهل استيعابهم للمواد ولكن الآن ينظر التلميذ إلى بعض المدرسين بنظرة تتهمهم بالتقصير فى المدرسة وبالخروج عن القانون والعرف فى الدروس الخصوصية فينعكس ذلك كله على التلاميذ وأصبح كل منهم ينظر إلى مستقبله نظرة أنانية بحتة ويطبق الشعار الذى تعلمه عمليا من بعض المدرسين وهو اكسب أكبر قدر من المال بأقل قدر من المجهود وبأسرع وقت ودون النظر الى القانون والاخلاق ..
وللأسف الشديد اصبح هذا الدرس هو العنصر الرئيسى الباقى فى ذاكرة التلاميذ بينما يتبخر بجانبه كل المعلومات التى تلقاها طوال دراسته .