|
مجلس وديد بن عروج الفضلي ـ لـ القصائد المسموعه والمرئيه يشمل منتدى [ عذب الكلام و القصص والالغاز و الخواطر والمدونات الخاصه ] |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||||||
|
|||||||
الفــارسان عقــاب وحجــاب أبناء سعــدون العـواجي
الشيخ سعدون العواجي هو شيخ عموم قبيلة ( ولد سليمان ) التي هي من أفخاذ قبيلة عنزة الكبيرة , له شأن بين قبائله , ورئاسته لهذه القبيلة عريقة , مطاع بين أفراد القبيلة , شجاع ومشهور بفروسيته , وشاعر مجيد , له أبناء كثيرون , ولكن لم يشتهر منهم سوى ابنيه عقاب وحجاب , وهما شقيقان . وشهرة عقاب قد زادت على شهرة أبيه , وكان من الأبطال القلائل في نجد . لكن قبل أن يبرز ابناه وقبل أن يبلغا سن الرجولة , حصل بين الشيخ سعدون وزوجته , والدة عقاب وحجاب , خلاف أدى إلى طلاقها , وذهبت إلى أهلها في بلاد سورية ومعها ابناها , وهي من قبيلة الفدعان من عنزه الموجودين في سورية وكان أخوال الشابين - عقاب وحجاب - مشهورين بين أفراد القبيلة وقد تربيا في أخوالها أحسن تربية وبعد أن بلغا سن الرجولة وأصبحا فارسين يضرب بهما المثل اصحبا يترأسان قسما من عشائرهما في سورية , أما الشيخ سعدون فقد بقي شيخا لجماعته ( ولد سليمان ) في نجد إلى أن برز شخص من أبناء عمه يسمى شامخ العواجي , وأخذ ينازع سعدون الزعامة ويعرقل نفوذه , واستفحل أمره , إلى أن خفر ذمام سعدون مرارا وتكرارا مستهترا بأوامر الشيخ , وأخذ يتحداه في كل مناسبة , ويقلل من قيمته عند القبيلة , وأخيرا أخذ مكان سعدون , وتزعم القبيلة , وأخذ يعامل الشيخ معاملة سيئة , وقد وصل به الأمر إلى أن حقره , وحظر عليه أن يورد إبله على أي منهل ترده قبائل ( ولد سليمان ) قبل أن ترد إبل شامخ وإبل كل القبيلة , وقد قال أشعارا بهذا كثيرة , منها واحدة بين فيها أنه قد عزم على الرحيل , ليفارق شامخا وغطرسته , وعندما لاحظه بعض الذين يعطفون عليه , يجمع أمتعته ويحملها على رواحله , أخذوا يلومونه وحاولوا أن يثنوه عن عزمه , ولكنه أصر على الرحيل وقال في قصيدته : أن شامخا لا ينصاع للحق , لذلك فهو سيبتعد عنه , ويعالج آلامه بالفراق , لأن في البعد سلوى له :
قالوا تحورف قلت يالربع نجّاع = وقالوا تقيم وقلت يالربع ما قيم قالوا علامك قلت من قلّ الافزاع = صيحة خلا ما عندي إلا الهذاريم والى بغيت الحق من شامخ ٍ ضاع = يطرّم علي دايخ الراس تطريم يبعد عن القالات طقّه بالأصباع = من قلة اللي يضربه باللهازيم ليا صار ما توفي عميلك من الصاع = ما ينقعد لك عند حصن النواهيم شبر ٍ من البيدا يعوّضك الافزاع = وسود الليالي يبعدنّك عن الضيم لكن هذا لم يكن به حل لأمره , فهو إذا ابتعد عن قبيلة ولد سليمان سيكون لاجئا عند إحدى القبائل , وهذا يرى أن فيه نقصا بعد العز الرفيع الذي كان عائشا فيه , وإذا انفرد وحده في الفيافي فسوف يكون لقمة سائغة لبعض الغزاة من الصعاليك , وهو لا يستطيع وحده حماية نفسه , ولذلك رجع بعد أن رحل مرغما . بهذه الظروف زاد شامخ بطغيانه وتجبره على سعدون .. وأخيرا لفت نظر سعدون شخص من الذين يعطفون عليه , أن يكتب لأولاده , ويشكو إليهم , ويخبرهم باعتداء شامخ على جميع سلطاته , وخفر ذمامه , وإهانته بين قبائل نجد . فكتب سعدون لابنيه هذه القصيدة :
يا راكب ٍ من عندنا فوق مهذاب = مامون قطّاع الفيافي الى انويت عند الفضيله عد يومين بحساب = أول قراهم قول يا ضيف حِييت حر ٍ صغير ٍ وتوّ ما شق له ناب = وعقب القِرا ودّع رجال ٍ لهم صيت وليا ركبته ضرّبه خل الاجناب = وانحر لنجم الجدي وإن كان مديت واسلم وسلّم لي علي عقاب وحجاب = سلّم على مضنون عيني الى ألفيت بالحال خص عقاب فكاك الأنشاب = ينجيك كان انك عن الحق عديت قل له ترا شامخ شمخ عقب ما شاب = ويا عقبا والله ذلّلوني وذليت ويا عقاب حدّوني على غير ما طاب = وقالوا تودّر من ورا الما , وتعديت من عقب ماني سترهم عند الأجناب = وليا بلتهم قالة ٍ ما تتقيت ما دام شامخ مالك ٍ جرد الأرقاب = لو زيّن الفنجال لي ما تقهويت يا عقاب حَط بثومة القلب مخلاب = من العام في نوم العرب ما تهنّيت الجفن عن نوم الملا فيه نتّاب = وعدّ الطعام مدوّس ٍ به حلاتيت عقب المعزّه صرت يا عقاب مرعاب = والناس حيين ٍ وانا عقبكم ميت من الضيم يا عقاب السرب عارضي شاب = وادويت من كثر العنا واستخفيت فاتن ثلاث سنين والنوم ما طاب = وشكواي من صدري عبار وتناهيت البيت ما يبنى بلا عمد وأطناب = متي يجينا عقاب يبني لنا البيت مالي جدا إلا غضّة البهم بالناب = وراعيت كثر الحيف بالعين واغضيت ارجي بشير الخير مع كل هبّاب = ومتى يجونا اخوان ( نمشه ) على الصيت وبعد أن وصلت هذه القصيدة لابنيه , ثارت ثائرة عقاب , , وهي كما يلي :وأمر أخاه أن يهيئ نفسه للرحيل من بلاد سورية , ويترك مقرراته التي استحصل عليها من دولة الأتراك هنا , مادام أن والدهما قد لحق به الأمر , ورحل عقاب وأخوه وصدقيهم عيد ومعهم بعض الخدم , وترك جماعته من ولد سليمان بسورية , ومشى بظعينته إلى نجد وقد استغرقت رحلته ثلاثين يوما , وصل بعدها بالقرب من منهل يسمى ( الحيزا ) من ديار قبيلة ( ولد سليمان ) وقد باتوا على مقربة منها , بعد أن تأكدوا أن إبل قبائل ( ولد سليمان ) واردة على هذا المنهل , في الليلة المذكورة , وبعد طلوع الفجر , قام عقاب وتأبط سيفه , وأمر أخاه ومن معه أن يتبعوه بظعينتهم , ثم مشى على قدميه متجها إلى العرب الذين على ( الحيزا ) مختفيا , وأخذ يبحث عن بيت والده سعدون , وكان قد استوصف من الناس ما يدله على بيت أبيه وقد قيل له : أن شامخا أمر على أبيه بأن لا يرفع بيته بين بيوت القبيلة , إذلالا له وكذلك أمر راعي إبله القليلة العدد أن لا ترد الماء إلا بعد أن ترد إبل الحي كلها , وعندما وصل بيت والده قبل طلوع الشمس , وقبل أن يرد أحد على البئر , وجد والده نائما , وكذلك راعي إبل والده نائما بين الإبل , فأيقظ الراعي , وقال له قم أورد إبلك على الماء , فرد الراعي : لا أستطيع يا عماه , لأن الشيخ شامخا سيضربني , وقد أمرني أن لا أرد الماء إلا بعد أن ترد القبيلة , فنهره عقاب بشده , وحاول الراعي أن يعتذر لأنه لا يعرفه , فأكد عليه وقال : أورد إبلك وأنا معك , ولا تخف , ومشى الراعي قسرا بالإبل إلى البئر واختفى عقاب بين الإبل , وعندما وصلوا قرب البئر , شاهد شامخ أن راعي إبل سعدون قد ورد الماء عاصيا لأمره , فثارت ثائرته , ونادى الراعي , وتهدده , فقال عقاب للراعي بصوت لا يسمعه شامخ : امض في سبيلك ولا تجبه , وعند ذلك اشتد غضب شامخ , وأخذ عصاه , وأقبل من بيته يعدو , ليشبع الراعي ضربا كعادته , وعندما قرب شامخ منه , خرج عقاب من بين الإبل , كأنه الأسد , مجردا سيفه , ووثب على شامخ ليقتله , وعندما رآه شامخ عرف أن هذا عقاب , الذي خبر بأوصافه , وتأكد مــن شـــاربــيــه اللــذيـن يـلامـــسان أذنــيــه , فصعق شامخ , وعرف أنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه , ولا يتمكن من الهرب إلى بيته , ففضل أن يرمي نفسه بالبئر القريبة منه , وفعلا رمى نفسه , وأطل عليه عقاب , وأدلى إليه الرشا , وقال : اخرج , فقال : هذا هو قبري , لا يمكن أن أخرج إلا أن تعفو عني , فقال عقاب: إن جبنك الذي رأيته سيجعلني أعفو عن قتلك مشروطا ذلك بعفو الشيخ سعدون أي أبيه , فترك عقاب راعي الإبل يسقيها , وأمر من حوله أن يخرجوا شامخا الجبان الذي اختار أن يرمي نفسه بالبئر , ورجع عقاب بعد أن رأى أخاه حجاب قد وصل بالظعينه , فأومأ إليه نحو بيت أبيه , وأمرهم أن يبنوا البيت الكبير , وأن يرفعوا عماده , وبعد أن بنى البيت أثثوا مجلسه بأحسن الأثاث , وهيئوا مقعدا وثيرا لوالدهم , وطلبوا منه أن يجلس عليه , ثم أمر عقاب صديقه عيدا أن يركب إحدى الخيل , ويبلغ القبيلة أن يحضروا للسلام على الشيخ وولديه عقاب وحجاب , فراح صديقهم مسرعا وبلغ القبيلة بعد طلوع الشمس فجاءت قبائل ( ولد سليمان ) وسلموا على سعدون وابنيه وتمت البيعة لسعدون من جديد , وقد أعجبوا بعقاب وحجاب , وكان إعجابهم بالشيخ عقاب عظيما جدا , حيث تأكدوا من رؤية الرجل الذي سارت بأخبار شجاعته الركبان من بلاد سورية , وقد تم التحول بهذه الطريقة البسيطة , وأشاد ابنا سعدون مجد والدهما من جديد , وراح شامخ نسيا منسيا , وقد عفا عنه الشيخ سعدون لأنه رآه لا يستحق أن يجازيه على أفعاله , لما ظهر من جبنه , لقد رفع عقاب وحجاب والدهما إلى القمة , وأخذ الشيخ سعدون يصول ويجول في بلاده , لا يخشى أحدا من القبائل , وزاد به الأمر أن أجلى بعض قبائل شمر عن بلادهم .. ولا شك أن هذا بسواعد أبناءه , خاصة عقاب الفارس الشجاع . عقاب بن سعدون العواجي وذات يوم بلغ سعدون أن أراضي ( بيضا نثيل ) مخصبة , وهذه يملكها مسلط التمياط , شيخ قبيلة التومان من شمر , فالتفت سعدون إلى ولديه وقال : إنني أحب أن أرحل إلى ( بيضا نثيل ) وآخذها عنوة من مسلط التمياط وجماعته , فأجاب ابناه بالسمع والطاعة وقالوا عليك أن تأمر , ونحن سنأخذها قسرا , فأمر سعدون العرب بالرحيل , لأخذ ( بيضا نثيل ) من التمياط , وفعلا أخذوا ( بيضا نثيل ) من مسلط التمياط , واتسعت حدود سعدون العواجي هو وقبيلته , إلى أن بلغت من ( خيير ) إلى قرب طي وشمالا ( تيماء ) والنفود . ومع كون عقاب اشتهر بالشجاعة والفتك , فقد هام بغرام إحدى بنات الحي وتسمى ( نـوت ) هذه الفتاة كانت أجمل فتاة بين قبائل عنزة , ويضرب المثل بجمالها , وقد قال عقاب فيها الأشعار الكثيرة , ولكن لم أضفر إلا بأربع قصائد أدونها تباعا
يا ونتي , بأقصى الضماير سَـندها = لا رقَبت مشذوب المراقيب تزداد ونة عجوز ٍ مات عنها ولدها = رملى ضعيفة مالها غيره أولاد على الذي مثناة قلبي عقدها = حبه بمكنون الحشا يسند اسناد وعروق قلبي يبــّـستهن بيدها = صارن كما شنّ ٍ على الدار بيـّـاد إن أبعدت عيني يجيها رمدها = ودموعها تسقي قناطيش الأذواد وإن قربت كبدي يجيها لددها = مَر ٍ هنوع ومر ما تقبل الزاد اللي كما الفنجال غزّة نهدها = خلاّقها رب ٍِ له الناس سجاد ريميةٍ ما ترتع إلا وَحَدها = تقطف زماليق الخزامى بالأجراد ثم قال قصيدته الثانيه شاكيا غرامه بـ ( نــوت ) وشاكيا لواعجه وما يقاسيه بحبها :
وا كبدي اللي كن به حمو لالي = بالقيظ وإلا حامي الجمر ناله تفوح فوح مبهّرات الدلالي = جزل ٍ حطبها ركّده ثم شاله والعين جابت دمعها بانتلالي = يشدي هماليل المطر من خياله من واحد ٍ يتعب على شده بالي = لو ما عَنَت رجلي فقلبي عنا له عينه تشادي قلتهٍ بالظلالي = في حد لوح ٍ ما تنوله حباله وقذيلةٍ يلعب بها الهمّلالي = بدف الظّليم ويتعب اللي حبا له اللي بميدان الموده مشى لي = يرخص كلامه ويتغالى حلاله أنا أشهد إنه بالهوى سم حالي = ويبّس عروق الجسم وأذوى خياله عندي غلاه مرخّص ٍ كل غالي = طفل ٍ معذبني بزايد دلاله وأما في قصيدته الثالثة فقد شكى فراق محبوبته , وكان أهلها رحلوا بها بعيدا عنه , وحالت بينه وبينها الفيافي الشاسعة , ولا يستطيع أن يصل إليها , وأخذ يصف ما بينهما من البعد , ويشكو إلى أخيه حجاب في آخر القصيدة :
من دون خلّي حال ( عِرنان ) و ( كباد ) = ( وحلوان ) مرفوع الحِجى حال دونه شدوا وخلوني على الدار ركـّـاد = واقفت مع الجرعا تباري ظعونه والدمع من عيني على خدّي ابداد = من الغشين اليا انتثر من زونه فرقى لطيف الروح يا حجاب لا عاد = عقبه ضميري يا بسات ٍ شنونه يا حجاب كان انك عن الحال نشاد = خلي بقلبي جايرات ٍ طعونه اللي ذبحني بالهوى يابن الأجواد = طفل ٍ قرونه ما غطاهن زبونه طفل ٍ لشرّاد المها صار قوّاد = يحيْر عقلي في تواصيف لونه حبه بمكنون الحشا يسند اسناد = وان خانني يا حجاب ربي يخونه قصيدته الرابعة سأل محبوبته ( نــوت ) فيها: لماذا رحلو عنه ؟ , وقال أنه تحقق الفراق بيني وبينك , ووصف دموعه ووجده , وأن بفراقها مال عليه الدهر , وطلب منها الرجوع لتعالج فؤاده . وانه إذا طال الفراق سيرجعها فوق الصافنات الجياد , لو أدى ذلك إلى خوض معركة :
يا نوت عنا ظعونكم ليه شالت = يا حيف تم فراقنا يا حبيبي زملك مع الحزم المشّرف تكالت = وقَفت أراعيهن وقلبي غضيبي عقبك عيوني بالدموع استخالت = من فوق خدي نثرهن فوق جيبي وعقبك يا زين الأيام مالت = ارجع وعالج ضامري يا طبيبي وديارنا من عقب فرقاك سالت = من دمع عيني قام يدرج شعيبي وان كان فرقاكم على القلب طالت = نجيك فوق منثّرات السبيبي ناصلك لو من دونك القوم حالت = من فوق قب ٍ يرجهنّ الحريبي أو أن دونك قرّح الخيل جالت = لازم يجيبك حظنا من نصيبي ولـ ( رحيل ) والد نوت أخ يسمى ( قرينيس ) له ثلاثة أبناء , أحدهم أبرم عقد نكاحه على نوت بنت رحيل , ولكنها رفضت الزواج من ابن عمها هذا , لأن غرامها بعقاب قد تمكن من قلبها , ولا ترضى الزاوج بغيره , وكان بينهما روابط قوية , وأخيرا اضطر عقاب إلى أن يأتي إليها بوضح النهار , على مرأى ومسمع من أهلها , ويجلس بالقرب منها , ويحدثها ما طاب له الحديث , ولا أحد يجرؤ أو حتى يفكر بمنعه , وكان عاشقا بريئا كل البراءة , وبعيدا كل البعد عن الرذيلة وبمنتهى العفة . لقد لاحظ ذلك ابن عمها المعقود له عليها فتشاور مع إخوانه بالأمر , وقرروا أن يذهبوا لعمهم ( رحيل ) , ويخبروه أن أمر عقاب تعدى الحدود , وأنهم لا يقبلون أن يأتي عقاب لابنة عمهم , ويحدثها .. فذهبوا لعمهم وأخبروه بالأمر , وقالوا : إننا مصممون على أن ننصح عقاب بالعدول عن أمره , وإن أصر على تحديه فسنقتله , ونحن نطلب رأيك , فنظر إليهم عمهم طويلا , ثم هز رأسه , وقال هذه الكلمة : يا ويلكم من عقاب !! , ويا ويلكم بعد عقاب . وقام بعد هذه الكلمة , وهنا بهتوا , وبقوا يتساءلون عن معنى كلمة عمهم , فقال لهم أكبرهم : نعم إن عمكم يقول يا ويلكم من عقاب إن حاولتم قتله , وهذا شيء من المستحيلات , لأن عقابا كما تعرفونه , ليس بالسهل قتله , أما قوله يا ويلكم بعد عقاب , فمعناه أنكم لو ظفرتم بعقاب وقتلتموه فقد هدمتم عزكم , وخسرتم الشخص الذي أرهب أعدائكم , وحمى بلادكم , وفتحنا بيننا وبين أبناء عمنا مشكلة كبيرة , ستكون سببا بانقراضنا جميعا , وإن من الأفضل أن تتركوا ( نــوتا ) لعقاب , وهو أحق بها , لأنه يحبها وهي تحبه , وهذا هو أفضل شيء نعمله لحل المشكلة , وقد أجمعوا على هذا الرأي , فتم طلاق ( نــوت ) وتزوجها عقاب , وبلغ أمنيته بـ ( نــوت ) التي هام بغرامها سنين طوالا , وبعد أن عرف عقاب ما دار بين الاخوة وعمهم , رحيل العواجي , وأنهم طلقوا ( نوتا ) من أجله رأى لزاما عليه أن يقابل الجميل بالجميل , وكانت له أخت تسمى ( حرفه ) سبق أن عقد لها على ابن عمه القريب المسمى ( دغام الأحيمر ) , لذلك أرسل عقاب لابن عمه , وأخبره أن أبناء قرينيس العواجي عملوا معه جميلا وطلقوا بنت عمهم ( نوت ) من أجله , وانه يحب أن يكافئهم , ونظرا لأن حرفه رافضة الزواج منك , فأنا أحب أن تطلقها لأزوجها على الذي طلق نوتا من أجلي .. فقال : أنا لن أطلق حرفه لو قطعت رقبتي , فثار عقاب , وأقسم على نفسه أن يقطع رقبته في الحال , وطلب سيفه , وكان عقاب لا يقول شيئا إلا فعله , وعرف دغام أنه قاتله لا محالة , وحالا ارتمى على ركبتي عقاب , وأخذ يقبلهما معلنا طلاق حرفه , جاهرا بصوته , وبعد أن طلقها زوجها عقاب قرينيس , الذي طلق نوتا وكذلك أرسل لأخويه الآخرين , وقال لهما أن هاتين الطفلتين يقصد ابنتيه , الصغيرتين إذا بلغتا سن الزواج فسوف أزوجكما بهما . نرجع إلى الشيخ سعدون والد عقاب , بعد أن استولى على ( بيضا نثيل ) من التومان , حصل بينه وبين قبائل شمر معارك هائلة , حتى أجلاهم عن بعض مساكنهم , وقد دافعوا دفاعا بطوليا , خاصة قبيلة الغيثة من عبده , أما مسلط التمياط وقبائله , فقد جلوا عن ديارهم , واستولى عليها سعدون وأبناؤه , ولم تزل يملكها العواجية إلى الآن . بعد هذا أرسل مفتاح الغييثي إلى قبائل شمر يستحميهم , ويطلب منهم النجدة , فحضر عدد منهم , ووقفوا في وجه سعدون , وقفة الأبطال , وحصلت بينهم وبين سعدون معركة هائلة , على المنهل المسمى بـ ( ظفرة ) وهو من مياه شمر , انتصر فيها شمر على العواجي وقبائله . ورغم أن شمر انتصروا فيه هذه المعركة , فإن سعدون العواجي وأبناءه لم يفقدوا شيئا من أراضي شمر التي كسبوها . لقد استفحل أمر عقاب العواجي , وجندل عددا كبيرا من فرسان شمر , لذا فقد اتفق شمر على أن يصبوا فنجانا من البن , ويضعوه بينهم , ويقولون لفرسانهم : الذي يشربه في مجتمعهم هو المسؤول عن قتل عقاب , في أول معركة نخوضها معه , إنه لا يمكن أن يتجرأ على شربه إلا من كان قوي الجنان , وعنده الثقة بنفسه , فقام شاب من بين الصفوف يسمى ( أبا الوقيّ ولكم يكن من عائلة لها ماض بالفروسية , فأخذ الفنجان وشربه , في مجلس شمر , وقال أنا شارب فنجان عقاب , وسأقابله على ظهور الخيل , وعندما التحم شمر في معركة مع ولد سليمان جماعة عقاب العواجي , وعندما رأى ( أبا الوقيّ ) عقابا بين الخيل , دفع جواده , وكان عقاب لا يظن أن احدا يتجرأ ويهجم عليه , خاصة مثل هذا الشاب الصغير , فلقيه عقاب ولما اقترب كل واحد من الآخر , أطلق كل منهما سهمه على الآخر , ولكن لم يصب أحدهما , والتصقت جواداهما , وتماسكا بالأيدي على ظهور الخيل , ثم وقعا على الأرض , فهجمت فرسان قبائل عنزه , لتخليص عقاب وهجمت فرسان شمر هي الأخرى لتخليص أبا الوقيّ , الشاب الذي ضرب أروع مثل بالبطولة , ونفذ ما التزم به , ودارت المعركة وحمى الوطيس , وثار غبار الخيل , وغطى كل شيء , حتى أن الفارس لا يبصر الآخر وتخلص عقاب من الشاب أبا الوقيّ , وقام من الأرض والغبار يحجب كل واحد عن الآخر ووقعت يد عقاب على سيف بالأرض وأمسك بجواد واقف فوق رأسه . وكذلك أبا الوقيّ هو الآخر . أخذ سيفا , ووجد جوادا من حوله , فأخذه , وعندما افترقا إذا بالسيف والجواد اللذان مع عقاب هما لأبا الوقي ّ , وأبا الوقيّ وجد أن الجواد الذي معه والسيف هما سيف وجواد عقاب , وانفصلت المعركة بعد ذلك , وكانت النتيجة خيبة أمل للشيخ سعدون , لأنه رأى بالأمر غضاضة عليه , حيث أن جواد ابنه وسيفه يأخذهما شاب صغير من قبيلة شمر , ليس معروفا , ولم يكن له ماض , وليس كفوا لمقابلة عقاب في نظره , وقد قلق للأمر وسهر ليلته ولم ينم , فجاء إليه شيوخ قبيلة ولد سليمان وقالوا له لا تقلق يا أبا عقاب على فقدان الجواد والسيف , فكل خيلنا وسيوفنا نقدمها لعقاب , عوضا عن جواده وسيفه , فقال : أنا لا يهمني جواد عقاب أو سيفه , ولكن الذي يشغل بالي , ويحز في نفسي وأخشى منه , هو أن شاعر شمر ( مبيريك التبيناوي ) , قد وقع على بيت من الشعر , عالق بذهني الآن , فقالوا له : وما هو هذا البيت الذي تخشى أن يجده شاعر شمر ؟ فقال لهم : هو هذا البيت :
السيف من يمنى عقاب ٍ خذيناه = والخيل بدّل كدشها بالأصايل
وفعلا وقع ما كان يخشاه سعدون , حيث بعد انفصال المعركة , قال شاعر شمر مبيريك التبيناوي , قصيدة من ضمنها البيت الذي أشار إليه سعدون , وهو ثاني بيت من القصيدة الآتية :
أبا الوقي يالبيض خضّبن يمناه = وأنا اشهد انه من عيال الحمايل السيف من يمنى عقاب ٍ خذيناه = والخيل بدّل كدشها بالأصايل هذي سلوم ٍ بيننا يالقراباه = يا زين بيع المنسمح يا بن وايل وعقاب ما سبّه ولا سب حلياه = أن جو على قب المهار الأصايل يركض على الصابور ولابه مراواه = شي ٍ تعرفه كل سمو القبايل لا شك عندي له فهود ٍ مغذاه = عيال شمر فوق قب السلايل ( سمو : عموم ) وفي بعض السنين نزل على سعدون وأبنائه الشيخ مجول بن شعلان , ومعه قسم من قبائل الروله أيام الربيع , وقد اتفق مجول بن شعلان وسعدون العواجي , أن يغيرا على قبائل حرب الموجودين بأراضي ( رخا ) الماء المعروف , وفعلا غزوا حربا وأغاروا عليهم بالمكان المذكور , وأخذوا منهم مواشي كثيرة , من بينها إبل مشهورة تسمى بـ ( شملا ) وكان زعيم قبائل حرب ابن فرهود , غائبا عندما أغاروا عليهم , وبعد أن رجعوا إلى ديارهم غانمين , رحلوا جميعا إلى الشمال , بديار سورية , لأنها باردة في أيام الصيف , وعندما علم الشيخ ابن فرهود برحيل سعدون العواجي وأبناءه وعربانهم مع الشيخ مجول بن شعلان أرسل لهم قصيدة يتهددهم , ويقول ارجعوا لدياركم محاولا أن يأخذ ثأره منهم , ومبينا ندمه أنه لم يحضر عندما أخذت الإبل المشهورة شملا , وعندما وصلت قصيدته لسعدون رد عليه بقصيدة ثم رجع بقبائله متحديا ابن فرهود , ونزل منهل حرب ( رخا ) وأغار على قبائل حرب , وأخذ أموالا وخيلا كثيرة , بعد أن توارى عنه ابن فرهود , طالبا لنفسه النجاة . بعد أن رجع سعدون وقبائله إلى موطنهم , كان عقاب بن سعدون لا يكفيه أن يهاجم عربانا بعربانه , ولكنه كان دائما يغزو غزوات بعيدة المدى , يغنم فيها أموالا من مواشي الأعداء البعيدين , وكان يغزو احيانا جهات القصيم , وأواسط نجد . وفي غزوة من غزواته صادف ثلاثمائة فارس من فرسان حرب وكان معه ثمانون فارسا فوقع الطراد بينه وبينهم وحصل خسائر بين الجميع , ولم يغنم إبلا من حرب , رغم انه لم يغز إلا من أجلها , وأثناء رجوعه وعند وصوله إلى أحياء قبائله , اعترضته فتاة تسأله عن حليلها وكان من الفرسان المرافقين له :
يا عقاب يا حبس الظعن باللقا الشين = ياللي حريبك بالهزيمه يمنّا عنّيت ذيب الخيل يوم الاكاوين = نور العيون بغيبة الشمس عنّا هو سالم ٍ وإلا رموه المعادين = يا عقاب خبّرني تراي أتمنّا فأجابها بهذه القصيدة :
يا بنت ياللي عن حليلك تسالين = حنّا لنا حي يسالون عنا خمسة عشر ليله على الوجه مقفين = ندور وضح ٍ بالأباهر تحنّا وسفنا هل البل شاربين الغلاوين = من دون رخم للحويّر تحنّا جونا ثلاثميه وحنا ثمانين = مثل المحوص الشّلف منهم ومنا وبانت رديّتهن وشفنا الرديين = وكل ٍ عرفنا عزوته يوم كنا ليتك تراعي يا عذاب المزايين = يوم أن عيدان القنا يطعننا منا حليلك طاح بين المثارين = في ديرة ٍ فيها الوضيحي تثنّى ومنهم جدعنا عند شوقك ثلاثين = وكم خيّر ٍ من راس رمحي يونّا في ساعة ٍ فيها تشيب الغلامين = انطح نحور الخيل يوم اقلبنّا يا ما نقلت الدين وألحقته الدين = وحريبنا في نومته ما تهنّا أرسي لهم يا بنت وأنتي تعرفين = لياما حمام النصر رفرف وغنّى وأردها وألحق ربوعٍ مخلّين = ونروي حدود مصقّلات ٍ تحنّى وقلايعي من نقوة الخيل عشرين = قبّ ٍ ولا فيهم ثبار ٍ ودنّا بهذا أنبأها عقاب أن حليلها قد قتل . أما قبائل شمر فلم ينسوا ما خسروه من ديارهم , لقد أرسلوا رسلهم إلى قبائل شمر النائية يستنجدونهم على سعدون العواجي وأبنائه , وفي هذه الأثناء غزا هايس القعيط , شيخ قبيلة آل بريك – شمر - , من الجزيرة بالعراق , ومعه سبعون فارسا غزا بلاد ( ولد سليمان ) , جماعة سعدون العواجي , وعندما كمن بالقرب من مفالي ابل ( ولد سليمان ) رآهم شخص من قبيلة آل سويد من شمر . كانت والدته من جماعة سعدون العواجي , وهم أخواله , فذهب لهم وأنذرهم هجوم شمر أهل الجزيرة الذين يترأسهم هايس القعيط , - لذلك سميت عائلة هذا الشخص بـ ( النذرة ) ولا زالوا بهذا الاسم حتى الآن بين شمر - , وعندما علم ( ولد سليمان ) أن هايس القعيط ومن معه قد كمنوا لإبلهم , هبوا وركبوا خيولهم , وراحوا للإبل بالمفلى من ليلتهم , وفي الصباح أغار عليهم جماعة هايس القعيط , يتقدمهم زعيمهم البطل الشجاع هايس , وحصلت المعركة بينهم , وهزم هايس القعيط وجماعته وألقي القبض على سبعين شخصا من جماعة القعيط يحملون الماء والشعير , للسبعين الجواد التي عليها الفرسان , وهؤلاء يسمون ( زماميل الخيل ) , وراح عقاب يطارد فرسان شمر المنهزمين , واتبعه أخوه حجاب , وعندما أبصر هايس القعيط عقابا لوحده وأخوه يتبعه بعيدا عنه , التفت إلى جماعته , وقال اليوم هذا يوم الثأر , انظروا عقابا وحده , والذي أتى به اليوم هو حظكم يا فرسان شمر , ويجب علينا أن نهب عليه جميعا لعلنا نظفر به , وإذا أراد الله وقتلناه , فقد أخذنا ثأر شمر جميعها , وذكرهم بفارس شجاع قتله عقاب بالعام الماضي , وهو هذلول الشويهري , وكان عزيزا على كل قبائل شمر , وفقدانه كان خسارة عليهم , فشحذ هممهم , واستثارهم , فصمموا أن يهبوا هبة رجل واحد , وفعلا جرى ذلك عندما اقتربوا من كثبان الرمل المسماة ( زبار اريك ) , وكان عقاب على مقربة منهم , فرجعوا شاهرين سلاحهم صفا واحدا ورشقوا عقابا بسلاحهم فقتلوا جواده , فخر على الأرض , ثم نزلوا عليه وقتلوه , واستمروا يطاردون أخاه حجابا فظفروا به وقتلوه , حصل هذا وفرسان ( ولد سليمان ) لا يعلمون عما حصل شيئا , وكانوا منشغلين عند السبعين شخصا الذين أسروهم , وبقوا يتقاسمون غنيمتهم , وما علموا أنهم خسروا بذلك عقاب الخيل وأخاه حجابا , وبهذا انهدم عز الشيخ سعدون , وتداعت أركان مجده , بفقدان أعز أبنائه . أما قبائل شمر فقد شفوا غليلهم بمقتل حجاب وعقاب , وطاب نومهم , وأخذ شعراؤهم يفخرون ويدبجون الشعر . منها قصيدتان لمبيريك التبيناوي , وواحدة لابن طوعان , وهذان من شعراء شمر البارزين , وهذه إحدى قصائد مبيريك التبيناوي :
إن كان ( هيْفا ) تزعَج العام الأصوات = ( نوت ٍ ) يروع اليوم جضّه قطينه عقاب ٍ رمنّه يوم الأفراس عجلات = وكلَن حثّات البراثن وتينه فوات قبل مدورين الجمالات = يا ليت عقّال الملا حاضرينه وحجاب ياما قال بالبيت : قم هات = عزّي لكم يا لابةٍ فاقدينه من زوبع ٍ والا السناعيس الآفات = فوات ما عوّد على مرتجينه خلوه زينين ( المياحه ) و ( الإرّات ) = وينام سعدون على سهر عينه هذي سلوم ٍ بيننا يالقرابات = يا حلو ردّات الجزا قبل حينه المياحة والإرّات : كلمات تدعى بها الغنم وتزجر , يعني انكم أرباب غنم , وارباب الغنم عند البادية أقل شأنا من أرباب الإبل . وهذه قصيدة التبيناوي الثانية :
يا عقاب عقبان المنيصب لوَن لك = واستلحقن يا عقاب راسك معه راس لا تحسب أن الخيل قاف ٍ عطن لك = ارقابهن عوج ٍ لكم عقب مرواس احذر من اللي بالقدح غذّين لك = شهب النواصي فوقهن كل مدباس هايس على صم الرمك عابي ٍ لك = عيّال زوبع مروية كل عبّاس بغربي زبار اوريك يوم اوجهن لك = راحت تدهدا جثّتك ما بها راس وهذه قصيدة الشاعر رشيد بن طوعان :
حر ٍ شهربسَ الزماميل والخيل = يدور صيداته بغرّاة الأجناب باوّل شبابه عذّب الكنس الحيل = وخبط بيمناه البحر عقب ما شاب راح النذير وصبّح النزل بالليل = وتكافحت فزعاتهم قبل الادّاب وتوافقوا بالعرق حد الغراميل = متكاظمين ٍ مثل أبا زيد وذياب وغشا زبار اوريك مثل الهماليل = ونشبت رماح القوم باقطّي الأصحاب وترايعوا للهوش ربع ٍ مشاكيل = حمّاية التالين والخيل هرّاب عيال الشيوخ مهربين الأخاويل = ردّوا على ربع ٍ تدانوا بالأنساب وان كان ( نوت ) تزعج الصوت بالحيل = لعيون ( هيفا ) نردع الشيخ بحجاب أربع ليال ٍ ما لقنّه المراسيل = علّيت وجه ٍ كوّح العصر بتراب حريمنا لجّن بزين الهلاهيل = متحرّيات شلعة الحر لعقاب وحريمهم تصرخ صريح المحاحيل = جاهن عليم ٍ مع هل الخيل ما طاب يا ضبيب لو ذبحت كل الزماميل = ذبحة دخيل البيت ما ترفع الباب دنياك هذي يالعواجي غرابيل = من شق جيب الناس شقوا له أجياب لقد أشار شعراء شمر إلى ( هيفا ) وإلى ( نوت ) : أما هيفا فهي والدة هذلول الشويهري , وأما نوت فهي زوجة عقاب العواجي , أشار شاعر شمر إلى ضبيب وذبحته ( للزماميل ) فضبيب المذكور هو ابن عم عقاب العواجي , ويقال أنه هو الذي تجرأ وقتل السبعين شخص الذين أسروهم , من جماعة هايس القعيط . وعندما رجع فرسان ( ولد سليمان ) مع ابلهم بالليل , أخذ سعدون العواجي , يقابل كل كوكبة من الخيل يسأل عن عقاب وحجاب , فيقولون له عهدنا بعقاب والخيل هاربة عنه , وهو يطاردها , وبقي سعدون على هذه الحال يسأل عن ابنيه , وعندما قرب الصباح وعقاب وأخوه لم يرجعا , وكان سعدون ساهرا طوال ليله والأسى يخامر نفسه , فقال هذه القصيدة :
البارحة نومي بروس الصعانين = طوال ليلي ما تهنـّـيت بمراح [center]كبد نعالجها بعوج الغلاوين = وروابع ٍ ما تودع القلب ينساح بلاي والله يا ملا خابر ٍ شين = تظهر علينا مرمسات ٍ الى راح اللي يكفّ الخيل كفّ البعارين = ويرخص بروحه يوم يغلون الأرواح خيّالنا يوم اكتراب الميازين = ويرعى بظله بالخطر كل مصلاح حالوا عليه اللي على الموت جسرين = لا وابعيْني ما يجاجون ذباح وبعد أن تأخر رجوع عقاب وحجاب , رجع فرسان ( ولد سليمان ) يبحثون عن زعيميهما , فوجدوهما قتيلين عند زبار ( اريك ) فدفنوهما على قمة كثيب من الرمل تسمى بـ ( أبرق الشيوخ ) ولا زال بهذا الاسم حتى الآن . . ورجعوا حزانى فقتل ( ضبيب ) الأسرى بثأر عقاب وحجاب , وهذا لم يكن مستحسنًا بعادات القبائل في الجزيرة العربية , وقد أشير عن مقتل السبعين الشخص بالقصائد السالفة الذكر . أما الشيخ سعدون فقد كبر مصابه بعد مقتل ابنيه , الذين أشادا مجده , وسجلا له مفاخر لا زالت باقية لعائلة العواجية , وملكا قبيلتهم ديارا لا زالوا عائشين بها , وقد قال الشيخ سعدون أشعارا كثيرة بابنيه , وهاتان قصيدتان منها , أولها :[/center]
ياونة ونيتها تسع ونـــــــات = مع تسع مع تســـعيـن مع عشر ألـوفي مع كثرهن باقصى الحشا مستكنـات = عداد خلق الله كــــثير الوصـــوفي ونة طريح طاح والخيل عجـــلات = كسره حدا الساقيــــن غاد ٍ سعـــوفي على سيوف بالملاقى مهمــــات = سيفين أغلى ما غــــدا من سيــوفي وعلى محوص بالموارد قويـــات = أسقي بهن لو القبـــــائل صــفوفي احشم بحشمتهن ولو هن بعيـــدات = وأنام لو ان الضــــوارى تــحوفي خليتني ياعقاب ما به مــــروات = عيالك صغار والــــدهر به جـنوفي من عقبكم ما نبكي الحي لو مـــات = ولاني على الدنيا كثــــير الحسوفي ياطول ما جريت بالصدر ونــات = على فراق معطرين الــــسيـوفي وياعقاب عقبك شفت بالوقت ميــلات = واوجست انا من ضيم بقعا حـــفوفي مرحوم يا نطـّـاح وجه المغيــرات = إن جن كراديس السبايا صفـــوفي مرحوم يا مشبع سباع ٍ مجيعــات = وعز الله أنه عقبكم زاد خـــوفـــي الخيل تدري بك نهار المثــارات = ياللي على كل الملا فيك نــوفـــي والخيل تقفي من فعولك مــعيفات = تاطا شخانيب الرضم ما تشوفـــي لا شك أن الشيخ سعدون فقد ساعدين من سواعده , بنيا له أرفع قمة من المجد , بفيافي نجد , بين قبائلها , وقد اشتهر عقاب وحجاب بين القبائل , وكانا محل إعجابهم بالجزيرة , ويضرب بهما المثل حتى الآن , فإن الناس إذا أعجبوا بشخص أو بعدد من الأشخاص يقولون كأن فلانا عواجي , أو كأن هؤلاء من العواجية , نسبة إلى عقاب وحجاب , ولا زال هذا المثل ساريا في نجد حتى الآن . وهذه القصيدة الثانية :
يا علي وين اللي رعينا بهم هيت = حال اللحد من دونهم والظلامي البارحة يا شمعة الربع ونيت = ونة صويب ومكْسِرِه بالعظامي أوما الشجر وانا بعد مثله أوميت = أوماي صقّار ٍ لطيره وحامي طير ٍ ليا جا الصيد يشبع هل البيت = جته هبوب ٍ مع جراد ٍ تهامي عز الله اني تو , يا علي ذلـّـيت = تبيّنَت وانا على الناس كامي وعز الله اني مع شفا البير هفّيت = هفّة قفي ٍ من عجوز المقامي واليوم من باقي حياتي تبرّيت = عقب الشيوخ معدلين الجهامي ويا علي عفت الحي من كثر ما ريت = وجرّيت للونات والقلب دامي وعذّبت قلبي في كثير التناهيت = والعين عيّت من بلاها تنامي راح عقاب الصيرمي شايع الصيت = يا علي من عقبه تراعد عظامي وهذه القصيدة شكى بها إلى صديق له يسمى عليا , يسأل عليه ويقول أين الذين كنا نرتع بهم في الفيافي , الآن أصبحوا من أصحاب اللحود , وأصبحت الظلمة تحول بينه وبينهما , إنه يسهر الليالي , ويئن مثل كسير العظام , إنه يرتجف ويومئ كما تومئ الشجرة , إنه الآن يحس بالخيفة , ويذل من كل شيء , وقد ظهر ذلك للناس , ولم يستطع أن يخفي خوفه , لقد أخذ يتبرأ من حياته , بعد أبنائه , إنه أباح ما يخفيه , بعدما تزلزلت الجبال التي كان يلتجئ في حماها , إنه بعد أن فقد عقابا بدأت ترتعد عظامه , وفرائصه , إنه فقد بطلين لا يمكن أن يقاضي بهما . لم يبق لسعدون بعدهما من يعتقد فيه خيرا , إلا حفيديه الصغيرين ابني عقاب وحجاب الحبيبين , لقد أخذ يربيهما , ويعلمهما فنون القتال , آملا أن يأخذا ثأر أبويهما من هايس القعيط . وعندما كملت رجولتهما , طلب أن يقول كل واحد منهما قصيدة , يبين فيها أنه سيأخذ ثأر والده , وعمه , وإذا أجاد أحدهما القول فسوف يعطيه المهرة بنت فرس عقاب المسماة ( فلحا ) وهذه آصل فرس عند قبائل ( ولد سليمان ) فقال ابن حجاب قصيدة لم تعجب جده , ثم قال ابن عقاب قصيدة أعجب بها , وهذه هي القصيدة :
يا ليت منهو جذ فلحا ثنيّه = والا رباع مسوسده بالمسامير أبي الى ما قيل زيعت رعيّة = وتوايقن مع الحني الغنادير انطح عليها سربة ٍ زوبعيّه = يجهر لميع سيوفها والمشاهير متقلد ٍ سيف سواه الحنيّه = أدور أبويه عند روس الخواوير أن كان ما ليّنت بالحبل ليّه = ماني عشير اللي نهوده مزابير لا بد من يوم ٍ يزرفل كميّه = وكل ٍ يحسّب مربحه والمخاسير ثار ٍ لبوي عقاب فرض ٍ عليّه = عليه وصاني زبون المقاصير سعدون جدي هو خلف والديّه = شيخ الجهامه والسلَف والمظاهير دين ٍ على هايس زبون الونيّه = أن ورّدوهن مثل اثامي الخنازير عيب ٍ علي العزوة الوايليّه = واحرم من الفنجال وسط الدواوير وعندما سمع شاعر شمر بقصيدة ولد عقاب أجابه بهذه الأبيات :
وش عاد لو جذيت فلحا ثنيّه = شمر يجونك فوق قب ٍ عطاطير أبوك ضرب بحربةٍ شوشليّه = كزّه حبيبي كزّة الدلو بالبير صابه غلام ٍ ما يعرف اللويّه = ما صدها يوم السبايا مناحير له عادة ٍ بالفعل في كل هيّه = عشّى ثنادي ابوك عوج المناقير وعيال زوبع ملحقين الرديّه = اللي تهزّع بالحروب الطوابير لقد فاز بالجائزة ابن عقاب فأعطاه جده الجواد بنت ( فلحا ) وأخذ سعدون ينظر إلى ابن عقاب بإعجاب , ويداعبه الأمل أنه سيشفي غليله , ويأخذ الثأر من الشيخ هايس القعيط . ومن الفرص الغريبة التي قدر فيها لابن عقاب أن يأخذ بثأر أبيه وعمه , ويقضي على هايس القعيط , أنه حصل بين غنيم ( الربضا ) بن بكر شيخ السويلمات من العمارات , حصل بينه وبين هايس القعيط تصادم في وديان عنزة , وطال الحرب بينهما , وأرسل غنيم بن بكر الربضا لقبائل عنزة , يطلب منهم النجدة والعون , وكذلك هايس القعيط أرسل لقبائل شمر يستنجدهم , فأخذت الإمدادات من كل القبيلتين تترى على موقع المعركة , وقد سنحت الفرصة لسعدون العواجي , فعندما علم بذلك , أمر حفيده , وأمله الوحيد , ابن عقاب , بالشخوص فورا إلى المكان الذي تدور فيه رحى الحرب بين غنيم وبين هايس . . . وأوصاه بأن لا ينسى ثأره من قاتل أبيه وعمه . لقد سارع ابن عقاب إلى أمنيته التي كان يترقبها , فاشترك بخوض المعركة , وكل ما يهمه هو أن يرى غريمه وقاتل أبيه وعمه , وبعد أن رآه بأم عينه , وتأكد من شخصيته , وليست بخافية , لأن شخصية هايس القعيط معروفة , مقداما جريئا , لا يرهب الموت , ودائما هو في مقدمة الفرسان , رغم تقدمه بالسن , وعندما هجم هايس على فرسان عنزة , يتقدم فرسان شمر , انقض عليه ابن عقاب مثل النمر الكاسر , وأغمد ذبابة سيفه بخاصرته , وانتحى به عن مكان المعركة , إلى أن ابتعد عن الفرسان , ثم أمسك رقبته وترجل عن به على الأرض , والتفت إليه هايس القعيط , فقال له ابن عقاب : هل تعرفني ؟ فقال : أنت ابن عقاب العواجي , ولا شك انك تشبهه , ولكن لم أقتله أنا , فالذي قتله غيري , فقال ولد عقاب : أنا لا أسلك عن ذلك , ولكنني أسألك بالله أن تبلغ سلامي والدي إذا وصلته في الدار الآخرة , وتخبره بأني أخذت بثأره , وتشرح له كل ما رأيت بعينك , ثم علا رأسه بالسيف , وفصله عن جثته , وبعد ذلك طارت البشائر إلى الشيخ سعدون العواجي , بأن حفيده قد قتل هايس القعيط , وقد اجتمع رجال الحي يهنئونه , وقد عقر الإبل , وعمل الأعياد عند قبائل ( ولد سليمان ) وكان يوما مشهورا عندهم , وأخذ النساء يزغردن , بعد أن لبسن زيناتهن , وطاب نوم الشيخ سعدون , وبات قرير العين , وأخذ ينشد :
يا سابقي رد البرا , مات راعيه = الجيش حزّب والرّمك موفلاتي يا ناس زول عقاب ماني بناسيه = عقبه فلا تسوى ريال ٍ حياتي لو من إذا جروٍ لقا ما إذا فيه = كان العرب كله تسوّي سواتي الورد ورع عقاب لا خاب راجيه = حوّل بهايس ما تناسى وصاتي كزّه لبوه ويذكر انه موصيه = يعد ما شافت عيونه ثباتي الخيل تثقل لين تسمع عزاويه = ومن يوم سمعنّه وهن مقفياتي لعل ورع ٍ ما مشى درب أهاليه = تشلق عليه جيوبها المحصناتي وبهذه الفترة عيّن الأمير عبدالله بن علي بن رشيد أميرا لحائل من قبل الإمام فيصل بن سعود , بعد أن عزل أميرها الأول ابن علي , وظل عبدالله بن علي بن رشيد أميرا على حائل , والمناطق الشمالية من المملكة , وعندما علم بذلك مشائخ قبائل الشمال توافدوا إليه , وكل منهم يقدم الهدايا للأمير الجديد , ومن بين الذين قدموا إليه غنيم بن بكر الربضا , وكان مهديا إلى ابن رشيد ثلاثا من الخيل , وقد قبلها عبدالله بن رشيد , وعندما كان غنيم الربضا جالسا عند أمير حائل , كان مع الجالسين شاعر شمر ابن طوعان , وكان مكفوف البصر , وطاعنا بالسن , فقال له الأمير عبدالله بن رشيد : هذا غنيم الربضا يا ابن طوعان قم وسلم عليه , وعلى الفور أجابه ابن طوعان بهذين البيتين من الشعر , موجهها لغنيم الربضا يحرض فيها عبدالله بن رشيد عليه :
يا غنيم عندك هايس نطلبك دين = خيّال تالي شمر بالسنودي إن كان ما جازاك عنها صباحين = ماهو ولد علي عريب الجدودي وبعد أن سمع أمير حائل هذين البيتين من ابن طوعان , التفت إلى غنيم الربضا , وأمره أن يرجع إلى أهله , وقال له : إننا أمرنا بإرجاع خيلك التي أهديتها لنا إليك , وأنت في أمان إلى أن تصل إلى أهلك , وبعد ذلك اعتبر نفسك من الأعداء , ولا بد لنا أن نأخذ ثأر هايس القعيط منك , لأنك أنت زعيم المعركة , التي قتل فيها هايس القعيط , ولذلك فأنت المطلوب بدمه , وقيل أن ابن رشيد غزاه بعد ذلك , وأنه قتله في وديان عنزه . وأسجل هنا نبذة للتاريخ عن قبيلة آل بريك , التي يرأسها هايس القعيط , ولم يزل أحفاده رؤساء لهذه القبيلة و ولا زالت هذه القبيلة مع شمر : والواقع أن هذه القبيلة هي قسم من قبيلة آل بريك التي هي من قبيلة الدواسر , ولكن حصل بينهم حادثة أدت إلى قتال ودماء , وعلى إثر ذلك رحل جماعة هايس القعيط من ابناء عمهم , والتجأوا عند الجربان شيوخ قبيلة شمر , عندما كانوا يقطنون شمالي المملكة , وقد أعزهم الجربان وأكرموهم وبقوا معهم طويلا , وأخيرا حالفوا الجربان , وقد قربوهم دون سواهم , ولم يزالوا ساعد الجربان الأيمن بالملمات , وحتى الآن وهم عند الجربان من المقربين , بل ويعتزون بوجودهم عندهم , وكانوا مشهورين بالإقدام , ولهم شهرة عظيمة , ومعروف عند أهل نجد الآن أنهم فخذ من فخوذ قبيلة الدواسر , ولم ينزحوا إلا بأسباب الدم الذي حصل بينه وبين إخوانهم آل بريك , وكان لجوؤهم إلى شمر قبل ثلاثمائة سنه تقريبا . |
03-10-2007, 01:11 | #6 |
مشرف القسم العام
|
رد : الفــارسان عقــاب وحجــاب أبناء سعــدون العـواجي
مشكووووووووووور أخوي سلامه العايد
بارك الله فيك وحفظك الله والله يوفقك ويسعدك ويسخرلك ان شاءالله الله يعطيك العافيه على موضوع الرائع وتسلم يمينك |
|
22-10-2007, 01:16 | #10 |
ضيف
|
رد : الفــارسان عقــاب وحجــاب أبناء سعــدون العـواجي
مشكــــــــــور ع القصــهـ
يابن عايـــــــــــــد ويعطيييييييك الف عافييييييييه ولاتحرمنا من جديدك يالغلا [16]ولازعــل ولاشي حنا اكــبــر من ذا الاموريابن العم وبيض الله وجهك [/16] طــربـ نجد العذيه ـان |
|
22-10-2007, 03:14 | #11 |
ضيف
|
رد : الفــارسان عقــاب وحجــاب أبناء سعــدون العـواجي
وا كبدي اللي كن به حمو لالـي بالقيظ وإلا حامـي الجمـر نالـه تفـوح فـوح مبهّـرات الدلالـي جزل ٍ حطبها ركّـده ثـم شالـه تشبيه فضيع سلمت سلامه ع القصه والقصائد الجميله الله يعطيك العافيه |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|